ناشطة فلسطينية: المرأة العربية مهمّشة بالداخل والأحزاب فشلت بدمجها

08 مارس 2017
الحركة النسوية في الداخل عانت من ركود (العربي الجديد)
+ الخط -

"المرّة الأولى التي سمعتُ فيها عن حالة قتل امرأة كانت وأنا في الصفّ التاسع بالمرحلة الإعدادية: شابة متزوجة وحامل قتلها والدها بتسميمها، من قرية طرعان. أثارت هذه الحالة عجبي وخوفي، وبدأت أسأل لماذا قُتلت، وأي ذنب ارتكبت، لكن أسئلتي ظلت معلّقة بدون إجابات"، هكذا عادت الناشطة الاجتماعية سماح سلايمة (41 عاما) بذاكرتها إلى قصة قتل في قرية طرعان، ستكون دافعا قويا لنضالها واهتمامها بقضايا المرأة العربية.


وُلدت سلايمة في قرية طرعان التي تقع في الجليل بجانب مدينة الناصرة، لأبٍ مهجّر من قرية سجرة، وأمٍ من قرية كفر سبت بالجيل قضاء طبريا. لم تعرف عائلتها وأقرباءها بسبب التهجير في عام النكبة. ومع انطلاق العالم الافتراضي ودخول مواقع التواصل الاجتماعي، تعرّفت على أقربائها اللاجئين من كل مكان.

هي صاحبة مدوّنة وتكتب المقالة السياسية والاجتماعية. متزوجة ولها ثلاثة أبناء، تسكن قرية واحة السلام. حاصلة على ماجستير في موضوع الخدمة الاجتماعية، مع تخصص جندر، وإدارة مؤسسات المجتمع المدني.

انتقلت للعمل في مدينة اللدّ مديرةً للمركز الجماهيري، ومن ثم مديرةً لمركز فتيات في الرملة. وفي عام 2007، قُتلت ست نساء في المنطقة. وعندها قررت مع مجموعة فتيات ونساء ناشطات أن العمل النسوي في المركز يجب أن ينتقل إلى المرحلة القادمة.


وقالت لـ"العربي الجديد": "في تلك الفترة، لم تكن أي مؤسسة نسوية في اللد أو الرملة تهتم بشؤون المرأة. كما كان في شمال البلاد وحيفا، ولهذا تم تأسيس جمعية "نعم-نساء عربيّات في المركز". توجُهنا واضح، فالمرأة نصف المجتمع، وأي نهضة وطنية قومية مرتبطة بتمتيع المرأة بحقوقها ومعرفة واجباتها".


وعن مكانة النساء العربيات اليوم في الداخل الفلسطيني، مقارنة بالنساء العربيات في الضفة الغربية وفي العالم العربي، أضافت: "في تقديري، فإن وضع المرأة الفلسطينية في الداخل ومكانتها، بعيد عن مستوى وعيها النسوي. فالمرأة العربية في عام 2017 تتعلم أكثر، تعمل أكثر، وتنجب أقل، لأنها دخلت صراع البقاء الاقتصادي مع الرجل العربي، وليس بسبب نهضة نسوية اجتماعية".

المرأة الفلسطينية تناضل (العربي الجديد)


وتابعت "الحركة النسوية في الداخل عانت ركودا لعقود من الزمن بعد النكبة، فيما انتفضت المرأة الفلسطينية في الضفة والقطاع وواصلت النضال الوطني.. نحن بعيدات عن نساء تونس والمغرب والجزائر ولبنان، لكننا نجحنا في بلورة المحاور الأساسية لنضال المرأة في الداخل، من جهة انخراطنا المطلوب كنساء في قضايا المجتمع ككل أمام سياسات الحكومة العنصرية، ومن جهة أخرى قضايانا الداخلية أمام مجتمعنا الذكوري القبلي الذي لم يتغير كثيرا. لذلك حِملنا مضاعف، وخطابنا يجب أن يكون أقوى بكثير".

وأوضحت الناشطة أن "أحزابنا فشلت في دمج نساء في صفوفها الأولى، رغم أن طروحاتها المعلنة في مكان متقدم من أفعالها"، ولفتت إلى أن "كل هذه التناقضات تشكل عبئاً كبيراً وحاجزاً أكبر أمام النساء العربيات في الداخل. إنّ كل نضالنا الفلسطيني كأقلية قومية في البلاد لن يتقدم من دون مشاركة حقيقية للمرأة في كل المجالات وعلى جميع المستويات".

وأكدت سلايمة أن انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، وارتفاع مستوى التعليم وثقافة المرأة العربية، يساهمان في بِنَاء حراك نسوي وتضامن بين النساء في مختلف المجالات والمناطق. "فمثلا في حين كانت احتجاجاتنا ضد قتل النساء قبل أعوام تقتصر على مجموعة محدودة من النساء، نرى اليوم مشاركة أوسع للشباب تدل على تغيير للأفضل".

وأكملت "أنا متفائلة رغم كل الصعوبات. هذا العام نجحنا في طرح قضايا قتل النساء على سلم الأولويات، وشارك الآلاف في الاحتجاجات في اللد ويافا، وزاد كشف الاعتداءات الجنسية والعنف في صفحات التواصل الاجتماعي، وناقشنا قضية ليان ناصر، وفيلم "بر بحر" وغيرها من محطات الحوار العام. أعتقد أن الخطاب النسوي يتقدم بخطى بطيئة ولكن في الاتجاه الصحيح".

وبحسب الناشطة الفلسطينية، فإن جرائم قتل النساء العربيات تنتشر أكثر في منطقة المركز، اللد والرملة ويافا، بنسبة أعلى من باقي المناطق في الداخل الفلسطيني، وذلك "ناتج عن عدة أسباب، فالوضع الاجتماعي للمواطنين العرب في مدن المركز يختلف عن باقي المناطق، حيث تتحكم الأغلبية اليهودية في معظم مرافق الحياة، وتتمتع بالميزانيات الحكومية وسياسة التهويد المعلنة، وفي مدن الساحل نسبة الجريمة أعلى بشكل عام، وليس فقط ضد النساء العربيات. حوادث إطلاق الرصاص والتصفيات والتجارة بالمخدرات والسلاح أعلى من باقي المدن، ولا يوجد أي رادع أمام المجرمين والقتلة، بالإضافة إلى أن تخاذل الشرطة وتقصيرها الفاضح في حل قضايا القتل بيد مجهولين وتقديم لوائح اتهام، يفتح المجال أمام أي رجل عنيف يرغب في إيذاء امرأة وبأعنف الوسائل".

وشددت سلايمة على أنّ الحراك النسوي في المركز بدأ رسمياً بعد تأسيس "نعم- نساء عربيّات في المركز" كأول جمعية نسوية في منطقة الساحل بالمركز، بعد أن كانت النساء في المركز ناشطات من دون إطار محلي منظم، فيما جمعيات نسوية في الشمال احتفلت بعشرات السنوات من النضال. "نعم" ستواصل طرح قضايا المرأة عموما، وقضايا المرأة في المركز تحديدا، فعشرات النساء تتوجه لنا يومياً لطلب المساعدة في قضايا المسكن، التعليم، العنف، تعدد الزوجات، العمل، وضحايا قانون المواطنة".

وأبرزت سلايمة أن هدفها هو "نشر فكر متقدم ومتحرر في مجتمعنا حول قضايا المرأة ودورها ومكانتها، لأنني أؤمن بأن التغيير يجب أن يكون من الداخل، أنا مقتنعة بأن جيل الشباب أقوى بكثير من الجيل الحالي".

 

 

 

المساهمون