منتدى الدوحة: كيف تهدد الأخبار الزائفة الدول؟

15 أكتوبر 2019
أصدرت جامعة أوكسفورد تقريراً عن الأخبار الزائفة (قنا)
+ الخط -
كشفت أرقام وإحصاءات عرضت خلال اليوم الأول لمنتدى الأمن العالمي 2019، في نسخته الثانية الذي يعقد في الدوحة، عن التحديات الأمنية التي باتت تهدد مصائر الدول في وقت تتطور فيه وسائل الاتصال بشكل متزايد.

واستندت رئيسة مجلس إدارة شركة "سهيل سات"، حصة الجابر، في ورقة عمل قدمتها في المنتدى للكشف عن حجم هذا التهديد، إلى أرقام وإحصاءات في تقرير نشرته جامعة أوكسفورد، يتعلق بالأخبار الزائفة.
وأفاد التقرير بأن هناك 70 دولة تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي بنسبة 100 في المائة لبث الأخبار الزائفة، و80 في المائة منها تستخدم البشر لنشر هذه الأخبار، وفي بعض الأحيان الآليات الموجهة، وأن 11 في المائة من هذه الدول تستخدم كلا العنصرين لبث الأخبار الزائفة.

ولفتت الجابر إلى أن دولة قطر كانت إحدى ضحايا المعلومات المزيفة التي تم بثها في جميع أنحاء العالم، وقالت "عندما نأتي إلى كيفية تعامل الحكومات مع هذا الأمر بالتركيز على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فإننا نجد أن وسائل التواصل الاجتماعي متاحة حالياً لأكثر من 45 مليون شخص في هذه المنطقة مسجلين في (فيسبوك)، وهي المنصة رقم 1، بحسب تقرير أوكسفورد، عندما يتعلق الأمر بنشر المعلومات الزائفة خاصة في ظل سهولة نشر المعلومات وعدم المصداقية بشأنها".

وأضافت "إذا أردنا أن ننشر أخباراً كاذبة نحتاج فقط إلى جهاز حاسوب ومنصة يمكن نشر الأخبار فيها".

واعتبرت الجابر أن التصدي للمعلومات المضللة يستدعي القيام بثلاثة أمور، هي إصدار القوانين ذات الصلة، خاصة أن وجود قوانين متينة سيمكن الدول من ضبط الأمور المتعلقة بنشر الأخبار الزائفة، مشيرة إلى قيام بعض الدول بسن قوانين تقول إن نشر أي معلومات مزيفة باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي يوجب فرض غرامات كبيرة، وأن دولاً مثل سنغافورة وماليزيا وفرنسا والولايات المتحدة لها سياسات وقوانين وضوابط لحماية الخصوصية، لكن من دون الحد من حرية التعبير أو قمعها.

والأمر الثاني أن هناك مسؤولية تقع على عاتق شركات التواصل الاجتماعي ويجب عليها أن تكون مسؤولة بنسبة مائة في المائة، فهي تملك الكثير من الخوارزميات المعقدة ذات القدرة على ضبط واكتشاف الأخبار الزائفة والتعرف عليها، والثالث يتعلق بالتوعية بعملية الإعلام والتفكير النقدي، لا سيما وأن التوعية تعتبر الآلية التي تمكن الأشخاص من التعرف على كيفية التعامل مع الأخبار الزائفة والتأكد من مصداقيها. 

واعتبر وزير الشؤون الداخلية والقانون في حكومة سنغافورة، كيه شانموجام، أن غياب الترابط بين المؤسسات الوطنية يؤثر بصورة كبيرة على المجتمعات الديمقراطية، لا سيما فيما يتعلق بالتصدي للمعلومات المضللة والتي قد تضر بالكثير من المصالح، خاصة الوعي المجتمعي والتأثير السلبي على الشباب.

وشدد على ضرورة أن تبذل المجتمعات قصارى جهدها للحد من التداعيات السلبية التي تترتب على انتشار المعلومات السلبية والضارة، لافتاً إلى أنه قد تم في سنغافورة سن قانون للتعامل مع الذين يقومون بنشر معلومات غير صحيحة، إذ يتم تطبيق هذا القانون على جملة من الخطوات، بحيث يتم إنذار الشخص في بادئ الأمر، وإذا لم يلتزم يتم استدعاؤه إلى المحكمة ويتم فرض العقوبات عليه والتي تبدأ بتطبيق الغرامات.

وأكد على ضرورة سن السياسات والقوانين للحد من انتشار المعلومات المضللة، وأن يتم تطبيق القوانين بحيث تكون رادعة ومؤثرة في الحد من انتشار هذه المعلومات، وذلك جنباً إلى جنب مع ضمان الحقوق الدستورية للجميع. 

