دخلت المعارك في محافظة الأنبار، مرحلة حرجة عسكرياً بعد يوم واحد من فتح الجبهة الثالثة، وسط دعم أميركي مفتوح لمقاتلي العشائر والجيش، في مواجهة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، فيما تأهبت القوات السعودية والأردنية على طول الحدود بين أراضيها ومحافظة الأنبار، تحسبّاً لأي طارئ، وفق تأكيدات مصادر عسكرية عراقية لـ"العربي الجديد".
وتتلخّص صورة القتال في محافظة الأنبار في الأيام الأخيرة، بمحور قتال عنيف في شمال غرب مدينة الرمادي عاصمة الأنبار وشرقها، في مسعى لطرد التنظيم من آخر الجيوب التي يسيطر عليها في تلك المناطق. أما محور القتال الثاني، فيدور جنوب الفلوجة وجنوب شرقها، حيث تسعى القوات العراقية إلى إمساك طرفي نهر الفرات، وإجبار التنظيم على التراجع إلى داخل مركز المدينة، في معارك كرّ وفرّ صعبة.
أما محور القتال الثالث، فيتمثل بمدينة هيت (70 كيلومتراً غرب الأنبار)، ضمن ما يعرف بمحور أعالي الفرات. وتبدو صورة المشاركة الأميركية بإسناد الجيش والعشائر، أكبر من غيرها، من خلال مساندة المدفعية التابعة للجيش الأميركي في قاعدة عين الأسد، لجهود القوات العراقية والعشائر، فضلاً عن وضع الخطط وإرسال الصور الجوية لتحصينات "داعش" وتحركاته.
ووفقاً لقائد عمليات الجيش العراقي في الأنبار اللواء الركن إسماعيل المحلاوي، فإن "القوات العراقية تحقّق تقدماً على المحاور الثلاثة، وهناك تفاؤل في أن تكون معارك الربيع، بمثابة تطهير لأغلب مدن المحافظة". وبيّن أن "داعش تحوّل من وضع هجومي إلى دفاعي أخيراً وهذا مهم في حسم المعارك".
اقرأ أيضاً العراق:غارات أميركية على مواقع "داعش" قرب الحدود مع الأردن
من جهته، أكد ضابط رفيع المستوى في قيادة عمليات الجزيرة والبادية، غرب الأنبار لـ"العربي الجديد"، أن "المعارك تزداد حدة في كل مرة تقترب فيها قواتنا من مراكز قوة التنظيم". وشدّد على أن "العمليات الانتحارية ما زالت سلاحاً فعالاً بيد التنظيم"، كاشفاً أن "عدد ضحايا القوات العراقية والعشائر وباقي التشكيلات النظامية بالدولة، أقلّ من خسائر داعش بكثير".
واعترف الضابط بسقوط ضحايا مدنيين خلال القصف الجوي للتحالف، أو في عمليات للجيش العراقي، قائلاً: "نعم هناك ضحايا من العائلات قتلوا بالقصف الجوي الأميركي والعراقي أيضاً، لكن داعش يتحمّل ذلك وحده، فهو من اختبأ خلفهم ومنعهم من الخروج واستخدمهم كدروع بشرية وهذه وصمة عار بجبينه". وتابع "بالمعركة التي تطلق فيها آلاف الرصاصات والقنابل والقذائف والصواريخ، لا يمكن السيطرة على النيران وتجنّب المدنيين، إذا كان التنظيم يمنع خروجهم".
ومع امتداد المعارك واتخاذها أشكالاً مختلفة بين مواجهات مباشرة وعمليات قصف جوي لمعاقل "داعش"، في أقصى غرب الأنبار وفي جنوب غربها، المحاذية لثلاث دول عربية هي السعودية وسورية والأردن، أكد مسؤولون عراقيون حقيقة المعلومات عن وضع كل من السعودية والأردن قواتها على الحدود في وضع التأهب، تحسبّاً لعبور مقاتلين إلى أراضيها أو امتداد القتال في مناطق الحدود بينهما وبين الأنبار.
وقال مسؤول عراقي بوزارة الدفاع العراقية في بغداد، لـ"العربي الجديد"، إن "التأهب العسكري لكل من الأردن والسعودية يأتي خشية من امتداد المعارك"، مضيفاً أن "التقارير تؤكد أن وجهة مسلحي داعش ستكون سورية، في حال محاصرتهم في القصبات الغربية، وليس الأردن والسعودية". ولفت المسؤول إلى أن "السعودية والأردن تسيّران طائرات مراقبة على مدار الساعة، منعاً لأي اختراق أو انتهاك لحدودهما مع العراق، ونجد في ذلك مساعدة لنا أيضاً".
وشهدت مدينة النخيب المجاورة لمدينة عرعر السعودية، يوم السبت، عمليتين انتحاريتين استهدفتا مكر النعام، الحدودي بين العراق والسعودية، وأسفرت عن مقتل وجرح نحو 20 جندياً عراقياً، فيما استهدف القصف الجوي الأميركي، أمس الأحد، مواقع لـ"داعش"، لا تبعد عن مدينة المفرق الأردنية الحدودية مع العراق سوى بضعة كيلومترات.
اقرأ أيضاً عشائر عراقية: تعدد الجبهات يعيق حسم معارك الأنبار