للعام السابع على التوالي، لم تتمكن الخمسينية الجزائرية فاطنة بولغيثي، من الفوز بقرعة الحج التي تشارك فيها منذ عام 2011 من دون جدوى، وتعبّر فاطنة بحسرة كبيرة عن حزنها لانتظارها حتى الآن من دون أن تتمكن من أداء الركن الخامس من الإسلام، بالرغم من أنها جاهزة منذ سنوات بدنيا ونفسيا ومعنويا، كما تقول. بينما ابتسم الحظ أخيرا لزوجة السبعيني رابح سعيدي، من سيدي موسى جنوبي العاصمة الجزائر، بعد أن شاركت 12 مرة في القرعة، لتفوز بتأشيرة من بين كوتة حجاج الجزائر البالغة 36 ألف فرصة، مقارنة بعدد المتقدمين البالغ مليون مسجل في القرعة، خلال الفترة ما بين 2 يناير/كانون الثاني وحتى 31 يناير من عام 2018، عبر الموقع www.interieur.gov.dz، كما يوضح المكلف بالإعلام في الوزارة، ياسين بلخير.
كوتة ضئيلة
ارتفع عدد سكان الجزائر إلى 42.2 مليون نسمة، مقابل 40 مليون نسمة في عام 2016، بحسب ما أعلنه ديوان الإحصاء في نشرته رقم 816 الصادرة بتاريخ 1 يناير/كانون الثاني من عام 2018. ورغم زيادة عدد السكان، إلا أن السعودية لم تمنح الجزائر كوتة إضافية وفقا للنظام المتبع، كما يقول مستشار وزير الشؤون الدينية والأوقاف، يوسف مشرية، موضحا أن وزارة الحج السعودية تعمل بنظام منح 1000 تأشيرة لكل مليون نسمة، لكن الجزائر لم تحصل على حصتها، إذ لم ينعكس زيادة النمو الديموغرافي على كوتة الحجيج، بالرغم من أن السلطات الجزائرية أرسلت، في يوم 4 يناير الماضي، وفدا رفيعا إلى السعودية للتفاوض حول الكوتة، ممثلا في وزير الشؤون الدينية محمد عيسى، وسفير الجزائر لدى الرياض أحمد عبد الصدوق، وقنصل الجزائر في جدة عبد القادر قاسمي الحساني، ومدير الديوان الوطني للحج والعمرة يوسف عزوزة؛ إذ التقى هؤلاء بوزير الحج السعودي، محمد صالح بنتن، وتم التفاوض معه حول رفع كوتة الجزائر في حج 2018، كما أوضح رئيس الديوان الوطني للحج والعمرة الذي شارك في اللقاء، قائلا إن "الجزائر ومع ارتفاع عدد سكانها وتزايد عدد الطلبات على الحج، تقدمت بطلب رسمي إلى السعودية لزيادة عدد الحجيج، إلا أن السعودية اعتذرت بحكم طاقة استيعاب الحجيج المحدودة في البقاع المقدسة من فنادق وعمارات".
لكن في المقابل، يرى النائب البرلماني وعضو لجنة الصداقة الجزائرية السعودية، لخضر بن خلاف، أن نظام منح 1000 تأشيرة حج لكل مليون نسمة يعني أن حصة الجزائر لابد وأن تكون 42 ألف حاج، باعتبار أن عدد السكان وصل إلى 42.2 مليون نسمة، لكن السعودية لم تأخذ هذا الأمر المبدئي بعين الاعتبار، كما يقول، وهو ما يطابق ما وثّقته الهيئة الدولية لمراقبة إدارة السعودية للحرمين (مؤسسة تعنى برصد ومراقبة سبل وطريقة إدارة المملكة العربية السعودية للمشاعر المقدسة) والتي أشارت في رسالة موجهة إلى مجلس حقوق الإنسان في جنيف، في يونيو/حزيران الماضي، لمناقشة الانتهاكات التي ترتكبها إدارة الرياض في المشاعر المقدسة، والتي تمس حرية الدين والمعتقد، إلى قرار السلطات السعودية بإعطاء دولة الجزائر حصة حج صغيرة مقارنة بعدد السكان، مرجعة الأمر إلى رفض الحكومة الجزائرية دعم القرارات السعودية السياسية تجاه الدول التي تعارضها.
