مصر 2018... تلوّث وتحرّش وبطالة وانتحار

28 ديسمبر 2018
القاهرة أكثر المدن خطورة على النساء (كلوي شاروك/ Getty)
+ الخط -


شهدت مصر على مدار 2018، عدداً من المشاكل في مجالات الصحة والتعليم والبيئة وغيرها، بالإضافة إلى استمرار القضايا المزمنة التي صعدت إلى السطح مجدداً هذا العام، ترصد "العربي الجديد" أبرزها.

وسط القضايا العديدة التي سيطرت على الشارع المصري عام 2018، وفيها ما يتعلق بالشأن الحياتي اليومي، وبالأزمات المعيشية، شغل قرار وزيرة الصحة هالة زايد، بتعميم إذاعة السلام الجمهوري وقَسَم الأطباء يومياً في كلّ مستشفى حكومي، الرأي العام في مصر لعدة أشهر، حتى عدلت عنه بعد موجة السخرية الواسعة التي رافقت القرار، بالرغم من صدوره فعلياً وتفعيله في عدد من المستشفيات.

القرار نصّ على "إذاعة السلام الجمهوري ثم يعقبه قسم الأطباء يومياً، عن طريق الإذاعة الداخلية بكلّ مستشفى". وبررته الوزيرة بأنه "يهدف إلى تعزيز قيم الانتماء للوطن لجميع المستمعين في المستشفيات، سواء للمريض أو الأطقم الطبية".

ويشتكي المصريون من سوء الخدمات الصحية وتردّي المنظومة الطبّية في البلاد منذ سنوات طويلة، ما أثار ذلك الامتعاض من الاهتمام بأمور شكلية وترك الجوهرية.

صحياً أيضاً، كانت واقعة وفاة طبيبة شابّة في مستشفى المطرية التعليمي صعقاً بالكهرباء في حمام سكن الأطباء، خير شاهد على رداءة مستوى سكن الأطباء عموماً. لكنّ وزارة الصحة المصرية تبنّت سياسة الإنكار، تعقيباً على الحادثة، على الرغم من تأكيد زميلات الطبيبة وفاتها نتيجة الصعق الكهربائي، وهي الرواية التي أكدها أهل الطبيبة الراحلة، ما أجبر النائب العام في مصر على إعادة التحقيق في القضية كاملة. وفجّرت الحادثة مسألة سكن الأطباء في مصر، فأطلق أطباء على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك صفحة باسم "سكن 5 ستارز"، نشروا من خلالها صوراً من داخل المستشفيات وسكن الأطباء، توضح حجم المهازل هناك.

تلوث وغرق

ذكر تقرير نشرته مجلة "فوربس"، أنّ القاهرة تصدرت قائمة أكثر 10 مدن في تلوث الهواء والتلوث الضوئي والضوضاء في العالم، وأن طوبوغرافيا القاهرة بمبانيها المرتفعة وشوارعها الضيقة التي تفيض بالمركبات، تمنع تحريك الهواء الراكد، كما تقل فرصة تطهير الهواء بسبب مناخها الجافّ وندرة الأمطار فيها.

وبحسب التقرير، فإنّ سكان القاهرة يتنفسون الهواء الملوّث بدرجة أكثر خطورة، بمعدل 11.7 مرة مقارنة بالمعدلات الآمنة التي أوصت بها منظمة الصحة العالمية. لكنّ وزارة البيئة المصرية، كذّبت في بيان ما وصفته بـ"مزاعم مجلة فوربس".

القطار والمترو من أبرز وسائل الانتحار (فرانس برس) 


وبينما كان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، يعرب عن سعادته البالغة بتطوير طريق القاهرة الجديدة - العين السخنة، كانت الأمطار تهدم أجزاءً من هذه الطريق، وتُغرق شوارع وأحياء بالكامل في القاهرة الجديدة، في إبريل/ نيسان الماضي. فمناطق وأحياء عديدة في القاهرة الجديدة، خصوصاً في التجمع الخامس - أحد أرقى الأحياء السكنية في مصر- شهدت تضرراً كبيراً من جراء الأمطار، إلى حدّ غرق سيارات، وانهيار أجزاء من الكباري والأنفاق، وتراكم برك المياه في ظل غياب صرف صحيّ سليم للمدينة، التي لم يمضِ على تأسيسها عقدان.

