20 أكتوبر 2019
نتنياهو.. قفص الاتهام ورئاسة الحكومة
باسم عثمان
ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن مكتب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أبلغ رئيس كتلة كاحول لافان، بيني غانتس، بخطة اغتيال القيادي في حركة الجهاد الإسلامي بهاء أبو العطا، الليلة ما قبل تنفيذ الجريمة، حيث اصطفت كل كتل ما يسمى "الوسط – اليسار" وفي مقدمتها "كاحول لافان"، وغانتس، من أجل دعم قرار نتنياهو وتبريره، في وقت لا تزال فيه "إسرائيل" تواجه أزمة سياسية داخلية متواصلة منذ انتخابات الكنيست في إبريل/ نيسان الماضي، وقبل أيام من انتهاء مهلة غانتس بتشكيل حكومة جديدة.
وكتب غانتس في "تويتر": "إن (كاحول لافان) تدعم أي عمل صحيح من أجل أمن إسرائيل، وتضع أمن السكان فوق السياسة الحزبية، ومحاربة الإرهاب مستمرة، وتستوجب لحظات لاتخاذ قرارات صعبة، والمستوى السياسي (الحكومة) والجيش اتخذا قرارا صحيحا الليلة من أجل أمن مواطني إسرائيل وسكان الجنوب".
وقد حملت هذه العملية العسكرية الإرهابية الإسرائيلية عدة رسائل سياسية وأمنية في آن، حيث
مثلت رسالة صريحة بدون لبس بأن إسرائيل لا تقيم وزنا ولا تحترم أي "تفاهمات" وتعهدات سابقة، وهي ليست ملزمة بها، ما دام الأمر يتعلق "بمصلحتها وحسابات قادتها"، اعتقادا منها أن عدوانها المتكرر على الشعب الفلسطيني يمكن استيعابه ولملمة تداعياته بحركة "تطويق" إقليمية ودولية، أو امتصاص أي رد فعل عسكري لفصائل المقاومة الفلسطينية، من دون الانجرار لفتح جبهة عسكرية طويلة الأمد.
وجدت حكومة نتنياهو، "المهزوزة" سياسيا في الداخل الإسرائيلي، ضالتها مع تسمية أحد أقطاب الحركة الفاشية الإرهابية وزيرا لجيش الاحتلال للقيام بعملية أمنية "مركّبة"، من شأنها إعادة خلط الأوراق، وتحريك تجاذبات ائتلافية جديدة من جانب، وإحراج بعضٍ "إسرائيلي" سياسيا من جانب آخر، كما يمكن لها أيضا أن تقطع الطريق على تشكيل حكومة "بديلة" بدعم من القائمة المشتركة لفلسطينيي الداخل، وهو الهدف المركزي لنتنياهو وتكتيكاته السياسية الحالية، لأن توقيت هذه العملية العسكرية مرتبط بأبعاد سياسية إسرائيلية داخلية، وخصوصا بمصير نتنياهو السياسي وملفات فساده. وربما تكون الحرب التي ازداد الحديث عن وقوعها الحتمي منذ انتهاء حرب عام 2014 حاضرة الآن، بعد بدء عدوان إسرائيلي يحمل حسابات إسرائيلية خاصّة، وبعد تسليم نتنياهو المنتهية ولايته بتطورات السياسة الإسرائيلية الداخلية، والتي ستمضي به إلى قفص الاتهام وانتهاء حياته السياسية بعد قضايا وملفات الفساد المرتبطة به. لذلك، ليست عملية الاغتيال للقائد العسكري أبو العطا أكثر من انعكاس حقيقي لأزمة نتنياهو السياسية، خصوصا بعد تعيين نفتالي بينيت وزيراً للحرب، وهو أشد منافسي ليبرمان.
