ولا ينكر العقيد طلال صعوبة مهمة استعادة الشدادة، كونها آخر معاقل التنظيم جنوب الحسكة، مشيراً في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "داعش" بدأ يتحصّن داخل المدينة، وموضحاً أنّ المسافة بين قواته والمدينة تبلغ 20 كيلومتراً فقط. ويرى مراقبون أنّ معركة استعادة الشدادة، خطوة كبيرة لمحاصرة التنظيم في محافظتَي الرقة ودير الزور اللتين سيطر عليهما الأخير مطلع العام الماضي، بعد معارك ضارية مع فصائل المعارضة، وباتتا أهم معقلَين له في سورية.
وأُعلن في 12 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، عن تشكيل جيش جديد تحت مسمى "قوات سورية الديمقراطية" في الشمال والشمال الشرقي من سورية، لمواجهة تنظيم "داعش" في شمال وشرق سورية. ويضمّ التشكيل كتائب ومليشيات، منها ما هو متحالف مع قوات النظام سراً وعلناً، مثل وحدات "حماية الشعب" الكردية التابعة لحزب "الاتحاد الديمقراطي" (الجناح السوري للعمال الكردستاني)، و"قوات الصناديد" التي يقودها الشيخ القبلي حميدي دهام الهادي، المتحالف مع "الاتحاد الديمقراطي". وهذا الأخير عيّن الهادي حاكماً شكلياً لما يُعرف بإقليم "الجزيرة"، الذي يضمّ محافظة الحسكة، التي يفرض الحزب سيطرته على أغلب مساحتها.
اقرأ أيضاً: "قوات سورية الديمقراطية" تسيطر على فوج الميلبية جنوب الحسكة
وشنّ جيش "قوات سورية الديمقراطية" بعد تشكيله بأيام عدّة، حملة عسكرية كبيرة في ريف الحسكة الشرقي، تمكّن من خلالها السيطرة على بلدة الهول، الأسبوع الماضي، وقرى عدّة في محيطها، كانت خاضعة لـ"داعش"، بإسناد مباشر من طيران التحالف الدولي. ويحظى هذا الجيش بدعم الولايات المتحدة، التي زوّدته بأسلحة نوعية ومستشارين. ويعتبر مراقبون أنّ هذا الجيش، يُعدّ الذراع العسكرية التي تتبع بشكل مباشر لوزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون).
ويتوقع مراقبون للمشهد في شمال شرق سورية، ألا تكون مهمة "قوات سورية الديمقراطية" سهلة في استعادة الشدادة. ويؤكد الصحافي كنان سلطان، الموجود في المنطقة، لـ"العربي الجديد"، أنّ الشدادة تعدّ من أهم المناطق النفطية في شمال شرق سورية، وتتربّع على عدد كبير من أهم آبار النفط والغاز في البلاد، أبرزها حقول الجبسة. ويلفت سلطان إلى أنّ "داعش" لن يتخلى عنها بسهولة بعدما حوّلها إلى أهم وأكبر معاقله في محافظة الحسكة، موضحاً أن المنطقة شهدت في الآونة الأخيرة، هجرة واسعة لسكانها جراء تشدُّد التنظيم في تطبيق قوانينه، ونتيجة للأوضاع الأمنية والمعيشية الصعبة.
ويرجّح الصحافي ذاته أن تدور معارك شرسة في المنطقة، "فالسيطرة على الشدادة من قبل قوات سورية الديمقراطية، مهمة صعبة، تبعاً لما تمثله هذه المدينة من أهمية على أكثر من صعيد؛ فهي تشكّل عقدة ربط بين مناطق عدة خاضعة للتنظيم شمال وشرق سورية، كما تتميّز بغناها بالموارد النفطية، بالإضافة إلى كونها الخط الدفاعي الأهم للأخير، عن محافظتي دير الزور والرقة".
ويستطرد سلطان في حديثه، قائلاً إن "خروج المدينة عن سيطرة التنظيم ممكن، لأنّ الغلبة ستكون لمن يملك الجوّ، إذ تحظى قوات سورية الديمقراطية بغطاء جوي من طيران التحالف كالتي حصلت عليها وحدات حماية الشعب الكردية في معاركها ضد التنظيم في تل أبيض (شمال الرقة)، وعين العرب في ريف حلب".
اقرأ أيضاً: "داعش" يتخطى النفط: ثروة من الصوامع والضرائب والمخدرات