12 نوفمبر 2024
نحو نسخة كفاحية فلسطينية خامسة
مرّ الكفاح الوطني الفلسطيني بأربع مراحل كفاحية رئيسة، كل واحدة بنسخةٍ مميزةٍ عن غيرها، أو قل إن كلاً منها كان فصلاً متمماً لسابقه في مجلد الثورة الفلسطينية المعاصرة، فبدت جميعها حلقات مترابطة في السلسلة الذهبية الطويلة. وفيما اختلفت خصائص كل واحدة باختلاف الظروف الموضوعية، إلا أنها حققت معاً، وبتفاوتٍ، معظم ما كان مطلوباً منها، وها هي الثورة بطابعها الشعبي الراهن، بعد إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، تقف اليوم أمام مرحلة خامسة، أحسب أنها ستكون بنسخة مغايرة لسابقاتها، بحكم ما استقته من دروسٍ وعبر مفيدة.
كان الكفاح المسلح فاتحة الدرب الفلسطيني، وأيقونته الفريدة، دفع فيه المقاومون ثمناً باهظاً، إلا أنهم جنوا في مضماره الذي انتهى بخروج الثورة من لبنان عام 1982، مكاسب تأسيسية عظيمة، لعل في مقدمتها بعث الهوية الوطنية، وانتزاع وحدانية التمثيل، وتجديد الحضور السياسي الذي حوّل الكتلة السكانية المهمشّة المعزولة، والفائضة عن جغرافيا المنطقة، إلى شعب مناضل من أجل الحرية، له تمثيله الناجز وكينونته السياسية، الأمر الذي جعل هذه المرحلة حجر الأساس لكامل البنية الفلسطينية متعددة الطوابق.
بعد ذلك جرّب الفلسطينيون، في غضون العقود الثلاثة الأخيرة، ثلاث نسخ مختلفة في نضالهم، الذي باتت الأرض المحتلة، بعد اتفاق أوسلو، حاضنته الحصرية؛ الأولى كانت انتفاضة الحجارة المجيدة، التي أفضت نهاياتها، في التحليل الأخير، إلى تأسيس أول كيان سياسي فلسطيني أعاد قلب الهرم على قاعدته الحقيقية، وأقام أول سلطة منتخبة، والثانية كانت المفاوضات المباشرة التي دامت نحو ربع قرن وظلت تراوح في مكانها. أما النسخة الثالثة فكانت الانتفاضة المسلحة عام 2000، التي كانت نتائجها وبالاً على الشعب، وعلى سلطته، ومشروعه الاستقلالي المتعثر.
بمعنى آخر، جرّب الفلسطينيون كل أشكال الكفاح الوطني المتاحة ضد الاحتلال (الانتفاضة السلمية، المفاوضات والانتفاضة المسلحة)، من دون أن يتمكّنوا من تحقيق غاياتهم النهائية في الخلاص من الاستعمار الصهيوني، وإقامة دولتهم المستقلة، ليس لأسباب ضعف ذاتية فقط، وإنما لشدة الخلل في ميزان القوة، الأمر الذي يدفع بالضرورة الموضوعية إلى اجتراح شكل كفاحي جديد، حتى لا نقول نسخة جديدة، ربما آن أوان كتابة نصها الآن، في غمرة الاحتجاجات الشعبية الراهنة ضد الإعلان الأميركي الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
ومع أن الانتفاضة لا تتم بقرار مركزي، ولا بكبسة زر، إلا أنني أحسب أن هذه هي اللحظة التاريخية المواتية التي ينبغي الإمساك بها قبل أن تفلت من بين الأيدي، وتتبدّد الفرصة الملائمة لإطلاق انتفاضة ثالثة طال انتظارها، على أن تكون مختلفة عن سابقتيها، من حيث المفهوم والشكل والأدوات والخطاب، وربما القيادة الميدانية، فليس من المنطقي إعادة إنتاج انتفاضة جديدة بالشعارات القديمة ذاتها، وبالأساليب غير المنتجة إياها، لعل ذلك يحقق ما عجزت الانتفاضتان السابقتان عن تحقيقه.
نقول ذلك تحت ضغط المشاهد غير المريحة الواردة من الأرض المحتلة، وفي مقدمتها كثرة الأعلام الفصائلية، وقلة عدد المتظاهرين في نقاط الاشتباك مع القوات الإسرائيلية. إذ باستثناء أيام الجمعة، تبدو الصور المبثوثة من عين المكان أقل من التوقعات، وأدنى بكثير مما كان عليه الحال أيام هبة القدس ضد البوابات الإلكترونية في الصيف الماضي، الأمر الذي لا يدعو إلى التفاؤل حقاً، ولا يبشر بإمكانية استقطاب الجماهير زرافاتٍ إلى الشارع مجدّداً، اذا استمر الوضع على ما هو عليه خلال الفترة القصيرة المقبلة.
