يرتبط اللون الأحمر في قطاع غزة بالدم والعدوان. لكن أهالي القطاع المُحاصر أرادوا كسر هذه القاعدة، إذ زينوا واجهات المحال التجارية والبسطات بالهدايا والورود والإكسسوارات ذات اللون الأحمر تزامنا مع احتفال العالم بـ"عيد الحب".
دمى كبيرة وباقات ورد وبالونات، كلها حمراء، ظهرت في كثير من الأماكن، في محاولة لسرقة أوقات فرح وأمان، بعيداً عن أخبار الحرب وأجواء الحصار والسياسة، إلى جانب تنشيط فرص الشراء.
ويستغل تُجار قطاع غزة، وكذا أصحاب البسطات التجارية الصغيرة، المواسم والأعياد والمناسبات من أجل تنشيط تجارتهم المتدهورة نتيجة الأحوال الاقتصادية السيئة، حيث يتم عرض البضائع بأشكال وأساليب لافتة، وأسعار منافسة لجذب الزبائن.
يصفّ الشاب سامر الحتو، صاحب أحد المحال التي تبيع الهدايا في حي الرمال وسط مدينة غزة، الدمى الحمراء الكبيرة، ويعلق الدمى الصغيرة ذات اللون الأحمر على واجهة متجره المُزين بإضاءة لافتة وبالونات، والذي يكتظ بالزبائن.
ويوضح الحتو، أن تزيين المحال التجارية يأتي لأسباب، أولها إضفاء جو من الفرحة والبهجة في المناسبات، خاصة مع الأوضاع السلبية التي يمر بها قطاع غزة، إضافة إلى جذب الزبائن، وتنشيط حركة البيع، في ظل تراجع البيع بالأسواق نتيجة الأوضاع.
ويقول لـ"العربي الجديد" إن أسعار الهدايا اختلف عن السابق بسبب الإغلاق المتواصل للمعابر، والضرائب التي تُفرض عليها، ما أدى إلى عزوف المواطنين عن الشراء في الأيام العادية، موضحاً أنه من المجحف مقارنة السوق في الفترة الحالية مع السوق قبل اشتداد الأزمة، "هناك كثير من الزبائن، لكن البيع خفيف".
إلى الشرق من حي الرمال المكتظ بالمواطنين، يقف البائع محمد انصيو أمام بسطته التي تراصت عليها عشرات الدمى ومختلف أشكال الهدايا والورود المجففة والصناعية، وقد بدأ بالنداء عليها قائلا "اللي بتروِّح وفاضية إيديها، زوجها بيتزوج عليها".
ويقول انصيو لـ"العربي الجديد"، إنه يستغل المواسم كفرصة عمل بعد أن توقف عن العمل في البناء نتيجة الأوضاع التي يمر بها قطاع غزة، مضيفاً "أبيع الحلويات والشوكولاته في الأعياد، والقرطاسية عند بدء الفصول الدراسية من أجل توفير لقمة عيش لعائلتي المكونة من أربعة أشخاص".
وتزينت محال بيع الورود كذلك بالبالونات والهدايا الحمراء، إذ يقول حامد أبو رمضان، صاحب محل وسط مدينة غزة امتلأ بمختلف أنواع الورود والزينة، إن البيع ينشط في المناسبات ومنها عيد الحب، على الرغم من أن أوضاع تجارة الورد في قطاع غزة وصلت إلى أدنى مستوياتها.
ويوضح أن 2500 دونم كانت مزروعة بمختلف أنواع الورود، تم تجريفها خلال الحرب الأخيرة عام 2014، ما أدى إلى تقلص عدد الدونمات المزروعة، وتضاعف أسعار الورود، مضيفا "لولا وجود بعض المناسبات، كنا سنغلق أبوابنا، ونتوقف عن العمل".
ويوافقه الرأي سامي عجوة، وهو صاحب محل لبيع الملابس، زيّن واجهته الزجاجية بـ"مانيكانات" ترتدي ملابس حمراء، موضحاً أن البيع ينشط في المواسم، ويبقى راكداً باقي أيام العام، نتيجة تفشي البطالة، وارتفاع مستويات الفقر.
وتبقى أجواء الفرحة والزينة والبالونات والألوان التي تكسو واجهات المحال التجارية في غزة، شاهداً على حب الناس للحياة، وتعكس تطلعاتهم لإنهاء الحصار، والأزمات المتتالية على القطاع، ولسان حالهم يقول "نستحق الحياة، ونسعى إليها ما استطعنا سبيلا".