19 يوليو 2017
مكافحة الفساد بين السودان وإثيوبيا
يحلو لرواد مواقع التواصل الاجتماعي في السودان عقد المقارنات بين واقع بلادهم المرير ودول الجوار الأفريقي، فقد شهدت الفترة الماضية نشر شباب سودانيين على موقع فيسبوك صور طُرُق أنشأتها إثيوبيا أخيراً، خصوصاً طريق أداما أديس أبابا والطريق الرابط بين العاصمة ومدينة هواسا جنوبا. كما يتبادل السودانيون، بحسرة شديدة، صور ومقاطع فيديو لمترو أديس أبابا الذي تم افتتاحه خلال الفترة الماضية بغرض تخفيف الازدحام في بلدٍ يضم نحو مائة مليون نسمة.
الخبر الآخر الذي وجد اهتماماً وتداولاً على شبكات التواصل الاجتماعي ومجالس المدينة في الخرطوم إعلان السلطات الإثيوبية اعتقال وزير المالية، أليمايهو غوجو، بعد رفع البرلمان الحصانة عنه، وعن عشرات المسؤولين الحكوميين في المالية وهيئات الطرق والجهاز الإداري الحكومي، فضلاً عن رجال أعمال وسماسرة يشتبه بضلوعهم في صفقات فساد.
يأتي إعلان أديس أبابا عن اعتقال الوزير بعد نحو عامٍ من اضطرابات عنيفة، شهدتها مناطق إقليمي أوروميا وأمهرا، والتي انتهت بمقتل مئات خلال مواجهات استمرت أياماً، وكادت أن تعصف باستقرار الدولة التي تحتضن مقر الاتحاد الأفريقي وغالبية مؤسسات الأمم المتحدة الخاصة بالقارة السمراء.
ليس الوزير غوجو الذي تمّ اعتقاله بتهم الفسادمسؤولاً عادياً، ولا هو من "المؤلفة قلوبهم"، بل هو من قيادات الحكومة ورموزها منذ عهد رئيس الوزراء الراحل، مليس زيناوي، واحتفظ بمنصبه عند انتخاب هايلي مريام ديسالين خلفاً لزيناوي، فقد حرص على إبقائه في التشكيل الذي أعلنه في أكتوبر/ تشرين الأول 2016.. ما يعكس اهتمام الحكومة وحرصها على مكافحة الفساد ومحاسبة كل شخص طالته الشبهات مهما كان منصبه.
إذا أردنا أن نقارن بين إثيوبيا وجارتها الغربية، السودان، في مجال مكافحة الفساد، سنجد البون شاسعا والفارق كبيرا، على الرغم من الحديث المتكرّر والممجوج لحكومة الخرطوم عن محاربة الفساد، فالسودان ظلّ يحوز على لقب أكثر الدول فساداً على مستوى العالم بحسب منظمات الأمم المتحدة، ما دفع الرئيس عمر البشير إلى إنشاء آلية مكافحة الفساد عام 2012، إلا أنّ الآلية اختفت في ظروف غامضة، ولم يسمع الناس عنها شيئاً. وفي مطلع 2015، أعلن الرئيس السوداني، عمر البشير، مرة أخرى عن قيام المفوضية القومية لمكافحة الفساد التي مضى على إنشائها نحو ثلاثة أعوام، من دون أن تقدّم مسؤولاً واحداً إلى المحاكمة، ولم تتخذ إجراءاً بإيقاف الرسوم والأموال غير القانونية التي تتحصلها جهات حكومية عديدة من الجمهور من دون وجه حق.
لذلك، ليس اعتقال وزير المالية في إثيوبيا وإحالته إلى المحاسبة حدثاً بسيطاً وعابراً، يمكنه أن يكون كذلك إذا حصل في إحدى دول العالم الأول، أما أن يحدث هذا في دولة أفريقية، فإنه يشير إلى قوة حكم تحالف "الجبهة الثورية للشعوب الإثيوبية"، وإلى أي مدى نجح الائتلاف الحاكم في قيادة هذا البلد الذي يحل ثانياً في القارة الأفريقية من حيث عدد السكان، ليكون في مقدمة الدول الأسرع نمواً ليس في القارة فحسب بل كذلك على مستوى العالم.
لم تلجأ حكومة أديس أبابا إلى نظرية المؤامرة والاستهداف التي تعشقها الحكومة السودانية، بل اعترفت بوجود أسباب حقيقية لتلك الاحتجاجات التي أدّت إلى مقتل مئات المواطنين، وسارع الحزب الحاكم في إثيوبيا، آنذاك، إلى تقصّي جذور الأزمة والتعامل مع أسباب الاحتجاجات، بخلفياتها السياسية والاقتصادية، وكانت أول الإجراءات هي التراجع عن مشروع توسيع العاصمة أديس أبابا الذي أثار احتجاج قومية الأرورمو، إذ اعتبروا ذلك المشروع تعدّياً على أراضيهم، ثم اتخذ رئيس الوزراء ديسالين قراراً بإعادة تشكيل الحكومة، بما يضمن تمثيلاً أكثر شمولاً واستيعاباً لمكونات الشعوب الإثيوبية وقومياتها المختلفة، بينما في السودان تزكم رائحة الفساد الأنوف باعتراف قيادات محسوبة على الحزب الحاكم.
شتّان بين دولةٍ تتحدث عن محاربة الفساد بالشعارات البراقة وتحمي الفساد والمفسدين في الوقت نفسه، ودولة أخرى تقدم نموذجاً أفريقياً شجاعاً في الشفافية والمحاسبة، فمخالفات الوزير الإثيوبي لم تتعدَ إرساءه لشركتين من القطاع الخاص تنفيذ مقاولتين، يبلغ مجموع قيمتهما 26 مليون دولار، من دون أن تتقدّما بطلب للمشاركة في عطاءٍ كان مفتوحاً لهذا الغرض، واشتُبه بأنّه تلّقى رشوة مقابل ذلك، وهذا شيء بسيط مقارنة مع قضايا الفساد في السودان.
