فيما يُعدّ تأكيداً على ما كشفته إذاعة الجيش الإسرائيلي في حينه، نقلت صحيفة "هآرتس"، اليوم الخميس، عن أربعة مسؤولين كبار في إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، قولهم، إنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عرض في العام 2014، خطة لتدشين دولة فلسطينية في شمال سيناء وغزة، مقابل موافقة منظمة التحرير، على ضمّ المستوطنات في الضفة الغربية لإسرائيل.
وحسب أمير تيفون مراسل "هآرتس" في واشنطن، فإنّ المسؤولين الأربعة أبلغوه، أنّ نتنياهو أطلع إدارة أوباما على تفاصيل الخطة، بُعيد انتهاء الحرب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة في صيف 2014، وذلك بعد انهيار خطة التسوية التي عرضها وزير الخارجية الأميركي آنذاك جون كيري، على الأطراف.
ونقل تيفون عن أحد المسؤولين قوله، إنّ نتنياهو عرض الخطة على أوباما، على أساس أنّها ردّ على فشل خطة كيري للتسوية، مشيراً إلى أنّ نتنياهو أوضح أنّ إسرائيل توافق على أن تكون الضفة الغربية جزءاً من الدولة الفلسطينية، بشرط موافقة الفلسطينيين على ضمّ المستوطنات لإسرائيل.
ووفق المسؤول، فإنّ نتنياهو أبلغ الإدارة الأميركية، في حينه، أنّ التعويض الذي سيحصل عليه الفلسطينيون مقابل ضمّ المستوطنات، سيكون ضمّ مناطق في شمال سيناء لقطاع غزة.
وحسب المسؤولين الأربعة، فقد اعتبرت إدارة أوباما الخطة مجرّد "إضاعة للوقت، على اعتبار أنّ الفلسطينيين لا يمكنهم أن يوافقوا على التفريط بأراضٍ زراعية خصبة، مقابل أراضي صحراء سيناء الرملية".
وألمح مسؤول أميركي سابق آخر، إلى أنّ عرض نتنياهو، بدا وكأنّه محاولة لتوريط الفلسطينيين في مواجهة تحدّيات أمنية، من خلال تحميلهم المسؤولية عن منطقة ينشط فيها تنظيم "داعش" الإرهابي، مع كل ما ينطوي عليه هذا التحدي من تبعات.
وأشار المسؤول إلى أنّه على الرغم من تأكيد إدارة أوباما، على أنّ فرص تنفيذ هذه الخطة "معدومة"، إلا أنّه أصرّ على أنّ علاقاته الخاصة بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تسمح له بإقناعه بالموافقة على الاقتراح.
وذكر المسؤولون الأميركيون، أنّه عندما حاولت واشنطن الاستفسار من الإدارة المصرية، حول ما إذا جرت مباحثات مع إسرائيل حول الخطة التي عرضها نتنياهو، كان ردّ القاهرة سلبياً. وحسب تيفون، فإنّه يتضح من الخطة التي تحدّث عنها المسؤولون في إدارة أوباما، أنّها تُشبه إلى حدٍّ كبير، الخطة التي تحاول إدارة الرئيس دونالد ترامب حالياً الترويج لها، والتي يُطلق عليها "صفقة القرن".
وعلى الرغم من أنّ ديوان نتنياهو، قد نفى صحة ما جاء في "هآرتس"، فقد سبق لإلئيت شاحر مراسلة الشؤون السياسية في إذاعة الجيش الإسرائيلي، أن نقلت، في سبتمبر/أيلول 2014، عن مسؤولين في ديوان نتنياهو قولهم إنّ السيسي عرض على كل من نتنياهو، ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، مشروعاً لتدشين دولة فلسطينية في قطاع غزة وشمال سيناء، مقابل تخلّي الفلسطينيين عن الضفة الغربية.
ويُشار إلى أنّ وزير الاتصالات الإسرائيلي أيوب قرا، أكثر وزراء حزب "الليكود" قرباً من نتنياهو، قد كتب على حسابه في "تويتر"، بتاريخ 13 فبراير/شباط 2017، تغريدة أكد فيها أنّ السيسي وضع بالفعل خطة لإقامة دولة فلسطينية في سيناء وقطاع غزة، ستعفي إسرائيل من الانسحاب من الضفة الغربية، وتمهّد لإقامة سلام شامل مع "التحالف السنّي"، كاشفاً أنّ نتنياهو سيبحث الفكرة مع ترامب.
وقد أثارت تسريبات الإعلام الإسرائيلي، حول موافقة السيسي على تدشين دولة فلسطينية في شمال سيناء، حماس قادة اليمين في تل أبيب.
فقد وصف الجنرال آرييه إلداد، أحد أبرز قادة اليمين المتطرف، عرض السيسي هذا، بأنّه "الأكثر سخاء"، "لأنّه يسمح لليهود بممارسة حقهم كأصحاب السيادة على الضفة الغربية"، بحسب قوله، ورأى أنّه يتوجّب على القيادة الإسرائيلية، التشبّث بمقترح السيسي، والتعامل على أساسه، وعدم السماح بالتخلّي عنه لمجرّد أنّ الفلسطينيين يرفضونه.
وفي مقال نشرته صحيفة "معاريف"، في سبتمبر/أيلول 2014، حثّ إلداد، نتنياهو، على التمسّك بعرض السيسي، والتأكيد على أنّ إسرائيل لا يمكنها أن توافق بحال من الأحوال، على إقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية.
وقد رأى المعلّق الإسرائيلي أمير أورن، أنّ تنازل نظام السيسي عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية مقابل المال، يمثّل "سابقة تدفع للاعتقاد بأنّه سيوافق على تدشين دولة فلسطينية في شمال سيناء مقابل المال".
وفي مقال نشرته "هآرتس"، في أبريل/نيسان 2016، دعا أورن إلى تجنيد السعودية لدفع هذا الاقتراح، من خلال منحها الحقّ في الإشراف على الأماكن المقدسة للمسلمين في القدس.