17 نوفمبر 2024
معركة إدلب وانهيار الاقتصاد
يعيش النظام السوري لحظات اقتصادية صعبة، ويزداد الوضع سوءاً مع فقدان المشتقات البترولية اللازمة للنقل والتدفئة. قد يقلّل دخول أشهر الصيف من معاناة النقص بعض الشيء، ولكن أزمة وقود السيارات قائمة. يحاول النظام أن يدير النقص بطريقة توزيع المعاناة من خلال ما سميت "البطاقة الذكية" التي تقنن عملية التوزيع، وتزيد الإجراءات أمام المواطنين للحصول على الوقود، وهذا يؤمن أيضاً ظرفاً مناسباً للفساد الذي يشكل قاعدة أساسية من قواعد النظام.
على الرغم من شعارات النصر التي يرفعها النظام في وجه معارضيه، وعلى الرغم من مظاهر الاستقرار التي حظيت بها بعض المناطق، إلا أن الليرة السورية ما زالت تواجه سقوطاً بعد الآخر، يمكن اعتبار هذه المكابدات الاقتصادية من آثار العقوبات الأميركية المشدّدة على إيران، وتقلص قدرتها على تمويل النظام، والصعوبة في إيصال الخامات النفطية إلى الموانئ السورية، ولكن السبب الأساسي في الغالب، يعود إلى الشكل شبه النهائي الذي أصبحت عليه سورية المفيدة.
اتفق ترامب مع مستشاريه على وضعية القوات الأميركية في الشمال السوري، بعد حالة شد وجذب ترجح بقاءها أو عدمه، وتقرَّر أن تبقى بعض القوات في أماكن، وتعزَّز في أخرى، الأمر الذي يوصل رسائل مطمئنة للكرد المسيطرين على المناطق الشرقية، ورسائل أخرى إلى النظام والروس لإزالة هذه المنطقة من اعتباراتهم، ما يعني أن النظام فقد إمدادات نفطية مهمة، وتوريدات مائية كبيرة من نهر الفرات، وهذا الوضع مرشّح لأن يستمر مدة طويلة جداً، وقد لا يتوقف على شكل الرئاسة المقبلة في الولايات المتحدة، فهناك مصلحة أميركية بالحفاظ على هذا المستوى من الوجود لتأمين معادِل للوجود الروسي في المنطقة. ومهما كان شكل التوافق الذي يمكن أن يحصل بين النظام والكرد، فلن ينال النظام بالنتيجة أي مكتسبات من دون أن يدفع أثماناً باهظة، فوجود أميركا سيعطي للمنطقة التي يسيطر عليها الكرد شكلاً استقلالياً تفاوِض النظام من خلاله، وهذا يشكل أعباءً اقتصادية جديدة على النظام، فالداخل السوري يكاد يكون بلا مخزون نفطي يذكر، ما قد يدفعه إلى الاستيراد من المناطق الشرقية أو من غيرها، وهذا يتطلب البحث عن كتلة نقدية ضخمة للتمويل.
في الوقت نفسه، تمتلك روسيا خططاً طويلة الأمد في سورية، فحجم الاستثمار العسكري والسياسي فيها كان ضخماً طوال السنوات الثماني السابقة، وهي تخطط لتستعيد كل ما أنفقته على شكل أقساط غير محدّدة المدة، فتقوم الآن بتشغيل قاعدة عسكرية، تطلّ بها على المتوسط من مكان استراتيجي. وكانت قد بنت قاعدة جوية واسعة في حميميم، بعد أن أخلتها من كل ما هو سوري. وكان مطار حميميم في السابق مهبطاً لطائرات مدنية تم تحويل مسارها إلى مكان آخر، ليشعر الروس براحة تامة. وضمن خطة روسيا لجني العوائد، تم البدء بتشغيل ميناء طرطوس مدة طويلة. ولأنها لا ترغب بالاستثمار في بلد خاسر يعاني من أزمات، بدأت روسيا معركةً في إدلب، تريد أن تستعيد فيها المدينة الزراعية الخصبة التي تقع في منطقة غزيرة الهطول المطري (أكثر من 250 ملم في العام)، وتمتلك أراضي زراعية شاسعة، تؤمن مردوداً اقتصادياً مهماً، ولكن المعركة في إدلب طويلة الأمد، ولا تشبه المعارك التي جرت سابقاً.