وهكذا، يحاول نتنياهو الضغط على غانتس لتشكيل حكومة "وحدة وطنية"، وإيجاد وضع متوتر يجبر بقية الأحزاب لإقامة حكومة طوارئ، بعدما استنفد كل أوراقه، من خشيته الدخول في قفص الاتهام وفقدانه للحصانة. وبهذه العملية العسكرية، يعمل على إنجاز عدة أهداف، أهمها: الخروج من الأزمة السياسية الداخلية المُعقدة، وإجبار الكل السياسي الإسرائيلي على الدخول معه في حكومة طوارئ، يبقى هو رئيسها، حيث سيعمل على تحميل وزير الحرب الجديد، نفتالي بِينيت، مسؤولية الفشل في جولة التصعيد القادمة، ويحرف أنظار الجبهة الداخلية عن مسار التحقيق معه، وأنه لا يزال هو الرجل الأقوى في إسرائيل، إضافة إلى زعزعة الأجواء الإيجابية التي سادت الشارع الفلسطيني عقب التوافق المبدئي على إجراء الانتخابات الفلسطينية المزمع إجراؤها.
يحاول قادة الاحتلال خلط الأوراق في محاولة يائسة لقطع الطريق على استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية، خصوصا في ظل الأجواء الإيجابية التي سادت الساحة الفلسطينية أخيرا، وهذه الجولة الحالية من التصعيد الإسرائيلي تحمل لوناً سياسياً أكثر من لونها العسكري، وما عملية اغتيال القائد العسكري أبو العطا، والعدوان المتكرر على غزة، إلا محاولة من نتنياهو للعودة إلى حكومة طوارئ، والبقاء فترة إضافية في الحكم، حتى لا تجري انتخابات إسرائيلية ثالثة.
استنفاد نتنياهو أوراقه كلها دفعه مجددا إلى مزيد من خلط الأوراق، ليس فقط على الساحتين
الإسرائيلية والفلسطينية فقط، بل وعلى الساحة الإقليمية أيضا، وما تنفيذ عمليتي الاغتيال في غزة ودمشق في آن، الأولى نجحت والثانية فشلت، إلا محاولة منه، ضمن حساباته الشخصية، لتصدير أزمته الحكومية إلى الداخل الفلسطيني والخارج الإقليمي.
هذا التصعيد الأمني لنتنياهو رسالة واضحة، غرضها جر "كاحول لافان" إلى داخل حكومة وحدة وطنية، وهو الاعتبار الوحيد لتنفيذ عملية الاغتيال وبادعاءات "أمنية"، لكن نتائجها تقرب من تشكيل حكومة كهذه. وحرص نتنياهو على إطلاع غانتس على قضايا أمنية سرية وإبلاغه بعملية الاغتيال قبيل تنفيذها جزء من بناء جسور التحالف الجديد والشراكة بينهما.
سوف يدفع هذا العدوان الشعب الفلسطيني وقواه الحية إلى مزيد من التمسّك بثوابته الوطنية والحقوق كاملة، وتعزيز خياراته الاستراتيجية، ممثلة بالمقاومة ضد الاحتلال، وتعزيز تحالف فصائل المقاومة في خندق الوحدة الوطنية السياسية والعسكرية.
سياسة الاغتيالات والعدوان، وهي من صلب العقيدة الأمنية للاحتلال الإسرائيلي، لم ولن تنجح في تغيير عقيدة المقاومة القتالية لدى قوى المقاومة الفلسطينية، وهي غير منفصلة عن محاولاته الفاشلة لتصفية القضية الفلسطينية، وهي الحافز الرئيس لطي صفحة الانقسام ورص الصفوف وبناء الجبهة الوطنية الداخلية دفاعا عن المشروع الوطني الفلسطيني والتزاماته الوطنية والميدانية.
وقد حملت هذه العملية العسكرية الإرهابية الإسرائيلية عدة رسائل سياسية وأمنية في آن، حيث
وجدت حكومة نتنياهو، "المهزوزة" سياسيا في الداخل الإسرائيلي، ضالتها مع تسمية أحد أقطاب الحركة الفاشية الإرهابية وزيرا لجيش الاحتلال للقيام بعملية أمنية "مركّبة"، من شأنها إعادة خلط الأوراق، وتحريك تجاذبات ائتلافية جديدة من جانب، وإحراج بعضٍ "إسرائيلي" سياسيا من جانب آخر، كما يمكن لها أيضا أن تقطع الطريق على تشكيل حكومة "بديلة" بدعم من القائمة المشتركة لفلسطينيي الداخل، وهو الهدف المركزي لنتنياهو وتكتيكاته السياسية الحالية، لأن توقيت هذه العملية العسكرية مرتبط بأبعاد سياسية إسرائيلية داخلية، وخصوصا بمصير نتنياهو السياسي وملفات فساده. وربما تكون الحرب التي ازداد الحديث عن وقوعها الحتمي منذ انتهاء حرب عام 2014 حاضرة الآن، بعد بدء عدوان إسرائيلي يحمل حسابات إسرائيلية خاصّة، وبعد تسليم نتنياهو المنتهية ولايته بتطورات السياسة الإسرائيلية الداخلية، والتي ستمضي به إلى قفص الاتهام وانتهاء حياته السياسية بعد قضايا وملفات الفساد المرتبطة به. لذلك، ليست عملية الاغتيال للقائد العسكري أبو العطا أكثر من انعكاس حقيقي لأزمة نتنياهو السياسية، خصوصا بعد تعيين نفتالي بينيت وزيراً للحرب، وهو أشد منافسي ليبرمان.