اقــرأ أيضاً
مقارنة الجزائر وإيران
رصد النائب بن خلاف حرمان الكثير من الجزائريين من الحج قائلا "ثمة صعوبة في تقسيم الكوتة المخصصة للجزائر على بلديات الوطن، لا سيما المناطق النائية التي لم يستفد عدد كبير من سكانها من فرصة أداء الركن الخامس وزيارة البقاع المقدسة، بسبب عدم تناسب الكوتة مع عدد السكان"، مضيفا "سأتوجه بسؤال إلى وزير الشؤون الدينية في البرلمان لمعرفة سبب عدم استجابة السعودية للطلب وعدم معاملة الجزائر بمثل ما عاملت به باقي الدول التي طالبت برفع حصصها"، وهو ما يوافقه فيه مستشار وزير الشؤون الدينية، يوسف مشرية، موضحا "إن إيران مثلا يزيد عدد سكانها عن 80 مليون نسمة، وفقا للأرقام المعلنة، وبلغ عدد حجيجها 86 ألفا 500 حاج في العام الماضي، وفي العام الحالي 85 ألفا و200 حاج، وهذا يدل على أن السلطات السعودية استجابت لمفاوضات الإيرانيين للوصول إلى اتفاقية 1000 حاج لكل مليون نسمة، على عكس الجزائر"، مضيفا أنه ربما لاختلافات الرؤى في الكثير من المسائل بين البلدين، انعكس الأمر على كوتة الجزائر من الحجيج، ليقول في السياق إن الموضوع يبقى غير مفهوم، باعتبار أن إيران لا تتفق مع السعودية في الكثير من المسائل، لكنها حققت حصتها كاملة بل وزيادة من كوتة الحج. ويضيف مشرية، أن وزارة الشؤون الدينية لن تتوقف عند هذا الحد، وستتفاوض في موسم الحج المقبل للحصول على حصة الجزائر من الكوتة، خاصة أن أشغال توسعة الحرم انتهت، وبالتالي لا توجد حجج أخرى لحرمان الجزائر من حقها في عدد الحجيج".
اقــرأ أيضاً
اختلافات سياسية
يتفق أستاذ العلاقات الدولية في جامعة الجزائر، محمد صاغور، مع ضرورة زيادة كوتة الجزائر من الحجاج، بحكم عدد سكانها، ليعرج بأن السلطات الجزائرية كان الأجدر بها التفاوض بقوة وفرض رأيها، قائلا "توجد اختلافات سياسية بين رؤى الجزائر والسعودية في قضايا المنطقة، على غرار القضية السورية والصحراء الغربية وكذلك الأزمة الخليجية". وهنا يفسر أستاذ العلوم السياسية في جامعة الجزائر، محمد دخوش، الأمر، بأن الجزائر "كانت مع حل سياسي للقضية السورية، وترفض انحياز السعودية للمغرب في قضية الصحراء، كما أنها لم تؤيد الحصار على قطر، ودعت إلى الحوار واحترام مبادئ حسن الجوار منذ اللحظة الأولى". ويضيف دخوش، أن "الجزائر رفضت التجاوب مع السعودية والإمارات بإدراج جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية، في إبريل/نيسان من عام 2014، بعد أن قام البلدان بذلك، في مارس/آذار من العام ذاته. كما وقفت ضد إدراج الإخوان في قوائم المنظمات الإرهابية، لدى اجتماع اتحاد برلمانات الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، بجانب وفود دول كل من تركيا وإيران ولبنان والمغرب ونيجيريا في عام 2017. كما غابت الجزائر عن التحالفات العسكرية التي تقودها السعودية، مثل التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب، والتحالف العربي المشارك في حرب اليمن، بسبب خصوصية الموقف الجزائري حيال أزمات المنطقة، وهي كلها مسائل جعلت التناغم يغيب عن العلاقات الجزائرية السعودية" كما يقول.
بينما يضيف الأكاديمي صاغور، بخصوص احتمال استعمال السعودية الحج كورقة ضغط على الجزائر، بأن السعودية لن تجهر بذلك، كونها تعرف موقع وقوة وتأثير الجزائر في المنطقة، فهي تتفادى أن تخلق عدوا. وهو نفس السياق الذي يذهب إليه رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الجزائر، سليمان أعراج، الذي قال إن الجزائر لها موقع جيواستراتيجي وتأثير هام، والسعودية لا يمكن أن تضغط عليها بورقة الحج.
لكن في المقابل، فإن الهيئة الدولية لمراقبة إدارة السعودية للحرمين ذكرت، في رسالتها الموجهة إلى مجلس حقوق الإنسان، نقلا عن مصدر مقرب من الوفد الجزائري المفاوض للسعودية لزيادة كوتة الحجيج، أنه تم الحديث "مع الوفد الجزائري بشكل غير مباشر بشأن عدم تقديم المساندة السياسية لبعض الدول الإسلامية، أو اتخاذ مواقف سياسية مختلفة عن مواقف المملكة السعودية السياسية".
