ليس غريباً أن تتحوّل الشاشات اللبنانية إلى منابر للاتهامات و"الردح" المباشر على الهواء. فالإعلام المرئي اللبناني أنشئ في الأساس على محاصصات وتقسيمات سياسيّة، وُزّعت فيه "جبنة الطائفيّة" على ثماني محطّات، لكلّ منها مشروعها ورؤيتها السياسيّة، لا بل خطّها الذي لا يتردّد في تخوين "الرأي الآخر". وهو التخوين الذي بدأ بشكل واضح بعد العام 2005، وتحديداً بعد اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، ليتصاعد ويصل إلى ذروته مع الثورة السورية وتورّط "حزب الله" في القتال هناك إلى جانب النظام.
هكذا يتحوّل الخبر على القنوات اللبنانيّة إلى وجهة نظرٍ تبعاً للسياسة التي تتأثر بها، أو تعمل على أساسها كُلّ قناة. فلا يُمكن أن تبثّ تلك القنوات قصّة أو تقريراً إلا لغايات ما، ولا تحتجب بثّ تلك المواد إلا للغايات نفسها. وهكذا أيضاً، تحوّلت ما تُعتبر "أكثر فقرة رصينة في الإعلام"، أي نشرة الأخبار، إلى منبرٍ لبثّ شتائم واتهامات متبادلة بين القنوات على مدى زمن.
الجديد في مسلسل "الردح"، هو ما حصل خلال اليومين الماضيين، بين قناتي "الجديد" (يملكها تحسين الخياط) وNBN (تابعة لحركة أمل ورئيس مجلس النواب نبيه بري)، وبالأحرى هو ردّ الأخيرة على خبر ورد في مقدمة سابقتها. فقد قالت قناة "الجديد" في مقدمة نشرتها المسائيّة، المعروفة باحتوائها رسائل سياسيّة بلغةٍ حادّة دائماً، يوم السبت الماضي، إنّ "مواقف مطار بيروت مخطوفة حصراً لصفقة بين شركة الخرافي وبري، بتجاوز قرار مجلس شورى الدولة، واستعمال الوصاية السياسية على ديوان المحاسبة، واستخدام كلّ الطاقة المشغّلة لوزير الأشغال غازي زعيتر، العامل ضمن إطار فريق بري". وأضاف مقدم النشرة، المذيع جورج صليبي: "هذه هي حقيقة مواقف مطار بيروت، التي يسعى بري إلى تلزيمها لشركة خرافية تُشغّل تلفزيون NBN.. وهذه هي الدولة التي لا يهزّها مجلس شورى ولا أسعار باهظة للباركينغ (مواقف السيارات)".
في أقلّ من أربعين ثانية، أنهت قناة "الجديد" مقطعها المتعلق ببري، في المقدمة الممتدة على ثلاث دقائق، لكنّ ردّ NBN جاء كوصلة أقرب إلى "خناقة" في الشارع، امتدّت على دقيقتين كاملتين. فبدأت مذيعة القناة، يارا ابراهيم، نشرة الأخبار يوم الأحد بالقول "طالعتنا بالأمس دكانة تحسين الخياط المسمّاة قناة "الجديد" بمقدمة إخباريّة تضمّنت أكاذيب وافتراءات بحق الرئيس نبيه بري، وقناة NBN بأنّهما يسعيان لتمويل الأخيرة من مشروع مواقف السيارات في مطار بيروت الدولي، الذي تُشغّله شركة الخرافي. حسناً إذاً، من دقّ الباب فليسمع الجواب. وليسمع من يعنيه الأمر رأينا بصاحب القناة المدعو تحسين الخياط. نعلم ويعلم الجميع أنّ صاحب قناة "الجديد" هو مجرّد دجّال (...) الذي من خلال دجله وأكاذيبه يموّه أعماله وصفقاته وسرقاته في الكهرباء والدواء والورق والإعلام، حتى بات مدرسةً في الدجل والكذب والفساد والنفاق. (...) هو الذي حوّل قناته الإعلاميّة إلى "باركينغ" للسمسرة والمنافع الشخصيّة وما أكثرها. (...) نحن هنا لا نهينك تحسين خياط بل نوصفك، كما هو سعرك في السوق مع الفائدة التي تجنيها مع كلّ طلعة شمسٍ من مشغّليك، فأنت من يستخدم ويشغل لاستهداف الرئيس نبيه بري وحركة أمل وكل الشرفاء الذين باتوا يعرفون ألاعبيك الوسخة...".
