معركة عين العرب استعصاء عسكري حتى إسقاط الحكم الذاتي

إسطنبول
عبسي سميسم (العربي الجديد)
عبسي سميسم
عبسي سميسم. صحافي سوري؛ مدير مكتب سورية في موقع وصحيفة "العربي الجديد".
01 نوفمبر 2014
38AE0FD8-5355-40BA-826E-7A8D14478F56
+ الخط -
لا تزال معارك الكرّ والفرّ هي الطاغية ميدانياً في مدينة عين العرب، إذ شهد يوم أمس الجمعة، اشتباكات متقطعة بين الفصائل المقاتلة في المدينة وبين تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، تخللّها قصف الأخير بقذائف الهاون المدينة، وسقط بعض القذائف بمحاذاة المعبر على الحدود التركية. كما شنّ طيران التحالف غارتين جويتين استهدفتا مواقع التنظيم، الأولى عند الساعة السادسة صباحاً، والثانية بعد ظهر أمس، بالتوقيت المحلّي. كما منع القصف العنيف الذي شنّه التنظيم على المنطقة الحدودية من عين العرب، أول من أمس الخميس، دخول قوات "البشمركة" الكردية إلى المدينة المحاصرة.

وكشف مدير "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، رامي عبد الرحمن، أن "مقاتلي التنظيم، أمطروا المنطقة الحدودية من عين العرب بقذائف الهاون والأسلحة الرشاشة الثقيلة، بدءاً من مساء الأربعاء، واستؤنف القذف بالكثافة نفسها حتى يوم الخميس، وذلك بالتزامن مع هجوم جديد شنه التنظيم على حي الجمرك شمال المدينة، في اتجاه المعبر الحدودي مع تركيا". وأشار إلى أن "استهداف المنطقة الحدودية من شأنه تأخير دخول قوات البشمركة، التي وصلت إلى تركيا، الأربعاء، آتية من أربيل في كردستان العراق".

وأوضح المرصد، أن "عدداً محدوداً من عناصر البشمركة، تمكنوا من الدخول عبر المعبر الحدودي بين المدينة والأراضي التركية، ومن المنتظر دخول بقية العناصر إلى المدينة خلال الساعات المقبلة". وأكدت وكالة أنباء "الفرات" الكردية، والتي تبثّ من تركيا، الخبر. ولفتت إلى أن "وفداً من 10 عناصر من البشمركة، دخل عين العرب عبر معبر مرشد بينار، للقاء مسؤولين أكراد في المدينة والبحث في كيفية إدخال الأسلحة إلى المدينة المحاصرة منذ 40 يوماً".

في غضون ذلك، أكد رئيس "هيئة الدفاع في عين العرب"، عصمت الشيخ حسن، أن "قوات البشمركة التي كانت تحاول الدخول إلى عين العرب، عادت إلى مدينة سروج التركية". ورجّح أن "يتمكنوا من الدخول بين لحظة وأخرى، بسبب توقف الاشتباكات بعد عصر أمس الجمعة".

ويظهر أن سياسة التحالف الدولي في عين العرب تقوم على استغلال حماس القوى الكردية في معركتهم الوجودية في مواجهة "داعش"، مع الإبقاء على حالة الكرّ والفرّ بين التنظيم والقوى المتصارعة معه، إلى حين التوصّل إلى حلّ سياسي لا يتعارض مع مصالح تركيا، والتي يأتي على رأسها إفشال مشروع الحكم الذاتي، الذي بدأ به حزب الاتحاد الديمقراطي في شمال سورية.

ويبدو أن الشرطين اللازمين والكافيين لإبطال فكرة الحكم الذاتي شمال سورية نجحتا، وذلك بعد تطبيقهما من "الاتحاد الديمقراطي"، وأولهما دخول "داعش" إلى عين العرب، وثانيهما إبقاء المنطقة، ميدانياً، في حالة استعصاء عسكري، إلى حين إدخال قوات محسوبة على "المجلس الوطني الكردي" وعلى "الجيش الحرّ"، المعتدل حسب التصنيف الأميركي، تتمكن من الإمساك بزمام الأمور في مرحلة ما بعد طرد "داعش" منها، أو على الأقلّ تخلق نوعاً من التوازن مع وحدات حماية الشعب (الجناح العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي المحسوب على النظام السوري وإيران)، بحيث تمنع العودة إلى مشروع الحكم الذاتي.