حادثة الراية
انزعجت السلطات السعودية من حادثة راية الملعب أو "تيفو (لافتة تشجيعية ضخمة) عين مليلة" التي تمت في ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، حيث قام أنصار فريق عين مليلة شرقي الجزائر بحمل راية عملاقة في المدرجات فيها صورة للرئيس الأميركي دونالد ترامب بوجه نصفه الآخر للعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، وكتب عليها وجهان لعملة واحدة، وجاءت الصورة كتعبير عن رفض مشجعي الفريق الجزائري نقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة. وأثارت حادثة الراية جدلا واسعا بين البلدين، قبل أن يعتذر الوزير الأول أحمد أويحي، في 19 ديسمبر، باسم الشعب الجزائري عن تصرّف أنصار عين مليلة، معتبرا إياه تصرفا منعزلا.
حرمان من تغطية الحج
حرمت السعودية فضائيتي النهار والشروق الجزائريين، والمعتادتين على تغطية موسم الحج، من الموافقات التي يتطلبها الأمر. ويقول رئيس تحرير قناة الشروق، الهادي بن حملة، إنها مُنعت للعام الثاني على التوالي من التغطية لأسباب تبقى مجهولة، وقال "صحيح كانت لدينا بعض المواضيع الانتقادية للسعودية، لكن هذه السنة لم ننتقد، ورغم ذلك حُرمنا من التغطية". وأضاف "كان يجب على وزارة الخارجية الجزائرية التدخل وتقديم توضيحات حول عدم الترخيص لنا بتغطية الحج".
وربطت السعودية زيادة حصص الجزائر من الحج في الموسم القادم بتغيب بعض الدول أو الأفراد عن الحج، بحسب ما نقلته الهيئة الدولية لمراقبة إدارة السعودية للحرمين، عن مصدر مقرب من الوفد الجزائري المفاوض للهيئة. وسعيا إلى استيضاح الموقف السعودي، ذهب معدّ التحقيق إلى مقر السفارة السعودية في بن عكنون في العاصمة، وطلب مقابلة الملحق الإعلامي، إلا أنه قوبل بالرفض، وطُلب منه الاتصال بهاتف السفارة، غير أن الملحق الإعلامي لم يرد. بينما نفى مصدر آخر في السفارة، شدد على عدم ذكر اسمه أو منصبه، وجود مشكلة سياسية مع الجزائر، مرجعا عدم زيادة كوتة الجزائر إلى عدم امتلاك أماكن الاستيعاب اللازمة لعدد إضافي من الحجيج من مختلف الدول، متوقعا زيادة الكوتة في الموسم القادم.
كوتة ضئيلة
ارتفع عدد سكان الجزائر إلى 42.2 مليون نسمة، مقابل 40 مليون نسمة في عام 2016، بحسب ما أعلنه ديوان الإحصاء في نشرته رقم 816 الصادرة بتاريخ 1 يناير/كانون الثاني من عام 2018. ورغم زيادة عدد السكان، إلا أن السعودية لم تمنح الجزائر كوتة إضافية وفقا للنظام المتبع، كما يقول مستشار وزير الشؤون الدينية والأوقاف، يوسف مشرية، موضحا أن وزارة الحج السعودية تعمل بنظام منح 1000 تأشيرة لكل مليون نسمة، لكن الجزائر لم تحصل على حصتها، إذ لم ينعكس زيادة النمو الديموغرافي على كوتة الحجيج، بالرغم من أن السلطات الجزائرية أرسلت، في يوم 4 يناير الماضي، وفدا رفيعا إلى السعودية للتفاوض حول الكوتة، ممثلا في وزير الشؤون الدينية محمد عيسى، وسفير الجزائر لدى الرياض أحمد عبد الصدوق، وقنصل الجزائر في جدة عبد القادر قاسمي الحساني، ومدير الديوان الوطني للحج والعمرة يوسف عزوزة؛ إذ التقى هؤلاء بوزير الحج السعودي، محمد صالح بنتن، وتم التفاوض معه حول رفع كوتة الجزائر في حج 2018، كما أوضح رئيس الديوان الوطني للحج والعمرة الذي شارك في اللقاء، قائلا إن "الجزائر ومع ارتفاع عدد سكانها وتزايد عدد الطلبات على الحج، تقدمت بطلب رسمي إلى السعودية لزيادة عدد الحجيج، إلا أن السعودية اعتذرت بحكم طاقة استيعاب الحجيج المحدودة في البقاع المقدسة من فنادق وعمارات".
