نازحون يغرقون بشمال سورية

عبد الله البشير

avata
عبد الله البشير
28 ديسمبر 2018
D6E323E1-0E05-4421-AC72-B161D110D272
+ الخط -

إنّه موسم الأمطار. لا أحد ينكر الأمر. لكنّ الطبيعة تبدو متحاملة كذلك على النازحين في مخيّمات الشمال السوري، فيغرقون في السيول والوحل


تسبّبت الأمطار التي انهمرت، في الأيام الأخيرة، في غرق مخيّمات للنازحين السوريين على مقربة من الحدود مع تركيا، تحديداً في أطمة وقاح وسرمدا التابعة لناحية الدنا بمنطقة حارم في محافظة إدلب، شمالي سورية. والمخيمات التي تأتي بمعظمها عشوائية تفتقر إلى البنى التحتية المناسبة والخدمات بمختلف أنواعها، تؤوي أكثر من ربع مليون نازح.

يمكن وصف واقع أهالي تلك المخيّمات بالمأساوي، لا سيّما مع سوء الأحوال الجوية أخيراً. ويقول في السياق مدير فريق منسقي الاستجابة، محمد حلاج، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الفريق يحذّر في كل عام من العاصفة التي حدثت قبل يومَين، خصوصاً في مناطق المخيمات، لا سيّما الحدودية منها. لكن للأسف، لا تجاوب. وقد أتت حدّة العاصفة متفاوتة، فبلغ معدّل الأمطار في عدد من المناطق 48 ميليمتراً، وفي بعضها 57 ميليمتراً، بينما وصل في أخرى إلى نحو 75 ميليمتراً". يضيف حلاج أنّ "هذه الأرقام مرتفعة، وبحكم خبرتي وتخصصي أستطيع القول إنّ العاصفة المطرية أتت قاسية"، لافتاً إلى "عدم تمكّننا من إحصاء عدد النازحين، بعد تشكيلنا غرفة طوارئ للمخيمات، لذا نحن نحاول التواصل مع كلّ المخيمات التي تضرّرت، بهدف جمع البيانات وتقدير الأضرار والاحتياجات التي خلّفتها العاصفة".

ويتابع حلاج أنّ "الأضرار الكبرى كانت في تجمّع أطمة، حيث إن معدّل الأمطار مرتفع جداً، فحدثت فيضانات. ولأنّ الطرقات هناك طينية، فهي غير جاهزة لمرور الآليات الخاصة بفرق الدفاع المدني وغيرها من فرق الإنقاذ. بالتالي علقت آليات عدّة في الوحل". ويتحدّث حلاج كذلك عن "مخيّم منكوب بالفعل هو مخيّم العمر الملاصق للحدود السورية التركية من جهة الجدار الحدودي. بالإضافة إلى الفيضانات، تسببت المياه في انسداد قنوات التصريف بالمخيّم، ما تسبب في غمره بصورة كلية، فأتت الأضرار كبيرة جداً. ويشير إلى أنّ "جهات عدّة تواصلت مع السلطات التركية لإزالة جزء من الجدار والسماح للمياه بالتدفق في اتجاه الأراضي التركية. فكانت استجابة، وبدأت إزالة بعض من الجدار أمس، بالتزامن مع انحسار هطول الأمطار". ويؤكد حلاج: "نحن نحاول معرفة حجم الأضرار في هذا المخيّم وفي كلّ المخيّمات، وقد أرسلنا شباناً يعملون في فريق منسقي الاستجابة إلى المخيّمات ليقوموا بعمليات مسح لإحصاء الأضرار وتحديد الاحتياجات الحالية".