وبشأن تعامل دولة قطر مع الأخبار الكاذبة، أفاد رئيس "جامعة حمد بن خليفة"، أحمد مجاهد حسنة، في مداخلته خلال المنتدى، بأن خط الدفاع الأول للتعامل مع قضايا الأخبار الكاذبة لا سيما في القطاع التكنولوجي هو بناء المنظومة الأخلاقية.

ولفت إلى أن دولة قطر بذلت جهوداً جبارة من أجل الحد من انتشار هذه الأخبار الكاذبة، وكذلك عملت على توعية المجتمع بأنه، في حالة الأخبار الكاذبة، لا يتم الانزلاق إلى عمليات ردود الأفعال والتصديق المبهم لهذه الأخبار الكاذبة، وإنما يتم استخدام العقل والقيم والأعراف في التعامل مع الآخر، وهناك أيضاً الكثير من العمل حول السياسيات والأطر القانونية التي تمت في دولة قطر حول الجرائم الإلكترونية وغيرها، وذلك بالإضافة إلى أن هناك الكثير من المشاريع التي قامت بها الدولة مثل المدينة التعليمية، والتي كان أساسها هو بناء العقل الناقد الذي يستطيع أن يميز بين الأخبار الصادقة أو الكاذبة.

ولفت إلى أن موضوع الأخبار الكاذبة أصبح يستخدم من قبل الدول سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي، وهو جزء من المعادلة العالمية، مشيرا إلى أن الحصار الذي فرض على دولة قطر بني في جملته وتفصيله على أخبار كاذبة، تم تنسيقها من أجل بناء أرضية لبدء الحصار على قطر.
وأشار إلى أن القضية الحالية تتمثل في كيفية التعامل مع الأخبار الكاذبة على اعتبار صعوبة التحكم أو التخلص منها نهائياً، مبيناً أن آلية التعامل مع هذه الأخبار تكمن في عدة مستويات، منها التكنولوجي بحيث يتم تعزيز القدرات في مجال الأمن والحماية السيبرانية، بالإضافة إلى وضع الآليات القانونية المناسبة لذلك. 

وكان السيناتور جوزيف دونيلي، رئيس مجلس إدارة "مركز صوفان" الذي ينظم المنتدى بالتعاون مع "جامعة حمد بن خليفة"، قد ألقى كلمة في افتتاح المنتدى أشار فيها إلى أن مشاركة 51 دولة في منتدى الأمن العالمي يؤكد على أهمية التصدي للتحديات الجمة المترتبة على مفهوم المعلومات المضللة والمعلومات الزائفة التي يقصد منها الخديعة، وكذلك التركيز على دور الدول والأطراف المعنية في التصدي للمعلومات المضللة والمعلومات الزائفة، وكذلك التركيز على المجموعات الإرهابية التي قامت بدورها بتطوير قدرات متقدمة لتضليل المعلومات، والتي أيضاً، رغم تفاوت أهدافها تجمعها سمات موحدة، هي نشر الرعب والإرهاب وتجنيد تابعين جدد لتبني قضيتهم ودفع الأفراد للتطرف وإرباك الجماهير.

ولفت إلى أن المعلومات المضللة ليست أمراً جديداً، ولكنها تطورت بصورة كبيرة، لا سيما في ظل التكنولوجيا الحديثة وتطور العالم الافتراضي والرقمي، مما سلط الضوء على أهمية التأكيد على ما هو فعلاً حقيقي وما هو زائف، مبيناً أن المعلومات المضللة باتت مسألة عالمية، حيث تستخدمها مجموعة من الأطراف لتحقيق نواياها الخبيثة والمتعددة.

وأوضح أنه بالرغم من أن تهديد المعلومات المضللة يشكل أهمية قصوى للسياسة، فهو يشكل أيضاً تحدياً للمجال السياسي والاقتصادي، فهو يدمر سمعة الشركات ويؤدي لخسائر اقتصادية كبيرة.
وأكد أن المنتدى يمثل فرصة يجب استغلالها لتبادل وجهات النظر بشأن أفضل الممارسات والمقاربات المبتكرة بشأن المعلومات المضللة وآليات التصدي لها، لاسيما في ظل الوجود المميز للخبراء المحليين والإقليميين والدوليين، آملاً أن تسهم الأفكار والمقترحات التي يتم طرحها خلال المؤتمر في الوصول إلى حلول ناجعة تساعد على التصدي للمعلومات المضللة.

المساهمون