وهكذا، يحاول نتنياهو الضغط على غانتس لتشكيل حكومة "وحدة وطنية"، وإيجاد وضع متوتر يجبر بقية الأحزاب لإقامة حكومة طوارئ، بعدما استنفد كل أوراقه، من خشيته الدخول في قفص الاتهام وفقدانه للحصانة. وبهذه العملية العسكرية، يعمل على إنجاز عدة أهداف، أهمها: الخروج من الأزمة السياسية الداخلية المُعقدة، وإجبار الكل السياسي الإسرائيلي على الدخول معه في حكومة طوارئ، يبقى هو رئيسها، حيث سيعمل على تحميل وزير الحرب الجديد، نفتالي بِينيت، مسؤولية الفشل في جولة التصعيد القادمة، ويحرف أنظار الجبهة الداخلية عن مسار التحقيق معه، وأنه لا يزال هو الرجل الأقوى في إسرائيل، إضافة إلى زعزعة الأجواء الإيجابية التي سادت الشارع الفلسطيني عقب التوافق المبدئي على إجراء الانتخابات الفلسطينية المزمع إجراؤها.
يحاول قادة الاحتلال خلط الأوراق في محاولة يائسة لقطع الطريق على استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية، خصوصا في ظل الأجواء الإيجابية التي سادت الساحة الفلسطينية أخيرا، وهذه الجولة الحالية من التصعيد الإسرائيلي تحمل لوناً سياسياً أكثر من لونها العسكري، وما عملية اغتيال القائد العسكري أبو العطا، والعدوان المتكرر على غزة، إلا محاولة من نتنياهو للعودة إلى حكومة طوارئ، والبقاء فترة إضافية في الحكم، حتى لا تجري انتخابات إسرائيلية ثالثة.
استنفاد نتنياهو أوراقه كلها دفعه مجددا إلى مزيد من خلط الأوراق، ليس فقط على الساحتين
هذا التصعيد الأمني لنتنياهو رسالة واضحة، غرضها جر "كاحول لافان" إلى داخل حكومة وحدة وطنية، وهو الاعتبار الوحيد لتنفيذ عملية الاغتيال وبادعاءات "أمنية"، لكن نتائجها تقرب من تشكيل حكومة كهذه. وحرص نتنياهو على إطلاع غانتس على قضايا أمنية سرية وإبلاغه بعملية الاغتيال قبيل تنفيذها جزء من بناء جسور التحالف الجديد والشراكة بينهما.
سوف يدفع هذا العدوان الشعب الفلسطيني وقواه الحية إلى مزيد من التمسّك بثوابته الوطنية والحقوق كاملة، وتعزيز خياراته الاستراتيجية، ممثلة بالمقاومة ضد الاحتلال، وتعزيز تحالف فصائل المقاومة في خندق الوحدة الوطنية السياسية والعسكرية.
سياسة الاغتيالات والعدوان، وهي من صلب العقيدة الأمنية للاحتلال الإسرائيلي، لم ولن تنجح في تغيير عقيدة المقاومة القتالية لدى قوى المقاومة الفلسطينية، وهي غير منفصلة عن محاولاته الفاشلة لتصفية القضية الفلسطينية، وهي الحافز الرئيس لطي صفحة الانقسام ورص الصفوف وبناء الجبهة الوطنية الداخلية دفاعا عن المشروع الوطني الفلسطيني والتزاماته الوطنية والميدانية.
مقالات أخرى
10 أكتوبر 2019
01 أكتوبر 2019
19 سبتمبر 2019