ابتسامة رغماً عن الكارثة (فرانس برس) 


ويكمل حلاج أنّهم عمدوا عبر نداء استغاثة إلى توجيه الناس نحو المساجد ونحو مخيّمَين تابعَين لـ"هيئة ساعد الخيرية" في ميزناز (غربي حلي) يتّسعان لنحو خمسة آلاف شخص. لكنّ النازحين ما زالوا متخوفين من الانتقال إليهما خوفاً من فقدان خيمهم التي لن يتمكّنوا من تعويضها لو فُقدت". ويلفت إلى أنّه "في العام الماضي، في خلال الفترة الزمنية نفسها، حدثت عاصفة مماثلة، وقد أتت صعبة نوعاً ما. لكنّ الأحوال أشدّ سوءاً هذا العام لجهة معدّلات الأمطار المتساقطة وحركة الرياح. في سياق متصل، تشتت جهود فرق الإنقاذ، إذ إنّ الأضرار أتت متزامنة في مخيّمات عدّة، وكلّ مخيّم يقع في منطقة معيّنة".



من جهته، يوضح رئيس الرابطة السورية لحقوق اللاجئين، مضر حماد الأسعد، لـ"العربي الجديد"، أنّ "إجراءات عدّة اتُّخذت من قبل المتطوّعين في الداخل السوري الذين شاركوا مع باقي الأهالي والمنظمات في الداخل لإنقاذ النازحين المتضررين. ومن جهة ثانية، جُهّزت عشرات الخيم الكبيرة والصغيرة في مخيّم السلام الذي يقع على مقربة من معبر باب الهوى على الحدود السورية التركية، والتي تشرف عليه الرابطة السورية لحقوق اللاجئين، من أجل استقبال الذين تقطعت بهم السبل. وكان تعاون من قبل أبناء القرى القريبة من مخيم السلام، بينما تمّ التواصل مع الجهات المختصة في الحكومة التركية ومع منظمات وجمعيات خيرية وإنسانية ومع المجالس المحلية والمدنية وبعض قادة الكتائب في الجيش السوري الحر".



ويشير الأسعد إلى أنّ "ربع مليون نازح سوري يعيشون في تلك المخيّمات العشوائية التي تضرّرت كثيراً، معظمهم من الأطفال والنساء وكبار السنّ والمرضى. وقد بدأ نقل المتضررين إلى مدارس ودوائر حكومية وإلى مناطق مرتفعة، في حين ساهم أهالٍ ببلدات مجاورة في استقبال هؤلاء". ويصف الأسعد ما حدث في المخيمات بـ"الكارثة الإنسانية الكبرى"، داعياً "دول العالم، إلى تحمّل مسؤولية ما جرى وما يجري مع الشعب السوري". وشدّد على "ضرورة أن تقدّم له الخدمات الصحية والإغاثية والإنسانية بسرعة قصوى لإنقاذ ما يمكن إنقاذه".

ذات صلة

الصورة
أنشطة ترفيهية للأطفال النازحين إلى طرابلس (العربي الجديد)

مجتمع

أطلقت منظمات وجمعيات أهلية في مدينة طرابلس اللبنانية مبادرات للتعاطي مع تبعات موجة النزوح الكبيرة التي شهدتها المدينة خلال الفترة الأخيرة.
الصورة
تشتت العائلات جراء القصف (أنور عمرو/ فرانس برس)

مجتمع

حتى لو وجد النازحون في البقاع مراكز إيواء آمنة نسبياً حتى اللحظة، إلا أنهم يواجهون فوضى ونقصاً في بعض الأساسيات، خصوصاً الأدوية، ويخشون البرد
الصورة
يُقلق موسم الأمطار والشتاء سكان مخيمات شمال غربي سورية (العربي الجديد)

مجتمع

غرقت وتضررت خيام كثيرة للاجئين في السنوات الأخيرة بفعل العواصف والأمطار والسيول خلال الشتاء في الشمال السوري لكنهم لا يزالون داخلها، وتتهددهم مآسٍ جديدة
الصورة
فلسطينيون في مخيم نزوح عشوائي في رفح - جنوب قطاع غزة - 2 فبراير 2024 (محمد عابد/ فرانس برس)

مجتمع

تأتي أمطار فصل الخريف الأولى لتضاعف معاناة النازحين الفلسطينيين الذين هجّرتهم الحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة منذ نحو عام.