عندما هدأت الاحتجاجات العرقيّة في مدن ولاية ميزوري، يوم الجمعة الماضي، اعتقد بعض المعلقين الأميركيين في قنوات التلفزة، أن عطلة "عيد الشكر" التي بدأت مساء الخميس، قد أدت إلى تهدئة الخواطر نهائياً، وأسدل الستار على احتجاجات مدينة فيرغسون، التي اندلعت إثر حكم قضائي بتبرئة الشرطي دايرن ويلسون من قتل الشاب الأسود الأعزل مايكل براون، في شهر أغسطس/آب الماضي. لكنّ المحتجين سرعان ما استأنفوا نشاطهم منذ فجر أمس السبت، في تصميم على التعبير عن غضبهم جراء إعفاء الشرطي من المساءلة.
وفي موازاة عودة الشغب والاحتجاجات إلى مدينة فيرغسون، إحدى ضواحي سانت لويس بولاية ميزوري، حيث وقعت حادثة القتل، استأنف رجال الشرطة حركة الاعتقالات، خصوصاً في صفوف المشاركين في مسيرة جماعية اتجهت إلى إدارة الشرطة في المدينة، من دون أن يتّضح عدد المعتقلين. وفي حين كانت التظاهرات، قد بدأت هادئة وسلمية، عند استئنافها مساء الجمعة الماضي، لكن المحتجين سرعان ما قطعوا بعض الشوارع المؤدية إلى دائرة الشرطة في فيرغسون ومقاطعة سانت لويس، في وقت تولّى فيه محتجون آخرون إغلاق أسواق تجاريّة ضخمة في عاصمة ولاية ميزوري، وفي ولايات أخرى، وطال الإغلاق بعض الأسواق العامة في نيويورك.
وبثت بعض محطات التلفزة الأميركية، المتعاطفة مع الشرطي ويلسون، صوراً للقتيل براون، وهو يعتدي بالضرب على أحد عمال متجر سجائر في فيرغسون، قبل ساعات من مقتله، مذكّرة بأنّ براون (18 عاماً)، الذي سرق علبة سيغار قيمتها 49 دولاراً، كان ضخم الجثة وتُخيف قبضته معظم سكان الحي الذي يقطنه، على حدّ تعبير بعض المصادر الإعلاميّة الأميركية.
وفي اليوم ذاته، خاض براون عراكاً مع ويلسون (28 عاماً). وقال ويلسون لاحقا إنّه كان في سيارة للشرطة، عندما أوقف براون "الذي كان يسير في الشارع ويوقف السيارات، ولم يمتثل لمطلبه بالتوقف"، مشيراً إلى أنّه "عندما حاول اعتقاله، دخلا في عراك، تعرّض خلاله للضرب، ما اضطره للدفاع عن نفسه بإطلاق النار وأرداه قتيلاً".
ويشدّد المحامون الذين يمثلون أسرة براون، على أنّ ما حدث، لا يُبرر أبداً إطلاق الشرطي النار على براون في رأسه". وفي محاول لتأكيد الوصف، بثت بعض القنوات مقطعاً مصوّراً، التقطته كاميرا مراقبة مثبتة في محل تجاري، وعمّمته الشرطة على محطات التلفزة، ويظهر فيه براون وهو يمسك عامل المتجر من قميصه ويدفعه بقوة. وأعربت أسرة براون، من خلال المحامين، عن "غضبها الشديد" مما وصفته بأنّه "محاولة خبيثة للإساءة إلى سمعة ولدها"، الذي لم تكن لديه أي سوابق.
وعاد الجدل والاحتجاجات بسبب حادثة القتل مجدّداً إلى الواجهة، على خلفيّة إصدار هيئة المحلفين قرارها الأسبوع الماضي، بعدم تحميل الشرطي أيّ مسؤوليّة قانونيّة جراء مقتل براون، تحت ذريعة أنه أطلق النار عليه دفاعاً عن النفس. وأعادت الاحتجاجات الأخيرة تسليط الضوء مجدداً على العلاقات بين قوات الأمن والأميركيين من أصول أفريقيّة، ولجوء الشرطة إلى استخدام القوة المفرطة لتفريق المتظاهرين.