لكن في المقابل، يرى النائب البرلماني وعضو لجنة الصداقة الجزائرية السعودية، لخضر بن خلاف، أن نظام منح 1000 تأشيرة حج لكل مليون نسمة يعني أن حصة الجزائر لابد وأن تكون 42 ألف حاج، باعتبار أن عدد السكان وصل إلى 42.2 مليون نسمة، لكن السعودية لم تأخذ هذا الأمر المبدئي بعين الاعتبار، كما يقول، وهو ما يطابق ما وثّقته الهيئة الدولية لمراقبة إدارة السعودية للحرمين (مؤسسة تعنى برصد ومراقبة سبل وطريقة إدارة المملكة العربية السعودية للمشاعر المقدسة) والتي أشارت في رسالة موجهة إلى مجلس حقوق الإنسان في جنيف، في يونيو/حزيران الماضي، لمناقشة الانتهاكات التي ترتكبها إدارة الرياض في المشاعر المقدسة، والتي تمس حرية الدين والمعتقد، إلى قرار السلطات السعودية بإعطاء دولة الجزائر حصة حج صغيرة مقارنة بعدد السكان، مرجعة الأمر إلى رفض الحكومة الجزائرية دعم القرارات السعودية السياسية تجاه الدول التي تعارضها.
مقارنة الجزائر وإيران
رصد النائب بن خلاف حرمان الكثير من الجزائريين من الحج قائلا "ثمة صعوبة في تقسيم الكوتة المخصصة للجزائر على بلديات الوطن، لا سيما المناطق النائية التي لم يستفد عدد كبير من سكانها من فرصة أداء الركن الخامس وزيارة البقاع المقدسة، بسبب عدم تناسب الكوتة مع عدد السكان"، مضيفا "سأتوجه بسؤال إلى وزير الشؤون الدينية في البرلمان لمعرفة سبب عدم استجابة السعودية للطلب وعدم معاملة الجزائر بمثل ما عاملت به باقي الدول التي طالبت برفع حصصها"، وهو ما يوافقه فيه مستشار وزير الشؤون الدينية، يوسف مشرية، موضحا "إن إيران مثلا يزيد عدد سكانها عن 80 مليون نسمة، وفقا للأرقام المعلنة، وبلغ عدد حجيجها 86 ألفا 500 حاج في العام الماضي، وفي العام الحالي 85 ألفا و200 حاج، وهذا يدل على أن السلطات السعودية استجابت لمفاوضات الإيرانيين للوصول إلى اتفاقية 1000 حاج لكل مليون نسمة، على عكس الجزائر"، مضيفا أنه ربما لاختلافات الرؤى في الكثير من المسائل بين البلدين، انعكس الأمر على كوتة الجزائر من الحجيج، ليقول في السياق إن الموضوع يبقى غير مفهوم، باعتبار أن إيران لا تتفق مع السعودية في الكثير من المسائل، لكنها حققت حصتها كاملة بل وزيادة من كوتة الحج. ويضيف مشرية، أن وزارة الشؤون الدينية لن تتوقف عند هذا الحد، وستتفاوض في موسم الحج المقبل للحصول على حصة الجزائر من الكوتة، خاصة أن أشغال توسعة الحرم انتهت، وبالتالي لا توجد حجج أخرى لحرمان الجزائر من حقها في عدد الحجيج".
اختلافات سياسية
يتفق أستاذ العلاقات الدولية في جامعة الجزائر، محمد صاغور، مع ضرورة زيادة كوتة الجزائر من الحجاج، بحكم عدد سكانها، ليعرج بأن السلطات الجزائرية كان الأجدر بها التفاوض بقوة وفرض رأيها، قائلا "توجد اختلافات سياسية بين رؤى الجزائر والسعودية في قضايا المنطقة، على غرار القضية السورية والصحراء الغربية وكذلك الأزمة الخليجية". وهنا يفسر أستاذ العلوم السياسية في جامعة الجزائر، محمد دخوش، الأمر، بأن الجزائر "كانت مع حل سياسي للقضية السورية، وترفض انحياز السعودية للمغرب في قضية الصحراء، كما أنها لم تؤيد الحصار على قطر، ودعت إلى الحوار واحترام مبادئ حسن الجوار منذ اللحظة الأولى". ويضيف دخوش، أن "الجزائر رفضت التجاوب مع السعودية والإمارات بإدراج جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية، في إبريل/نيسان من عام 2014، بعد أن قام البلدان بذلك، في مارس/آذار من العام ذاته. كما وقفت ضد إدراج الإخوان في قوائم المنظمات الإرهابية، لدى اجتماع اتحاد برلمانات الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، بجانب وفود دول كل من تركيا وإيران ولبنان والمغرب ونيجيريا في عام 2017. كما غابت الجزائر عن التحالفات العسكرية التي تقودها السعودية، مثل التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب، والتحالف العربي المشارك في حرب اليمن، بسبب خصوصية الموقف الجزائري حيال أزمات المنطقة، وهي كلها مسائل جعلت التناغم يغيب عن العلاقات الجزائرية السعودية" كما يقول.
