في تطور غير مسبوق في المملكة العربية السعودية منذ عقود طويلة، عيّن العاهل السعودي ابنه، الأمير عبد العزيز بن سلمان، وزيراً للطاقة، ليحل محل خالد الفالح، ويصبح أول عضو في الأسرة الحاكمة يتولى منصب وزير الطاقة، في أكبر دولة مصدّرة للنفط في العالم، ما يجعل نحو نصف الاقتصاد السعودي في قبضة آل سلمان.
وجرى الإعلان عن تعيين الأمير عبد العزيز في مرسوم ملكي نشرته وكالة الأنباء السعودية "واس" في وقت متأخر من مساء السبت، بينما تولى حقيبة النفط خمسة وزراء منذ 1960 لم يكن أحد منهم من أفراد الأسرة الحاكمة.
وتقول مصادر سعودية ودبلوماسيون، وفق رويترز، إن التفكير الذي كان سائداً هو أن الأسرة الحاكمة في السعودية تعتبر منصب وزير النفط مهماً جداً، إلى حد أن إسناده إلى أحد الأمراء قد يخل بتوازن السلطة الدقيق في الأسرة، ويخاطر بجعل السياسة النفطية رهينة للمناورات السياسية.
ويأتي قرار تعيين الأمير عبد العزيز، بعد فترة وجيزة من إنشاء السعودية وزارة للصناعة والموارد المعدنية في أغسطس/آب الماضي، فاصلة إياها عن وزارة الطاقة الضخمة. وقبل قرار الفصل، كان الفالح يشرف على أكثر من نصف الاقتصاد السعودي من خلال وزارته الضخمة.
وبحسب بلومبيرغ: "ليس من الواضح على الفور ما إذا كان قرار ترقية الأمير عبد العزيز يعكس الرغبة في تغيير سياسة النفط، بدلاً من استياء الملك من الفالح، الذي قيل إنه وقف ضد طرح شركة أرامكو، عملاق النفط السعودي، في البورصات العالمية خلافا لتوجه ولي العهد".
وكان موقع "أويل برايس" العالمي قد ذكر في تقرير له الأسبوع الماضي، أنه، خلال السنوات القليلة الماضية، كافح محمد بن سلمان للحصول على دعم موحد للطرح العام الأولي، لكن القوى المحافظة داخل الديوان الملكي ووزارة الطاقة وأرامكو تعارض بوضوح أي عملية عرض عام أوّلي متسرعة.
ووفق التقرير "كثرت الشائعات التي تفيد بأن الفالح وبعض الأطراف حذّروا محمد بن سلمان من إعادة النظر في الطرح العام الأولي لأرامكو وأهدافه".
وبجانب الإقالة من منصبه كوزير للطاقة، أُعفي الفالح أيضا، الأسبوع الماضي، من منصبه كرئيس لشركة أرامكو، وجرى تعيين ياسر الرميان، رئيس صندوق الاستثمارات العامة، وهو صندوق الثروة السيادي للمملكة، رئيسا جديداً لأرامكو.
واستبعد مسؤولون سعوديون ومحللون، أن يغيّر الأمير عبد العزيز سياسة بلاده النفطية أو توجهها نحو منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك".
ونقلت بلومبيرغ عن بوب ماكنالي، رئيس مجموعة رابيدان للطاقة، قوله: "لا أتوقع أي تحولات كبيرة في سياسة النفط السعودية الحالية أو العلاقات مع روسيا"، في إشارة إلى الاتفاق المبرم لخفض الإنتاج بين أوبك والمنتجين من خارج المنظمة.
وساعد الأمير عبد العزيز في التفاوض على الاتفاق الحالي بين أوبك والمنتجين غير الأعضاء، في إطار ما بات يعرف بمجموعة أوبك+، لخفض المعروض العالمي من النفط لدعم الأسعار وتحقيق التوازن في السوق.
وأنتجت السعودية أقل من عشرة ملايين برميل يومياً معظم 2019، وهو ما يقل عن مستوى إنتاجها المستهدف في أوبك. وقالت حليمة كروفت، العضو المنتدب في مؤسسة "آر.بي.سي كابيتال ماركتس" لرويترز: "لا أعتقد أنه ستكون هناك أي تحولات كبيرة على صعيد سياسة أوبك أو المبادرات الأوسع نطاقا".
والأمير (59 عاما) أخ غير شقيق لولي العهد الأمير محمد بن سلمان. وكان قد عُين وزير دولة لشؤون الطاقة في 2017، وعمل عن قرب مع وزير البترول السابق، علي النعيمي، كنائبه لسنوات.
وتواجه السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، ضغوطا اقتصادية متزايدة في ظل تراجع عائدات النفط مع استمرار الأسعار عند مستويات متدنية، مقارنة مع فترات قبل الانهيار نهاية عام 2014، بجانب تداعيات الإخفاقات التي أحاطت بالمشروعات والخطط الاقتصادية الرئيسية، التي أدرجها ولي العهد محمد بن سلمان ضمن رؤية 2030، التي روج لها على أنها مستقبل السعودية، بينما تبنّت مؤسسات مالية وبحثية عالمية مواقف أكثر تشاؤمية لمستقبل المملكة، في ظل الفشل المتتالي على الصعيد الاقتصادي واستنزاف موارد الدولة.
وانخفضت صادرات النفط خلال يونيو/حزيران الماضي، للشهر الثالث على التوالي، وفق بيانات صادرة، في أغسطس/آب، عن مبادرة البيانات المشتركة للدول المنتجة للنفط "جودي"، لتصل إلى 6.721 ملايين برميل يومياً، مقابل 6.942 ملايين برميل يوميا في مايو/أيار، لتسجل بذلك أدنى مستوى في 4 سنوات ونصف السنة.
وسجل قطاع الطاقة خلال النصف الأول من العام الجاري، تراجعاً حاداً وغير مسبوق في الأرباح، بنسبة بلغت 73.7 في المائة، وفق نتائج أعمال الشركات المقيدة في البورصة، والتي تم الإفصاح عنها الشهر الماضي.