ومع أن الصورة من غزة مختلفة من حيث الحجم والاندفاع والكثافة، إلا أن صورة المتظاهرين قرب الحاجز الحدودي تبدو أقرب إلى فشّة الخلق، يقوم بها أسرى داخل المعتقل الكبير المقام في الهواء الطلق، يعبرون فيها عن تماثلهم مع أشقائهم في الضفة الغربية، حيث ميدان المعركة الأساسية، ويدفعون من دمائهم ضريبةً وطنيةً بلا طائل، طالما أن قوات الاحتلال خارج الطوق الشائك آمنة مطمئنة، تطلق النار على فتية ممتلئين حماسةً وعفوية، وترديهم بدم بارد وبسادية مفرطة، من غير أن تتعرّض لمساءلة قانونية أو أخلاقية.
وليس من شك في أن الانتفاضة، بمفهومها الكلاسيكي، تعني ضحايا وتكلفة باهظة، وخسائر بشرية ومادية، واضطراب حياة، الأمر الذي قد لا تستجيب له قطاعات شعبية عريضة، من خارج فئة الشباب الفائض بالحيوية، وهو ما ينبغي معه إبداع شكل كفاحي يتسع لمشاركاتٍ واسعة، من الرجال والنساء والطلاب، وغيرهم من الناس غير القادرين على إشعال النيران في الإطارات، وإلقاء الحجارة، وليس لديهم أيضاً جرأة الاشتباك مع جنود مدججين بالسلاح والأحقاد في النقاط الساخنة، ومن ثمّة تحمل تبعات المواجهات الثقيلة وأوزارها.
في النسخة الكفاحية الخامسة، التي نحن بصددها اليوم، ينبغي تجنب اللعب في ملعب القوة العسكرية المجرّدة التي تفضّله إسرائيل، والعمل بدل ذلك على جرّها إلى حيث يمكن التفوق عليها أخلاقياً وسياسياً، لتحطيم صورتها الخارجية، وتشديد عزلتها الدبلوماسية. فماذا لو تم مهاجمة حواجز الاحتلال بمسيراتٍ سلمية، تعزف فيها الموسيقى بدلاً من رمي الحجارة، ويدبك فيها الشباب وترقص خلالها الشابات بتلقائية، عوضاً عن إشعال الإطارات؟ وماذا لو جرى ذلك كله تحت رقابة المراسلين وكاميرات شبكات التلفزة العالمية؟
ولعل الفعالية التي جرت على ميدان المنارة في رام الله، أواسط شهر ديسمبر/ كانون الأول الجاري، وما تخللها من مظاهر احتجاج سلمية لا سابق لها، قوامها الرقص والغناء وقرع الطبول وما إلى ذلك، تقدم نموذجاً مناسباً لاجتراح نص كفاحي جديد، يعيد إلى الأذهان النص الحجري الملهم في الانتفاضة الأولى، تكتبه هذه المرة قوى مدنية من خارج الإطار الفصائلي، لديها الإصرار على تجنب أخطاء الماضي، والرغبة في الاشتراك بانتفاضة سلمية، عبر أدوات نضالية مختلفة، وملائمة لقدراتها المتفاوتة بتفاوت القطاعات الاجتماعية، التي لا تجيد كلها إلقاء الحجارة، ولا تستطيع دفع كلفة فوق طاقتها الإنسانية.
إذ بحسب التقارير الصحافية، ومنها تقرير في "العربي الجديد"، انطلقت في رام الله وفي غيرها من مدن الضفة الغربية، على نحو منسق سلفاً، من قوى المجتمع المدني، وبتوقيت واحد متفق عليه مسبقاً، سلسلة من الفعاليات الشعبية المماثلة، تحت مسمى "ضجيج"، امتدت إلى غزة وكندا وتركيا وفرنسا وألمانيا وسويسرا ولبنان والمغرب وتونس والجزائر، لإحداث ضجيج متزامن على أوسع نطاق ممكن، وكسر حالة الصمت الدولي الراهنة، باستخدام كل وسائل رفع الصوت المتاحة، بما في ذلك قرع الطبول والصفارات وأدوات الطبخ المنزلي والعزف والأهازيج الفلسطينية، وكل ما من شأنه التشويش على دونالد ترامب.
خلاصة القول؛ إن النسخة الكفاحية الخامسة، وهي قيد الكتابة الآن على ما يبدو، هدفها تقليل الخسائر إلى أبعد حد ممكن، وإدامة الفعاليات الشعبية إلى أطول وقت متاح، عبر اللجوء إلى أدوات نضالية رشيدة، تكبح جماح احتلال متوحش وسادي، لا يتورع عن القتل بدم بارد، على غرار فعالية الضجيج المشار إليها آنفاً، وغيرها من فعاليات المواجهة بالقوة الناعمة، مثل قطع طريق المستوطنين بالمسيرات والرقص الشعبي، والصلاة على الأرصفة، والتظاهر ليلاً بالمشاعل، وإقامة الأعراس في الميادين، وما إلى ذلك من وسائل سوف تتفتق عنها القريحة الشعبية المبدعة، من دون أدنى ريب.