الجائزة الكبرى التي يمكن أن تحصل عليها روسيا هي بداية التنقيب عن كمياتٍ مهمة من النفط والغاز على سواحل شرق المتوسط، وهذا بحاجة إلى تنسيق أكبر مع الجانب الإسرائيلي، وهي مرحلة مقبلة بلا شك، لكنها ستتم بعد استقرارٍ مطلوبٍ لتحديد التموضع النهائي لكل الأطراف، وتحديد الحجم الإيراني، وهو ما سيتم الاتفاق عليه في المؤتمر الأمني المقبل في القدس بين روسيا وأميركا وإسرائيل. وإذا حدث ذلك الاتفاق كما يرغب الروس، فسيكون للجغرافيا والاقتصاد في سورية وضع كئيب.
اتفق ترامب مع مستشاريه على وضعية القوات الأميركية في الشمال السوري، بعد حالة شد وجذب ترجح بقاءها أو عدمه، وتقرَّر أن تبقى بعض القوات في أماكن، وتعزَّز في أخرى، الأمر الذي يوصل رسائل مطمئنة للكرد المسيطرين على المناطق الشرقية، ورسائل أخرى إلى النظام والروس لإزالة هذه المنطقة من اعتباراتهم، ما يعني أن النظام فقد إمدادات نفطية مهمة، وتوريدات مائية كبيرة من نهر الفرات، وهذا الوضع مرشّح لأن يستمر مدة طويلة جداً، وقد لا يتوقف على شكل الرئاسة المقبلة في الولايات المتحدة، فهناك مصلحة أميركية بالحفاظ على هذا المستوى من الوجود لتأمين معادِل للوجود الروسي في المنطقة. ومهما كان شكل التوافق الذي يمكن أن يحصل بين النظام والكرد، فلن ينال النظام بالنتيجة أي مكتسبات من دون أن يدفع أثماناً باهظة، فوجود أميركا سيعطي للمنطقة التي يسيطر عليها الكرد شكلاً استقلالياً تفاوِض النظام من خلاله، وهذا يشكل أعباءً اقتصادية جديدة على النظام، فالداخل السوري يكاد يكون بلا مخزون نفطي يذكر، ما قد يدفعه إلى الاستيراد من المناطق الشرقية أو من غيرها، وهذا يتطلب البحث عن كتلة نقدية ضخمة للتمويل.
في الوقت نفسه، تمتلك روسيا خططاً طويلة الأمد في سورية، فحجم الاستثمار العسكري والسياسي فيها كان ضخماً طوال السنوات الثماني السابقة، وهي تخطط لتستعيد كل ما أنفقته على شكل أقساط غير محدّدة المدة، فتقوم الآن بتشغيل قاعدة عسكرية، تطلّ بها على المتوسط من مكان استراتيجي. وكانت قد بنت قاعدة جوية واسعة في حميميم، بعد أن أخلتها من كل ما هو سوري. وكان مطار حميميم في السابق مهبطاً لطائرات مدنية تم تحويل مسارها إلى مكان آخر، ليشعر الروس براحة تامة. وضمن خطة روسيا لجني العوائد، تم البدء بتشغيل ميناء طرطوس مدة طويلة. ولأنها لا ترغب بالاستثمار في بلد خاسر يعاني من أزمات، بدأت روسيا معركةً في إدلب، تريد أن تستعيد فيها المدينة الزراعية الخصبة التي تقع في منطقة غزيرة الهطول المطري (أكثر من 250 ملم في العام)، وتمتلك أراضي زراعية شاسعة، تؤمن مردوداً اقتصادياً مهماً، ولكن المعركة في إدلب طويلة الأمد، ولا تشبه المعارك التي جرت سابقاً.
الجائزة الكبرى التي يمكن أن تحصل عليها روسيا هي بداية التنقيب عن كمياتٍ مهمة من النفط والغاز على سواحل شرق المتوسط، وهذا بحاجة إلى تنسيق أكبر مع الجانب الإسرائيلي، وهي مرحلة مقبلة بلا شك، لكنها ستتم بعد استقرارٍ مطلوبٍ لتحديد التموضع النهائي لكل الأطراف، وتحديد الحجم الإيراني، وهو ما سيتم الاتفاق عليه في المؤتمر الأمني المقبل في القدس بين روسيا وأميركا وإسرائيل. وإذا حدث ذلك الاتفاق كما يرغب الروس، فسيكون للجغرافيا والاقتصاد في سورية وضع كئيب.