ورغم محاولات وزارة الاقتصاد الوطني في الحكومة الفلسطينية، ضبط السوق المحلية في الضفة الغربية، من خلال منع بيع أي منتج قادم من المستوطنات الإسرائيلية، إلا أن سوق حسبة رام الله، هو مثال واحد على عشرات الأسواق التي تفيض بمنتجات قادمة من مزارع ومصانع مقامة على أراضي الضفة الغربية.
في المقابل، تتواصل الحملات الأوروبية المقاطعة لإسرائيل ومستوطناتها، والتي بدأت بشكل رسمي منذ مطلع العام الجاري، عبر تمييز منتجات المستوطنات في المحال التجارية، لتكون واضحة أمام المستهلك الأوروبي، فضلا عن أشكال أخرى من المقاطعة الأكاديمية والعلمية.
وقال منسق اللجنة الوطنية لحركة مقاطعة إسرائيل، عمر البرغوثي، إن السوق الفلسطينية يجب أن تكون قدوة للأسواق العربية والعالمية، "إلا أن ذلك لم يحدث"، مشيراً إلى أن التجربة الأوروبية جديرة بتطبيقها محلياً.
وأضاف خلال حديث مع "العربي الجديد" أن ثقافة المستهلك يجب أن تكون حاضرة عند شراء أية منتجات فلسطينية أو أجنبية، "ومن هنا نحن بحاجة إلى حملة ضخمة في السوق الفلسطينية، لإعادة الثقة بالمنتج المحلي ومحاربة الإسرائيلي".
وقال تاجر الخضار ابراهيم القاسم، والذي يعرض أفوكادو وبروكولي من إنتاج المستوطنات، إن المنتج المحلي الفلسطيني لا يلقى رواجاً بين المستهلكين، "نحن نريد أن نبيع ونكسب لقمة عيشنا، ومن دون المنتج الإسرائيلي لن يجد المستهلك حاجته من الأفوكادو وبعض الخضروات والفاكهة الأخرى".
يذكر أن المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية أصدر تقريراً، الشهر الماضي، قدّر خلاله أن تتجاوز الخسائر السنوية لإسرائيل بسبب المقاطعة الأوروبية لها ولمستوطناتها، أكثر من 31 مليار شيكل سنوياً، يرافقها فصل قرابة 9800 عامل من داخل إسرائيل والمستوطنات معاً.
وكانت بيانات وأرقام صادرة عن وزارة الاقتصاد الوطني للحكومة الفلسطينية أخيرا، أظهرت أن إجمالي ما ضبطته طواقم حماية المستهلك التابعة للوزارة خلال العام الماضي بلغ 140 طناً، بلغت قيمتها نحو 40 مليون شيكل (11.5 مليون دولار).
وقال مصدر مسؤول في الوزارة، إن إجمالي ما تم ضبطه خلال العام الماضي لا يمثل أكثر من 20٪ مما هو موجود فعلياً، في الأسواق والمحال التجارية (...)، "نحاول قدر الإمكان مكافحة منتجات المستوطنات، إلا أننا نواجه مشكلة في صعوبة السيطرة عند مداخل المدن".
يذكر أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ورئيس الوزراء الأسبق د. سلام فياض، قد أقرا قانوناً قبل نحو أربع سنوات، يحظر إدخال أية منتجات مصدرها المستوطنات الإسرائيلية.
وقال وزير الاقتصاد الوطني جواد الناجي، إن المتاجرة بمنتجات المستوطنات هو خط أحمر، يحظر العمل به، "بل ويعرض صاحبه للسجن ودفع الغرامة، إضافة إلى مصادرة وإتلاف كافة البضائع المصادرة".
وأضاف الناجي خلال اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إن قرار المقاطعة أصبح استحقاقاً عالمياً، "بعد إعلان الاتحاد الأوروبي عبر مفوضة الشؤون الخارجية كاثرين آشتون، بمقاطعة تجارية وأكاديمية وصناعية وتعاونية بين دول الاتحاد والمستوطنات، والذي بدأ العمل به مطلع العام الجاري".
ووفق المادة (14) من قانون حظر ومكافحة منتجات المستوطنات الإسرائيلية، يعاقب كل من يخالف أحكام هذا القانون بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تزيد على خمس سنوات، وغرامة مالية لا تقل عن 10 آلاف دينار أردني (14 ألف دولار)، كل من تداول منتجات المستوطنات، وكل من شارك أو ساهم في تداولها.
ويعمل في المستوطنات الإسرائيلية، نحو 19 ألف عامل فلسطيني، وفق أحدث البيانات الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، بينما يعمل نحو 84 ألف عامل فلسطيني داخل إسرائيل.
وداخل المدينة نفسها (رام الله)، يقدم أحد المتاجر نموذجاً للمقاطعة الفلسطينية لأية منتجات مصدرها الكيان الصهيوني ومستوطناتها، بل يتجاوز الأمر بالتوجه إلى استيراد السلع والبضائع التي يحتاجها من دول تعارض السياسة الإسرائيلية.
وخلال لقاء معه، فنّد قاسم ازحيمان، صاحب محمص وبن ازحيمان، الادعاءات القائلة إن غياب منتجات الكيان الصهيوني والمستوطنات في المحال التجارية الفلسطينية، سيكبد التاجر خسائر كبيرة.
وأضاف ازحيمان لمراسل "العربي الجديد"، إنه، ومنذ سنوات، لم يدخل إلى محلاته المنتشرة في مدن الضفة، أية منتجات مصدرها إسرائيل أو المستوطنات، "بل إننا نحاول استيراد بضائعنا من دول مناكفة لإسرائيل، مثل تركيا، على سبيل المثال".
ومضى قائلاً "الحمد لله نسبة مبيعاتنا من البن والسكريات، وبعض المواد الغذائية الأخرى، في ارتفاع مستمر، ونحن نجحنا في فتح فروع لنا في أكثر من مدينة في الضفة الغربية، بإمكاننا الاستغناء عن إسرائيل، لو أردنا ذلك".
يذكر أن إجمالي الواردات الفلسطينية من إسرائيل، بلغ خلال العام الماضي 3.5 مليار دولار، والتي تشكل نسبتها نحو 70٪ من إجمالي الواردات الفلسطينية من الخارج. مقابل صادرات فلسطينية لإسرائيل لم تتجاوز 800 مليون دولار لنفس العام.
وتمارس دول الاتحاد الأوروبي، ضد المستوطنات الإسرائيلية المقامة على أراضي 1967 مقاطعة أكاديمية وعلمية ومالية، إلى جانب التجارية.