منظمات حقوقية تدين تعديلات "الطوارئ" بمصر: استغلال لجائحة كورونا

09 مايو 2020
التعديل يعزز القبضة الأمنية (فرانس برس)
+ الخط -
دانت ثماني منظمات حقوقية مصرية، في بيان مشترك، ما وصفته بـ"استغلال" الحكومة المصرية لجائحة كورونا كمبرر لتعديل قانون الطوارئ رقم 162 لسنة 1958، وذلك بإضافة مواد جديدة من شأنها ضم عسكريين- بشكل دائم- لتشكيل محكمة أمن الدولة العليا طوارئ، الاستثنائية بالأساس، والتوسع في التحقيق ومحاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري.

وأعربت المنظمات عن استيائها من استمرار تغاضي وصمت مجلس القضاء الأعلى والهيئات القضائية على هذه التعديلات التي تعصف باستقلال القضاء.


وأضافت المنظمات أن "التعديلات الجديدة على قانون الطوارئ، والتي دخلت حيز النفاذ في 7 مايو/ أيار بعد موافقة رئيس الجمهورية عليها وإقرارها، جاءت بالأساس لتعزيز سلطة أفراد القوات المسلحة على المدنيين بمنحهم سلطة الضبطية القضائية، ومنح النيابة العسكرية اختصاص التحقيق في الجرائم التي يتم ضبطها بمعرفتهم، وقصر دور النيابة العامة على مجرد الإحالة إلى القضاء إذا ارتأت ذلك (مادة 4). كما أتاحت التعديلات لرئيس الجمهورية سلطة إسناد الاختصاص بالتحقيق في الجرائم التي تقع بالمخالفة لقانون الطوارئ إلى النيابة العسكرية (مادة 4)، فضلاً عن تعديل تشكيل محكمة أمن الدولة العليا طوارئ ليضم تشكيلها قضاة عسكريين بصفة دائمة (مادة 7)، بعدما كان مجرد استثناء في قانون الطوارئ، الأمر الذي يهدر حق المواطن الدستوري في المحاكمة أمام قاضيه الطبيعي".

وتابعت: "هذه التعديلات على قانون الطوارئ، المطبق بشكل شبه دائم منذ ثلاث سنوات، هي خطوة أخرى جديدة في سبيل التخريب المنهجي لمؤسسة العدالة منذ عام 2013 وحتى الآن، بداية من إصدار قانون بتشكيل دوائر الإرهاب رقم 94 لسنة 2015، وتعيين قضاتها المختارين بعناية، والتحكم في اختصاصها بما يتيح اختيار القضايا التي تحال إليها، وصولاً إلى توظيف الملاحقات والأحكام القضائية في الانتقام من الخصوم السياسيين والتنكيل بهم. هذا بالإضافة إلى صدور قانون حماية المنشآت العامة رقم 136 لسنة 2014 الذي أباح التوسع في محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري، والقانون رقم 77 لسنة 2019 الذي أجاز لرئيس الجمهورية التدخل في اختيار رؤساء الهيئات القضائية وتحصين هذا الاختيار في التعديلات الدستورية الأخيرة".
ولفتت المنظمات إلى أنّ هذه التعديلات "تأتي بالتزامن مع بعض القرارات الاقتصادية التي قد تكون مقدمة لقرارات مستقبلية أكبر، تضيف مزيدا من الأعباء على كاهل المواطن المصري الذي تأثر دخله بشكل مباشر وعنيف بسبب وباء كورونا المستجد، ومن قبله بسبب سياسات اقتصادية امتدت لسنوات تسببت في رفع معدل الفقر في مصر لمعدلات غير مسبوقة. الأمر الذي قد يعزز من احتمالية توظيف هذه التعديلات في إطار الطوارئ لمواجهة أية مساع مشروعة أو انتقادات محتملة لهذه القرارات، وإحكام القبضة الأمنية لكبح جماح أية اعتراضات عليها".

ووافق مجلس النواب، في 4 مايو/ أيار، على مشروع قانون يفرض "رسم تنمية دولة" 30 قرشًا على كل لتر بنزين، و25 قرشًا على كل ليتر سولار. كما أعدت الحكومة مسودة قانون جاهز للعرض على البرلمان يقضي باقتطاع 1% من رواتب موظفي الدولة لمدة 12 شهرًا، لتنمية قطاع الصحة ورفع ميزانيته في مواجهة وباء كورونا.

وفي المقابل، شهدت الأشهر القليلة الماضية حملات قبض وملاحقات قضائية واسعة، على خلفية انتقادات تتعلق بسياسات الدولة في مواجهة الوباء، وسط تواطؤ مستمر من النيابة العامة في حبس المزيد من أصحاب الآراء المعارضة أو الأصوات المستقلة، استنادًا إلى تحريات واهية من الأمن الوطني، وعلى خلفية قائمة اتهامات مكررة شبة ثابتة.

وأشارت المنظمات إلى أن "قانون الطوارئ المطبق بشكل شبه دائم، منذ مايو/ أيار 2017، لا يحتاج لأية تعديلات إضافية لمواجهة جائحة كورونا أو غيرها من حالات الطوارئ والضرورة، بل إن التعديلات الوحيدة التي يتعين إدخالها عليه يفترض أن تمنع التلاعب به حتى لا يتم تطبيقه لسنوات من دون توقف، وأن تتمحور حول ضمانات حماية المواطنين من بطش السلطات الأمنية وتعدياتها بحجة حالات الطوارئ".

ووقع على البيان كلّ من: "مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان"، و"مركز النديم"، و"الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان"، و"مؤسسة حرية الفكر والتعبير"، و"الجبهة المصرية لحقوق الإنسان"، و"مركز بلادي للحقوق والحريات"، و"مبادرة الحرية"، و"كوميتي فور جاستس".
دلالات