كان الكفاح المسلح فاتحة الدرب الفلسطيني، وأيقونته الفريدة، دفع فيه المقاومون ثمناً باهظاً، إلا أنهم جنوا في مضماره الذي انتهى بخروج الثورة من لبنان عام 1982، مكاسب تأسيسية عظيمة، لعل في مقدمتها بعث الهوية الوطنية، وانتزاع وحدانية التمثيل، وتجديد الحضور السياسي الذي حوّل الكتلة السكانية المهمشّة المعزولة، والفائضة عن جغرافيا المنطقة، إلى شعب مناضل من أجل الحرية، له تمثيله الناجز وكينونته السياسية، الأمر الذي جعل هذه المرحلة حجر الأساس لكامل البنية الفلسطينية متعددة الطوابق.
بعد ذلك جرّب الفلسطينيون، في غضون العقود الثلاثة الأخيرة، ثلاث نسخ مختلفة في نضالهم، الذي باتت الأرض المحتلة، بعد اتفاق أوسلو، حاضنته الحصرية؛ الأولى كانت انتفاضة الحجارة المجيدة، التي أفضت نهاياتها، في التحليل الأخير، إلى تأسيس أول كيان سياسي فلسطيني أعاد قلب الهرم على قاعدته الحقيقية، وأقام أول سلطة منتخبة، والثانية كانت المفاوضات المباشرة التي دامت نحو ربع قرن وظلت تراوح في مكانها. أما النسخة الثالثة فكانت الانتفاضة المسلحة عام 2000، التي كانت نتائجها وبالاً على الشعب، وعلى سلطته، ومشروعه الاستقلالي المتعثر.
بمعنى آخر، جرّب الفلسطينيون كل أشكال الكفاح الوطني المتاحة ضد الاحتلال (الانتفاضة السلمية، المفاوضات والانتفاضة المسلحة)، من دون أن يتمكّنوا من تحقيق غاياتهم النهائية في الخلاص من الاستعمار الصهيوني، وإقامة دولتهم المستقلة، ليس لأسباب ضعف ذاتية فقط، وإنما لشدة الخلل في ميزان القوة، الأمر الذي يدفع بالضرورة الموضوعية إلى اجتراح شكل كفاحي جديد، حتى لا نقول نسخة جديدة، ربما آن أوان كتابة نصها الآن، في غمرة الاحتجاجات الشعبية الراهنة ضد الإعلان الأميركي الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
ومع أن الانتفاضة لا تتم بقرار مركزي، ولا بكبسة زر، إلا أنني أحسب أن هذه هي اللحظة التاريخية المواتية التي ينبغي الإمساك بها قبل أن تفلت من بين الأيدي، وتتبدّد الفرصة الملائمة لإطلاق انتفاضة ثالثة طال انتظارها، على أن تكون مختلفة عن سابقتيها، من حيث المفهوم والشكل والأدوات والخطاب، وربما القيادة الميدانية، فليس من المنطقي إعادة إنتاج انتفاضة جديدة بالشعارات القديمة ذاتها، وبالأساليب غير المنتجة إياها، لعل ذلك يحقق ما عجزت الانتفاضتان السابقتان عن تحقيقه.
نقول ذلك تحت ضغط المشاهد غير المريحة الواردة من الأرض المحتلة، وفي مقدمتها كثرة الأعلام الفصائلية، وقلة عدد المتظاهرين في نقاط الاشتباك مع القوات الإسرائيلية. إذ باستثناء أيام الجمعة، تبدو الصور المبثوثة من عين المكان أقل من التوقعات، وأدنى بكثير مما كان عليه الحال أيام هبة القدس ضد البوابات الإلكترونية في الصيف الماضي، الأمر الذي لا يدعو إلى التفاؤل حقاً، ولا يبشر بإمكانية استقطاب الجماهير زرافاتٍ إلى الشارع مجدّداً، اذا استمر الوضع على ما هو عليه خلال الفترة القصيرة المقبلة.
ومع أن الصورة من غزة مختلفة من حيث الحجم والاندفاع والكثافة، إلا أن صورة المتظاهرين قرب الحاجز الحدودي تبدو أقرب إلى فشّة الخلق، يقوم بها أسرى داخل المعتقل الكبير المقام في الهواء الطلق، يعبرون فيها عن تماثلهم مع أشقائهم في الضفة الغربية، حيث ميدان المعركة الأساسية، ويدفعون من دمائهم ضريبةً وطنيةً بلا طائل، طالما أن قوات الاحتلال خارج الطوق الشائك آمنة مطمئنة، تطلق النار على فتية ممتلئين حماسةً وعفوية، وترديهم بدم بارد وبسادية مفرطة، من غير أن تتعرّض لمساءلة قانونية أو أخلاقية.
