منوّر: الشهادة العلميّة سندٌ

27 نوفمبر 2014
تأبى منوّر: الشهادة تساوي الكرامة (العربي الجديد)
+ الخط -

منوّر فايز عثمان، امرأة فلسطينيّة تعيش في مخيّم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيّين في جنوب لبنان. هي من هؤلاء النساء اللواتي لم يحزْن شهادات علميّة تمكّنهن من العيش بطريقة أفضل، بالمقارنة مع ما هي عليه حالهنّ اليوم. كذلك، هي كانت من هؤلاء اللواتي لم يكنّ يمتلكن مهنة تحميهنّ من غدر الزمن ومن الحياة وصعابها. لكنها حسمت أمرها في يوم، بعدم الاستسلام، فتعلمت الخياطة والتطريز، وكذلك قواعد التسويق.

بالتالي، ضمنت لنفسها بحسب ما تقول، "حياة شريفة وكريمة، أستطيع من خلالها إعالة عائلتي من دون أن يستغلني ربّ عمل". تضيف: "شعرت بالطمأنينة ولو نسبياً. فقد ضمنت أنني لن أطرد من عملي لأي سبب من الأسباب". وها هي اليوم تعمل في بيتها ووسط أسرتها.

منوّر أم لسبعة أولاد، وزوجة لرجل مريض لا يقوى على العمل منذ فترة طويلة. وقد اضطرتها الحياة في الماضي إلى العمل أجيرة في أحد المحلات التجاريّة في مدينة صيدا (الجنوب)، لتتمكّن من حماية أسرتها من الاستعطاء وتوفير العلم لأولادها وتأمين بدل إيجار منزلها المتواضع وتؤمّن لقمة عيش بسيطة.

فهي كانت قد عاهدت نفسها ألا ينتهي أولادها إلى ما انتهت هي إليه، ولا أن يمارسوا أياً من الأعمال التي لا تستطيع سدّ حاجاتهم. بالنسبة إليها، العمل البسيط هو للأشخاص الذين لا يحملون شهادات عالية. فالشهادة كما تقول، "سند الحياة وكرامة الإنسان. وما يتقاضاه المرء من تلك المهن الصغيرة، لا يسدّ تكاليف احتياجات الحياة".

وتشدّد المرأة التي قست عليها الحياة، على أن عدم حصول الإنسان على شهادة يجعله دائماً عرضة لعدم الاستقرار وعدم الشعور بالطمأنينة الماديّة. وتتحدّث منوّر عن نساء مثلها يعشن في المخيّم ولا يحملن شهادات. هؤلاء اضطررن إلى العمل، لأن أزواجهنّ لا يعملون بسبب حرمانهم من مزاولة مهن عدّة في لبنان. ورحن يعملن إما في المصانع أو في مهن متواضعة في المدارس، ليتحولن لاحقاً إلى "معيل الأسرة".

وتلفت إلى أن عدداً كبيراً منهنّ ونتيجة حاجتهنّ إلى العمل، يصبحن عرضة للاستغلال من قبل أرباب العمل مادياً. لذا، وحفاظاً على لقمة عيشها، ترضى المرأة بالأجر الزهيد الذي يُفرض عليها، لمعرفتها بأن ما من أحد يحميها.. لا مؤسسات اجتماعيّة ولا جمعيات خيريّة ولا حتى جهات سياسيّة. لكنها، نجحت في النهاية في حسم أمرها وتخلّصت من أرباب العمل، لتصبح هي ربّة عمل نفسها.
المساهمون