في هذه الوصلة الجديدة، رائحةٌ واضحة لتقاسم ومحاصصة في صفقة مواقف السيارات في مطار بيروت. وهي تأتي أيضاً بعد فترة قصيرة من وصلة شهدتها القنوات منذ أشهر قليلة، مع بروز فضيحة الإنترنت غير الشرعي. فقد دارت حرب إعلامية بين قنوات "ال بي سي آي" و"الجديد" من جهة و"أم تي في" من جهة أخرى، أنذاك، حيث اتهمت القناتان الأولان، رئيس مجلس إدارة "أم تي في"، ميشال المر ووالده غابرييل المر، بامتلاك محطة إنترنت غير شرعية في مركز التزلج في الزعرور، فبثت LBCI تقريراً بعنوان "إنترنت الزعرور... مسلحون وتهديد"، ذكرت فيه القناة أن "أكثر من 20 مسلحاً تابعين لميشال المر هجموا على فريق أوجيرو، أثناء حملتهم بمكافحة الإنترنت غير الشرعية في مركز التزلج بالزعرور، وأفرغوا سيارات أوجيرو من المضبوطات وأخفوا الكابلات، وبعد تدخل أحد الضباط في القوى الأمنية وإثر اتصالات عدة، تسلم فريق أوجيرو المضبوطات مجدداً من دون الكابلات المتعلقة بالمحطة، ولم يبلغ فريق أجيرو الضابط بذلك بسبب التهديد الذي تعرض له". كما بثّت قناة "الجديد" حينها رئيس هيئة "أوجيرو" عبد المنعم يوسف، الذي قال، إنّ شركة "Virtual-ISP" التي فككت شبكتها في منطقة عيون السيمان، يقوم بإدارتها كل من هاغوب تكايان وهيثم علوش ورينو سماحة، لتعود وتبث تقريراً تؤكد فيه أن شركة "Virtual-ISP" مملوكة من النائب السابق، إميل إميل، لحود ورئيس مجلس إدارة الـ"أم تي في" ميشال المر والمحامي نصري لحود.
من جانبها، ردت قناة MTV على المحطتين في تقرير خلال نشرتها، نافيةً ما يتم تداوله عن امتلاك رئيس مجلس إدارتها محطة للإنترنت غير الشرعي، متهمةً عبد المنعم يوسف باستخدام الإعلام لإخفاء فشله وفضائحه في قطاع الإنترنت، واتهمته بالتواطؤ مع محطتي LBCI والجديد لفبركة فضيحة من نسج الخيال. كما تحدثت عن انتحال موظفي أوجيرو صفة أمنية للدخول إلى الزعرور. وقالت القناة إنّ شركة الإنترنت في الزعرور تدعى 121، وهي مرخصة من وزارة الاتصالات ومدرجة في كل مواقع الوزراة بالاسم والعنوان. واعتبرت القناة أن المحطتين التلفزيونيتين لديهما "حسد مما بلغته الـ"أم تي في" من منافسة أثبتتها الأرقام".
وهددت المحطة برفع دعوى قضائية ضد "ال بي سي آي" و"الجديد" لإثبات "كذبهما" في حال لم تعتذر القناتان لميشال المر في النشرات الإخبارية. ويعود الغمز والهجوم بين القنوات اللبنانيّة إلى زمنٍ، لعلّ أبرز مسبّباته سابقاً كان التراشق والمنافسة على نسبة المشاهدة، ومن منها احتلّت المرتبة الأولى على قياس المشاهدة.
اقــرأ أيضاً
الجديد في مسلسل "الردح"، هو ما حصل خلال اليومين الماضيين، بين قناتي "الجديد" (يملكها تحسين الخياط) وNBN (تابعة لحركة أمل ورئيس مجلس النواب نبيه بري)، وبالأحرى هو ردّ الأخيرة على خبر ورد في مقدمة سابقتها. فقد قالت قناة "الجديد" في مقدمة نشرتها المسائيّة، المعروفة باحتوائها رسائل سياسيّة بلغةٍ حادّة دائماً، يوم السبت الماضي، إنّ "مواقف مطار بيروت مخطوفة حصراً لصفقة بين شركة الخرافي وبري، بتجاوز قرار مجلس شورى الدولة، واستعمال الوصاية السياسية على ديوان المحاسبة، واستخدام كلّ الطاقة المشغّلة لوزير الأشغال غازي زعيتر، العامل ضمن إطار فريق بري". وأضاف مقدم النشرة، المذيع جورج صليبي: "هذه هي حقيقة مواقف مطار بيروت، التي يسعى بري إلى تلزيمها لشركة خرافية تُشغّل تلفزيون NBN.. وهذه هي الدولة التي لا يهزّها مجلس شورى ولا أسعار باهظة للباركينغ (مواقف السيارات)".