وليس من شك في أن الانتفاضة، بمفهومها الكلاسيكي، تعني ضحايا وتكلفة باهظة، وخسائر بشرية ومادية، واضطراب حياة، الأمر الذي قد لا تستجيب له قطاعات شعبية عريضة، من خارج فئة الشباب الفائض بالحيوية، وهو ما ينبغي معه إبداع شكل كفاحي يتسع لمشاركاتٍ واسعة، من الرجال والنساء والطلاب، وغيرهم من الناس غير القادرين على إشعال النيران في الإطارات، وإلقاء الحجارة، وليس لديهم أيضاً جرأة الاشتباك مع جنود مدججين بالسلاح والأحقاد في النقاط الساخنة، ومن ثمّة تحمل تبعات المواجهات الثقيلة وأوزارها.
في النسخة الكفاحية الخامسة، التي نحن بصددها اليوم، ينبغي تجنب اللعب في ملعب القوة العسكرية المجرّدة التي تفضّله إسرائيل، والعمل بدل ذلك على جرّها إلى حيث يمكن التفوق عليها أخلاقياً وسياسياً، لتحطيم صورتها الخارجية، وتشديد عزلتها الدبلوماسية. فماذا لو تم مهاجمة حواجز الاحتلال بمسيراتٍ سلمية، تعزف فيها الموسيقى بدلاً من رمي الحجارة، ويدبك فيها الشباب وترقص خلالها الشابات بتلقائية، عوضاً عن إشعال الإطارات؟ وماذا لو جرى ذلك كله تحت رقابة المراسلين وكاميرات شبكات التلفزة العالمية؟
ولعل الفعالية التي جرت على ميدان المنارة في رام الله، أواسط شهر ديسمبر/ كانون الأول الجاري، وما تخللها من مظاهر احتجاج سلمية لا سابق لها، قوامها الرقص والغناء وقرع الطبول وما إلى ذلك، تقدم نموذجاً مناسباً لاجتراح نص كفاحي جديد، يعيد إلى الأذهان النص الحجري الملهم في الانتفاضة الأولى، تكتبه هذه المرة قوى مدنية من خارج الإطار الفصائلي، لديها الإصرار على تجنب أخطاء الماضي، والرغبة في الاشتراك بانتفاضة سلمية، عبر أدوات نضالية مختلفة، وملائمة لقدراتها المتفاوتة بتفاوت القطاعات الاجتماعية، التي لا تجيد كلها إلقاء الحجارة، ولا تستطيع دفع كلفة فوق طاقتها الإنسانية.
إذ بحسب التقارير الصحافية، ومنها تقرير في "العربي الجديد"، انطلقت في رام الله وفي غيرها من مدن الضفة الغربية، على نحو منسق سلفاً، من قوى المجتمع المدني، وبتوقيت واحد متفق عليه مسبقاً، سلسلة من الفعاليات الشعبية المماثلة، تحت مسمى "ضجيج"، امتدت إلى غزة وكندا وتركيا وفرنسا وألمانيا وسويسرا ولبنان والمغرب وتونس والجزائر، لإحداث ضجيج متزامن على أوسع نطاق ممكن، وكسر حالة الصمت الدولي الراهنة، باستخدام كل وسائل رفع الصوت المتاحة، بما في ذلك قرع الطبول والصفارات وأدوات الطبخ المنزلي والعزف والأهازيج الفلسطينية، وكل ما من شأنه التشويش على دونالد ترامب.
خلاصة القول؛ إن النسخة الكفاحية الخامسة، وهي قيد الكتابة الآن على ما يبدو، هدفها تقليل الخسائر إلى أبعد حد ممكن، وإدامة الفعاليات الشعبية إلى أطول وقت متاح، عبر اللجوء إلى أدوات نضالية رشيدة، تكبح جماح احتلال متوحش وسادي، لا يتورع عن القتل بدم بارد، على غرار فعالية الضجيج المشار إليها آنفاً، وغيرها من فعاليات المواجهة بالقوة الناعمة، مثل قطع طريق المستوطنين بالمسيرات والرقص الشعبي، والصلاة على الأرصفة، والتظاهر ليلاً بالمشاعل، وإقامة الأعراس في الميادين، وما إلى ذلك من وسائل سوف تتفتق عنها القريحة الشعبية المبدعة، من دون أدنى ريب.
مقالات أخرى
05 نوفمبر 2024
29 أكتوبر 2024
22 أكتوبر 2024