مهاتير للأردنيين: هكذا نجحت ماليزيا.. وهناك قواسم مشتركة

04 سبتمبر 2015
مهاتير يلقن الأردنيين قصة نجاحه (العربي الجديد)
+ الخط -
عرض رئيس وزراء ماليزيا الأسبق، مهاتير محمد، مساء أمس الخميس، التجربة التي خاضتها بلاده والتي تكفلت بانتقالها من دولة فقيرة إلى قوة صناعية على مستوى العالم، مشيراً إلى وجود قواسم مشتركة بين ماليزيا، قبل نهضتها، والأردن حاليّاً.

وقدم مهاتير، الذي تربع على رئاسة وزراء ماليزيا منذ عام 1981 وحتى 2003، خلال ندوة عقدتها مؤسسة عبد الحميد شومان، في عمّان، حضرها الأمير، الحسن بن طلال، وعدد من رؤساء وزراء الأردن السابقين، والعديد من الوزراء العاملين والسابقين، إضافة إلى شخصيات سياسية وحزبية، مقترحات لتحقيق نهضة أردنية، تقوم على فتح البلاد للاستثمار الأجنبي شريطة أن ينعكس على تخفيض نسب البطالة في الأردن، والاستثمار في مختلف المجالات، خاصة الطاقة الشمسية، التي قال: "يوجد الكثير منها في الأردن"، مشيراً إلى التشابه بين بلاده والأردن من حيث تعدد أعراق السكان.

ولفت في بداية عرض تجربة بلاده إلى المخاوف التي كان يثيرها الاستعمار من مخاطر الاقتتال بين المكونات العرقية الثلاثة للشعب الماليزي (المالايو والصينيين والهنود)، بعد خروجه، والتي سقطت باتفاق على أن "ماليزيا دولة الجميع تحتضن كل الأعراق ويتقاسمون الثروة معاً"، وهو ما عبر عنه سياسياً في بناء تحالف يضم جميع الأحزاب الممثلة للأعراق المختلفة ليتقاسموا السلطة، وقال: "بعد تحقق الاستقرار السياسي بين المكونات العرقية، بدأ التركيز على التنمية الاقتصادية"، مؤكداً استحالة تحقيق تنمية اقتصادية في ظل عدم استقرار سياسي.

وشخّص مهاتير واقع البلاد قبل النهضة: "كانت زراعية، ونسب البطالة تجاوزت 60 بالمائة، ولا حلول لهذه المشكلة"، وكان الحل الذي اختطه الرؤساء الأوائل (بالنظام الفدرالي لتوزيع الأراضي) حيث تم توزيع 200 مليون هكتار على المواطنين للاستفادة منها، لكن الطفرة الحقيقية تمثلت عندما استنسخت ماليزيا تجربة اليابان في الصناعة".

واستدرك: "لكن الدولة فقيرة ولم تكن قادرة على بناء المشاريع، فقررت دعوة الأجانب لعمل مشاريع صناعية من خلال تحفيزهم بإعفاءات ضريبية مؤقتة، شريطة تشغيل الماليزيين في المشاريع وهو ما حقق( حسب مهاتير) هدفين، الأول القضاء على البطالة نهائياً، والثاني إكساب الشعب مهارات صناعية لم يكن يعلمها".

وزاد: "عندما تحل مشكلة البطالة فإنك ستحقق الاستقرار السياسي، الذي يمكنك من تحقيق التنمية الاقتصادية"، لافتاً إلى أن الأموال التي حصلتها بلاده أنفقتها بشكل رئيسي على التعليم والتوسع في ابتعاث الطلاب للدراسة في الخارج، واكتساب المعرفة الحديثة، إضافة إلى تطوير مهارات العاملين في القطاع العام لتعزيز قيم العمل الجاد والأمانة والصدق لديهم".

وحول واقع الإسلام اليوم ومدى مواكبته روح العصر المبني على العلم والمعرفة، قال مهاتير "نقول إننا مسلمون ولكننا لا نتبع تعاليم الإسلام. الإسلام يقول إن المسلمين أخوة، لكننا نقتل بعضنا بعضاً"، مؤكداً أن الإسلام الذي بدأ بـ" اقرأ" ينحاز للعلم والمعرفة، منتقداً الفتاوى التي خرجت تؤكد على الالتفات للمعرفة الشرعية دون العلوم الحديثة، وقال "إذا نظرنا إلى زمن الرسول والحرب التي خاضها، ندرك أن ما قام به كان مناسباً لعصره. الآن نحن بحاجة إلى دبابات وطائرات ووسائل حرب ولن نحصل عليها إلا باكتساب العلم (..) إذا كان لديك معرفة بالعلوم الحديثة تستطيع أن تدافع عن الأمة".

وحول الأزمة الاقتصادية العالمية والآثار التي خلفتها على بلاده، أشار مهاتير إلى أن مؤامرة كانت تستهدف ماليزيا، لكن للآن لم يتم الكشف عن المتآمرين، مشيرين بأصابع الاتهام إلى الغرب، وقال "كانت تباع كميات هائلة من العملة بما انعكس سلباً على قوتها، التي تراجعت بشكل كبير. كانوا يعتقدون أن انهيار العملة لفترة محدودة بشكل يخض قيمة المصانع الماليزية سيدفع أصحابها إلى بيعها لرأس المال الغربي بقيمة أقلّ، هرباً من الإفلاس"، مشيراً إلى رفض بلاده خلال الأزمة الحلول التي قدمها صندوق النقد الدولي، منتقداً تلك الحلول بقوله "قررنا ألاّ نتبع خطط صندوق النقد الدولي لأن ما نصحونا به كان سيفقرنا بدلاً من أن ينعشنا". ولفت مهاتير إلى أن تجاوز الأزمة تمثل بضبط بيع العملة بقوانين مصرفية صارمة.

مهاتير، الذي أبدى عدائية تجاه الغرب، انتقد المفهوم الغربي للعولمة، الذي حصره الغرب، حد قوله، بالانتقال الحر للأموال بما ينعكس إيجابيّاً عليهم، كاشفاً عن أنه، وخلال لقاءات له في أميركا وأوروبا، اقترح عليهم أن تشمل العولمة حرية انتقال ملايين الفقراء من الشمال الفقير إلى الجنوب الغني، مشيراً إلى أن طرحه لم يعجبهم، وقالوا له: "نريد المال فقط".

اقرأ أيضاً: مهاتير محمد: لسنا مأمورين بإقامة الدولة الإسلامية

المساهمون