في أقلّ من أربعين ثانية، أنهت قناة "الجديد" مقطعها المتعلق ببري، في المقدمة الممتدة على ثلاث دقائق، لكنّ ردّ NBN جاء كوصلة أقرب إلى "خناقة" في الشارع، امتدّت على دقيقتين كاملتين. فبدأت مذيعة القناة، يارا ابراهيم، نشرة الأخبار يوم الأحد بالقول "طالعتنا بالأمس دكانة تحسين الخياط المسمّاة قناة "الجديد" بمقدمة إخباريّة تضمّنت أكاذيب وافتراءات بحق الرئيس نبيه بري، وقناة NBN بأنّهما يسعيان لتمويل الأخيرة من مشروع مواقف السيارات في مطار بيروت الدولي، الذي تُشغّله شركة الخرافي. حسناً إذاً، من دقّ الباب فليسمع الجواب. وليسمع من يعنيه الأمر رأينا بصاحب القناة المدعو تحسين الخياط. نعلم ويعلم الجميع أنّ صاحب قناة "الجديد" هو مجرّد دجّال (...) الذي من خلال دجله وأكاذيبه يموّه أعماله وصفقاته وسرقاته في الكهرباء والدواء والورق والإعلام، حتى بات مدرسةً في الدجل والكذب والفساد والنفاق. (...) هو الذي حوّل قناته الإعلاميّة إلى "باركينغ" للسمسرة والمنافع الشخصيّة وما أكثرها. (...) نحن هنا لا نهينك تحسين خياط بل نوصفك، كما هو سعرك في السوق مع الفائدة التي تجنيها مع كلّ طلعة شمسٍ من مشغّليك، فأنت من يستخدم ويشغل لاستهداف الرئيس نبيه بري وحركة أمل وكل الشرفاء الذين باتوا يعرفون ألاعبيك الوسخة...".
Facebook Post |
في هذه الوصلة الجديدة، رائحةٌ واضحة لتقاسم ومحاصصة في صفقة مواقف السيارات في مطار بيروت. وهي تأتي أيضاً بعد فترة قصيرة من وصلة شهدتها القنوات منذ أشهر قليلة، مع بروز فضيحة الإنترنت غير الشرعي. فقد دارت حرب إعلامية بين قنوات "ال بي سي آي" و"الجديد" من جهة و"أم تي في" من جهة أخرى، أنذاك، حيث اتهمت القناتان الأولان، رئيس مجلس إدارة "أم تي في"، ميشال المر ووالده غابرييل المر، بامتلاك محطة إنترنت غير شرعية في مركز التزلج في الزعرور، فبثت LBCI تقريراً بعنوان "إنترنت الزعرور... مسلحون وتهديد"، ذكرت فيه القناة أن "أكثر من 20 مسلحاً تابعين لميشال المر هجموا على فريق أوجيرو، أثناء حملتهم بمكافحة الإنترنت غير الشرعية في مركز التزلج بالزعرور، وأفرغوا سيارات أوجيرو من المضبوطات وأخفوا الكابلات، وبعد تدخل أحد الضباط في القوى الأمنية وإثر اتصالات عدة، تسلم فريق أوجيرو المضبوطات مجدداً من دون الكابلات المتعلقة بالمحطة، ولم يبلغ فريق أجيرو الضابط بذلك بسبب التهديد الذي تعرض له". كما بثّت قناة "الجديد" حينها رئيس هيئة "أوجيرو" عبد المنعم يوسف، الذي قال، إنّ شركة "Virtual-ISP" التي فككت شبكتها في منطقة عيون السيمان، يقوم بإدارتها كل من هاغوب تكايان وهيثم علوش ورينو سماحة، لتعود وتبث تقريراً تؤكد فيه أن شركة "Virtual-ISP" مملوكة من النائب السابق، إميل إميل، لحود ورئيس مجلس إدارة الـ"أم تي في" ميشال المر والمحامي نصري لحود.
من جانبها، ردت قناة MTV على المحطتين في تقرير خلال نشرتها، نافيةً ما يتم تداوله عن امتلاك رئيس مجلس إدارتها محطة للإنترنت غير الشرعي، متهمةً عبد المنعم يوسف باستخدام الإعلام لإخفاء فشله وفضائحه في قطاع الإنترنت، واتهمته بالتواطؤ مع محطتي LBCI والجديد لفبركة فضيحة من نسج الخيال. كما تحدثت عن انتحال موظفي أوجيرو صفة أمنية للدخول إلى الزعرور. وقالت القناة إنّ شركة الإنترنت في الزعرور تدعى 121، وهي مرخصة من وزارة الاتصالات ومدرجة في كل مواقع الوزراة بالاسم والعنوان. واعتبرت القناة أن المحطتين التلفزيونيتين لديهما "حسد مما بلغته الـ"أم تي في" من منافسة أثبتتها الأرقام".
وهددت المحطة برفع دعوى قضائية ضد "ال بي سي آي" و"الجديد" لإثبات "كذبهما" في حال لم تعتذر القناتان لميشال المر في النشرات الإخبارية. ويعود الغمز والهجوم بين القنوات اللبنانيّة إلى زمنٍ، لعلّ أبرز مسبّباته سابقاً كان التراشق والمنافسة على نسبة المشاهدة، ومن منها احتلّت المرتبة الأولى على قياس المشاهدة.