بينما يضيف الأكاديمي صاغور، بخصوص احتمال استعمال السعودية الحج كورقة ضغط على الجزائر، بأن السعودية لن تجهر بذلك، كونها تعرف موقع وقوة وتأثير الجزائر في المنطقة، فهي تتفادى أن تخلق عدوا. وهو نفس السياق الذي يذهب إليه رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الجزائر، سليمان أعراج، الذي قال إن الجزائر لها موقع جيواستراتيجي وتأثير هام، والسعودية لا يمكن أن تضغط عليها بورقة الحج.
لكن في المقابل، فإن الهيئة الدولية لمراقبة إدارة السعودية للحرمين ذكرت، في رسالتها الموجهة إلى مجلس حقوق الإنسان، نقلا عن مصدر مقرب من الوفد الجزائري المفاوض للسعودية لزيادة كوتة الحجيج، أنه تم الحديث "مع الوفد الجزائري بشكل غير مباشر بشأن عدم تقديم المساندة السياسية لبعض الدول الإسلامية، أو اتخاذ مواقف سياسية مختلفة عن مواقف المملكة السعودية السياسية".
حادثة الراية
انزعجت السلطات السعودية من حادثة راية الملعب أو "تيفو (لافتة تشجيعية ضخمة) عين مليلة" التي تمت في ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، حيث قام أنصار فريق عين مليلة شرقي الجزائر بحمل راية عملاقة في المدرجات فيها صورة للرئيس الأميركي دونالد ترامب بوجه نصفه الآخر للعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، وكتب عليها وجهان لعملة واحدة، وجاءت الصورة كتعبير عن رفض مشجعي الفريق الجزائري نقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة. وأثارت حادثة الراية جدلا واسعا بين البلدين، قبل أن يعتذر الوزير الأول أحمد أويحي، في 19 ديسمبر، باسم الشعب الجزائري عن تصرّف أنصار عين مليلة، معتبرا إياه تصرفا منعزلا.
حرمان من تغطية الحج
حرمت السعودية فضائيتي النهار والشروق الجزائريين، والمعتادتين على تغطية موسم الحج، من الموافقات التي يتطلبها الأمر. ويقول رئيس تحرير قناة الشروق، الهادي بن حملة، إنها مُنعت للعام الثاني على التوالي من التغطية لأسباب تبقى مجهولة، وقال "صحيح كانت لدينا بعض المواضيع الانتقادية للسعودية، لكن هذه السنة لم ننتقد، ورغم ذلك حُرمنا من التغطية". وأضاف "كان يجب على وزارة الخارجية الجزائرية التدخل وتقديم توضيحات حول عدم الترخيص لنا بتغطية الحج".
وربطت السعودية زيادة حصص الجزائر من الحج في الموسم القادم بتغيب بعض الدول أو الأفراد عن الحج، بحسب ما نقلته الهيئة الدولية لمراقبة إدارة السعودية للحرمين، عن مصدر مقرب من الوفد الجزائري المفاوض للهيئة. وسعيا إلى استيضاح الموقف السعودي، ذهب معدّ التحقيق إلى مقر السفارة السعودية في بن عكنون في العاصمة، وطلب مقابلة الملحق الإعلامي، إلا أنه قوبل بالرفض، وطُلب منه الاتصال بهاتف السفارة، غير أن الملحق الإعلامي لم يرد. بينما نفى مصدر آخر في السفارة، شدد على عدم ذكر اسمه أو منصبه، وجود مشكلة سياسية مع الجزائر، مرجعا عدم زيادة كوتة الجزائر إلى عدم امتلاك أماكن الاستيعاب اللازمة لعدد إضافي من الحجيج من مختلف الدول، متوقعا زيادة الكوتة في الموسم القادم.