الخبر الآخر الذي وجد اهتماماً وتداولاً على شبكات التواصل الاجتماعي ومجالس المدينة في الخرطوم إعلان السلطات الإثيوبية اعتقال وزير المالية، أليمايهو غوجو، بعد رفع البرلمان الحصانة عنه، وعن عشرات المسؤولين الحكوميين في المالية وهيئات الطرق والجهاز الإداري الحكومي، فضلاً عن رجال أعمال وسماسرة يشتبه بضلوعهم في صفقات فساد.
يأتي إعلان أديس أبابا عن اعتقال الوزير بعد نحو عامٍ من اضطرابات عنيفة، شهدتها مناطق إقليمي أوروميا وأمهرا، والتي انتهت بمقتل مئات خلال مواجهات استمرت أياماً، وكادت أن تعصف باستقرار الدولة التي تحتضن مقر الاتحاد الأفريقي وغالبية مؤسسات الأمم المتحدة الخاصة بالقارة السمراء.
ليس الوزير غوجو الذي تمّ اعتقاله بتهم الفسادمسؤولاً عادياً، ولا هو من "المؤلفة قلوبهم"، بل هو من قيادات الحكومة ورموزها منذ عهد رئيس الوزراء الراحل، مليس زيناوي، واحتفظ بمنصبه عند انتخاب هايلي مريام ديسالين خلفاً لزيناوي، فقد حرص على إبقائه في التشكيل الذي أعلنه في أكتوبر/ تشرين الأول 2016.. ما يعكس اهتمام الحكومة وحرصها على مكافحة الفساد ومحاسبة كل شخص طالته الشبهات مهما كان منصبه.
إذا أردنا أن نقارن بين إثيوبيا وجارتها الغربية، السودان، في مجال مكافحة الفساد، سنجد البون شاسعا والفارق كبيرا، على الرغم من الحديث المتكرّر والممجوج لحكومة الخرطوم عن محاربة الفساد، فالسودان ظلّ يحوز على لقب أكثر الدول فساداً على مستوى العالم بحسب منظمات الأمم المتحدة، ما دفع الرئيس عمر البشير إلى إنشاء آلية مكافحة الفساد عام 2012، إلا أنّ الآلية اختفت في ظروف غامضة، ولم يسمع الناس عنها شيئاً. وفي مطلع 2015، أعلن الرئيس السوداني، عمر البشير، مرة أخرى عن قيام المفوضية القومية لمكافحة الفساد التي مضى على إنشائها نحو ثلاثة أعوام، من دون أن تقدّم مسؤولاً واحداً إلى المحاكمة، ولم تتخذ إجراءاً بإيقاف الرسوم والأموال غير القانونية التي تتحصلها جهات حكومية عديدة من الجمهور من دون وجه حق.
لذلك، ليس اعتقال وزير المالية في إثيوبيا وإحالته إلى المحاسبة حدثاً بسيطاً وعابراً، يمكنه أن يكون كذلك إذا حصل في إحدى دول العالم الأول، أما أن يحدث هذا في دولة أفريقية، فإنه يشير إلى قوة حكم تحالف "الجبهة الثورية للشعوب الإثيوبية"، وإلى أي مدى نجح الائتلاف الحاكم في قيادة هذا البلد الذي يحل ثانياً في القارة الأفريقية من حيث عدد السكان، ليكون في مقدمة الدول الأسرع نمواً ليس في القارة فحسب بل كذلك على مستوى العالم.
لم تلجأ حكومة أديس أبابا إلى نظرية المؤامرة والاستهداف التي تعشقها الحكومة السودانية، بل اعترفت بوجود أسباب حقيقية لتلك الاحتجاجات التي أدّت إلى مقتل مئات المواطنين، وسارع الحزب الحاكم في إثيوبيا، آنذاك، إلى تقصّي جذور الأزمة والتعامل مع أسباب الاحتجاجات، بخلفياتها السياسية والاقتصادية، وكانت أول الإجراءات هي التراجع عن مشروع توسيع العاصمة أديس أبابا الذي أثار احتجاج قومية الأرورمو، إذ اعتبروا ذلك المشروع تعدّياً على أراضيهم، ثم اتخذ رئيس الوزراء ديسالين قراراً بإعادة تشكيل الحكومة، بما يضمن تمثيلاً أكثر شمولاً واستيعاباً لمكونات الشعوب الإثيوبية وقومياتها المختلفة، بينما في السودان تزكم رائحة الفساد الأنوف باعتراف قيادات محسوبة على الحزب الحاكم.
شتّان بين دولةٍ تتحدث عن محاربة الفساد بالشعارات البراقة وتحمي الفساد والمفسدين في الوقت نفسه، ودولة أخرى تقدم نموذجاً أفريقياً شجاعاً في الشفافية والمحاسبة، فمخالفات الوزير الإثيوبي لم تتعدَ إرساءه لشركتين من القطاع الخاص تنفيذ مقاولتين، يبلغ مجموع قيمتهما 26 مليون دولار، من دون أن تتقدّما بطلب للمشاركة في عطاءٍ كان مفتوحاً لهذا الغرض، واشتُبه بأنّه تلّقى رشوة مقابل ذلك، وهذا شيء بسيط مقارنة مع قضايا الفساد في السودان.
مقالات أخرى
22 مايو 2017
16 مايو 2017
09 مايو 2017