في هذا السياق، ما أن انتزعت القطعات المقاتلة القرى التي تحول بينها وبين المطار في الأيّام القليلة الماضية، على وقع قصف مكثّف من طيران التحالف ومدفعية وصواريخ الجيش نحو المطار، حتى فتحت طريقاً باتجاهه، واشتبكت، صباح أمس، ضد خطوط صدّ التنظيم بمحيط المطار، والتي بدت منهكة جراء القصف المكثّف الذي تعرّضت له.
وقال ضابط في قيادة عمليات نينوى، لـ"العربي الجديد"، إنّ "50 ألف عنصر من الشرطة الاتحادية وتحديداً من قوات الرد السريع بدأت مع ساعات الصباح الأولى بالاشتباك مع خطوط داعش، لتحتدم المعركة بينهما". وأضاف أنّ "تلاحم القوتين، خلال ساعات الصباح، دام ساعات عدة، وأنّ طيران التحالف الدولي أوقف قصفه لاختلاط الطرفين، وعدم تمييز عناصر داعش من القوات العراقية"، مبيناً أنّ "طيران التحالف غيّر من استراتيجيته ليسدّد ضرباته نحو خلفيات خطوط صدّ التنظيم، واضعاً عناصره بين القصف وبين القطعات العراقية ليتسبب بانهياره بشكل سريع، قبل أن تدخل القطعات العراقية المطار".
وتابع: "مع دخول القطعات انحسر تواجد التنظيم، ليشكّل مجاميع صغيرة تستهدف القطعات المتقدّمة بغطاء جوي كثيف، ودفع سيارات مفخخة يقودها انتحاريون باتجاه القوات، ليتولى طيران التحالف قصفها وإحراقها قبل وصولها لأهدافها"، مؤكداً أنّه "مع هذا الغطاء الكبير أصبح الطريق سالكاً أمام القطعات العراقية، التي توغّلت داخل المطار ووصلت حتى مدرج المطار".
ولفت الضابط إلى أن "المعركة بدت منظمة جدّاً من خلال توزيع المهام، فطيران التحالف يفتح الطريق أمام القطعات، بينما تتقدّم القطعات بهدوء نحو أهدافها، بمواجهة ضعيفة حتى وصلت المدرج، ثم باشرت الفرق الهندسية بتطهير أجزاء المطار الشرقية لفتح الطرق كاملة أمام القطعات العراقية التي ستدخل لإسناد القوات المقاتلة". وأشار إلى أنّ "القوات لم تسيطر بالكامل على المطار، وهناك تواجد لعناصر داعش التي تتجمّع، في الجانب الغربي من المطار، والتي قد تنفّذ هجمات على القطعات العراقية".
في غضون ذلك، تمكّنت قوات جهاز مكافحة الإرهاب التي بدأت هي الأخرى هجومها على مناطق غرب الموصل، من السيطرة على مناطق تل الرمان والمأمون ومعسكر الغزلاني المجاور لمطار الموصل الدولي.
وذكر متحدث باسم قوات مكافحة الإرهاب، في تصريح صحافي، أنّ "قطعات جهاز مكافحة الإرهاب سيطرت على مناطق تل الرمان والمأمون في الجانب الغربي لمدينة الموصل"، مضيفاً أنّ "قطعات الفرقة الثانية تمكّنت وبهجوم مماثل من السيطرة على معسكر الغزلاني المجاور لمطار الموصل، بإسناد جوي من طائرات الأباتشي الأميركية التي تمكّنت من تدمير عربات مفخخة داخل المعسكر".
من جانبها، كشفت مصادر لـ"العربي الجديد"، عن "مشاركة قوات أميركية وفرنسية خاصة في إدارة وتوجيه العمليات العسكرية الجارية غرب الموصل وجنوبها، فضلاً عن مواصلة المدفعية الأميركية قصفها مناطق سيطرة داعش داخل مطار الموصل منذ أيّام عدة".
من جهته، لفت قائد عمليات نينوى اللواء نجم الجبوري، إلى "تمكّن القوات العراقية من السيطرة على مطار الموصل ومقر قيادة عمليات نينوى القديم بعد ساعات قليلة من اقتحام مدرج المطار الرئيسي، إثر انهيار عناصر داعش وهروبهم داخل الأحياء السكنية المجاورة". وأوضح في تصريح صحافي، أن "قيادة القوات المشتركة عازمة على إعادة تأهيل المطار ومقرّ قيادة العمليات، لجعله مركزاً مهماً لإدارة العمليات العسكرية، الرامية للسيطرة على الجانب الغربي لمدينة الموصل".
وأكد أنّ "القوات العراقية قد تبدأ باقتحام أولى المناطق السكنية في غرب الموصل، خلال اليومين المقبلين، بعد إكمال السيطرة على كامل منشآت مطار الموصل وتطهيره من العبوات الناسفة التي زرعها تنظيم داعش داخل المطار".
بدوره، اعتبر الخبير العسكري، كمال العبيدي، أنّ "المطار يمثّل محور الصد الرئيس لتنظيم داعش باتجاه الأحياء السكنية للساحل الغربي للموصل". وقال في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إنّ "عناصر داعش داخل المطار انهارت بسبب القصف الكثيف الذي واجهته في الأيّام الأخيرة من قبل القوات العراقية وطيران التحالف الدولي، والذي تسبّب بإرباك صفوف التنظيم". وأضاف أن "السيطرة على المطار تمثّل فتح الطريق أمام أحياء الموصل السكنية، التي ستكون المعركة الرئيسية فيها، وتضمّ أعداداً كبيرة من المدنيين"، مشيراً إلى أنّ "القطعات العراقية ستواصل، خلال الأيّام المقبلة، تطهير المطار، والذي ما زال داعش يحتفظ بأجزاء منه ولديه منصات صواريخ متحرّكة ومجاميع متفرقة من جانبه الغربي، ما زالت تشكّل خطراً على القطعات المقاتلة". وأشار إلى أنّ "القوات العراقية تخطّط لاستخدام المطار كقاعدة عسكرية لتحشيد قطعاتها، ومركز لقيادة المعركة، كما سيكون قاعدة لهبوط وتحرّك المروحيات الأميركية والعراقية، والتي ستتجه نحو بقية مناطق الساحل الغربي".