كما وُضعت "وحدات حماية الشعب"، أمام خيارات صعبة للغاية، بعد انسحابها بداية الأمر أمام "داعش"، من القرى المحيطة بعين العرب، على أمل الدخول منفردة في التحالف الدولي والحصول على دعمه، أسوة بما حصل بشنكال في كردستان العراق، بعد اجتياحها من قبل التنظيم. وكلّفها ذلك إنهاء مشروع الحكم الذاتي الذي أقامته في شمال سورية، كما تكلّفت فقدان السيطرة في المناطق التي تتنتشر فيها.

وتأتي أهمية عين العرب في إنهاء مشروع الحكم الذاتي، كونها المنطقة الأكثر امتلاكاً لمقوّمات هذا الحكم، فهي الإقليم الوحيد الذي يضم 60 قرية كردية محيطة به، كما يضم غالبية كردية مطلقة، إضافة إلى توسطه الأقاليم الثلاثة (الحسكة، وعين العرب، وعفرين) التي يقوم عليها مشروع حزب الاتحاد الديمقراطي، في حين أن المكوّن السكاني في محافظة الحسكة، يضمّ من 45 الى 50 في المائة من العرب.

ويجعل هذا الأمر من إقامة حكم ذاتي فيها أمراً صعباً، كما أن مدينة عفرين، أي الاقليم الثالث، هي مدينة غير صالحة جغرافياً لهذا المشروع كونها محاطة بقرى عربية، وبالتالي فالقضاء على مشروع الحكم الذاتي في مدينة عين العرب، يعني عملياً القضاء على المشروع بشكله النهائي.

وترى ممثلة "المجلس الوطني الكردي" في "الهيئة العامة للائتلاف السوري" المعارض هيفارون شريف، أن "عين العرب، بشيبها وشبابها ونسائها، معروفة بالشجاعة وعدم قبولها للضيم، وأن تنظيم داعش قد أخطأ حين اختارها ليكمل مسرحية شنكال المنكوبة".

وأكدت أنه "لو توفّر السلاح لمقاتلي قوات الحماية الشعبية والمدنيين، الذين يدافعون عن المدينة لما وجدنا المهجرين". وتكمن المشكلة برأيها في "عدم التكافؤ بالعتاد بين التنظيم والمقاتلين الأكراد في عين العرب".
وعن جدوى الضربات الجوية التي تقوم بها قوات التحالف، تقول شريف إن "تلك الضربات ليست كافية لدحرهم ما لم تتزامن مع قوة برية فاعلة تماماً على الأرض، وبتكافؤ في العدة والعتاد". وتضيف "تدخل القوى الكردية مع الجيش السوري الحر عين العرب، بقوى رمزية، لكننا متفائلون بقدرتها على تغيير الوضع الميداني على الأرض، ومتفائلون بقدرتها على التحكم بالمناطق التي تضربها قوات التحالف وسدّ الفراغ فعلاً".

ذات صلة

الصورة
النازح السوري محمد كدرو، نوفمبر 2024 (العربي الجديد)

مجتمع

أُصيب النازح السوري أيمن كدرو البالغ 37 عاماً بالعمى نتيجة خطأ طبي بعد ظهور ضمور عينيه بسبب حمى أصابته عندما كان في سن الـ 13 في بلدة الدير الشرقي.
الصورة
فك الاشتباك جندي إسرائيلي عند حاجز في القنيطرة، 11 أغسطس 2020 (جلاء مرعي/فرانس برس)

سياسة

تمضي إسرائيل في التوغل والتحصينات في المنطقة منزوعة السلاح بين الأراضي السورية ومرتفعات الجولان المحتلة، في انتهاك لاتفاقية فك الاشتباك الموقعة عام 1974.
الصورة

سياسة

أعلنت وزارة الدفاع التركية، ليل أمس الأربعاء، قتل العديد من مسلحي حزب العمال الكردستاني وتدمير 32 موقعاً لهم شمالي العراق.
الصورة
من مجلس العزاء بالشهيد يحيى السنوار في إدلب (العربي الجديد)

سياسة

أقيم في بلدة أطمة بريف إدلب الشمالي وفي مدينة إدلب، شمال غربي سورية، مجلسا عزاء لرئيس حركة حماس يحيى السنوار الذي استشهد الأربعاء الماضي.
المساهمون