وتولي الحكومات المتعاقبة اهتماماً بالغاً بالظهير الشرقي للقاهرة، وصولاً إلى منطقة العين السخنة والسويس، خصوصاً الحكومة الحالية، وذلك في سياق الدعاية للعاصمة الإدارية الجديدة التي أطلقها السيسي، وتراهن عليها حكومته. وسادت حالة من الاستياء الشديد بين سكان القاهرة الجديدة، بسبب إهمال المسؤولين الاستجابة لاستغاثتهم، وتضرر ممتلكاتهم وتعطل أحوال معيشتهم بسبب الأمطار، وبرك المياه التي أحاطت بمنازلهم والشوارع الرئيسية، ما عطل الحركة من المدينة وإليها.



تحرّش

بدأت المصريات في كسر حاجز الخوف حول ما يتعرضن له من انتهاكات وتحرّش جنسي، كبقية نساء العالم. لكنّ التحرش وصل إلى ذروته هذا العام، بانتشار مقطع فيديو التقطته فتاة لشابين في منطقة التجمع الخامس شرقي القاهرة، أحدهما يعرض عليها شرب فنجان من القهوة معه.

وبعدها بأيام، وقع حادث دموي بشع على رمال أحد الشواطئ العامّة بالإسكندرية، عندما نشبت مشاجرة بسبب اعتراض رجل يعمل نقّاشاً على مغازلة رجل آخر زوجته على الشاطئ، لينتهي المطاف بطعن الزوج عدة طعنات أودت بحياته بين يدي زوجته فقط لأنّه اعترض على التحرش بها.

حوادث متتابعة، دفعت مؤسسة الأزهر إلى إصدار بيان يحرّم التحرش ويدين مبرّريه. وقد أعادت هذه الحوادث من أرقى الأحياء السكنية إلى أكثر الشواطئ العامّة تواضعاً، تحريك قضية التحرش التي استشرت للحدّ الذي وصل لأن تعلن هيئة الأمم المتحدة للمرأة، أنّ نحو 99 في المئة من النساء المصريات تعرضن لصورة ما من صور التحرش الجنسي، وفقاً لدراسة أجرتها.

تجدر الإشارة إلى أنّ مؤسسة "تومسون رويترز"، ذكرت أنّ القاهرة أكثر المدن خطورة على النساء. كذلك، تحتل مصر المركز الأول عالمياً في ظاهرة التحرش الجنسي، بحسب دراسات وأبحاث عدة داخل مصر وخارجها.

بطالة وعنوسة وانتحار

كشف التقرير الأخير الصادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، عن أوضاع مخيفة في مصر التي يبلغ عدد سكانها 96.3 مليون نسمة، إذ بلغ معدل البطالة الإجمالي 11.8 في المئة، ويرتفع هذا المعدل بين الإناث ليصل إلى 23.1 في المئة مقابل 8.2 في المئة بين الذكور. وبلغ حجم قوة العمل 29.5 مليون نسمة، بحسب التقرير.

تلوث الهواء وصل إلى مستوى خطير (Getty) 


كشف الجهاز أيضاً عن "ملايين المنازل غير المستخدمة، بالإضافة إلى وجود أكثر من مليوني أسرة من بين الأسر المصرية البالغ عددها 23.5 مليون أسرة تقيم في وحدات سكنية مشتركة". وأشار إلى أنّ مصر تشغل الآن المرتبة الثالثة عشرة بين دول العالم في عدد السكان. كذلك، كشف التعداد عن تفشي زواج القاصرات، مشيراً إلى أنّ نحو 40 في المئة من المتزوجات تزوجن في سنّ تقل عن السنّ القانونية، وهي 18 عاماً. وهناك "13.5 مليون شاب وفتاة تخطّوا سنّ الزواج (بحسب الثقافة المصرية) من بينهم 2.5 مليون شاب و11 مليون فتاة". كذلك، أشار التقرير إلى أنّ في مصر "18.4 مليون أمّي. وتبلغ نسبة التسرب من التعليم الأساسي 7.3 في المئة لمن هم فوق 4 سنوات، و26.8 في المئة نسبة الذين لم يلتحقوا بالتعليم مطلقاً".

من جهة أخرى، تعددت حالات الانتحار في مصر، تحت عجلات المترو، على مدار العام. في آخر حالة انتحار من هذا النوع، ألقت أربعينية نفسها أمام القطار في القاهرة لحظة وصوله، فيما لفظت أنفاسها الأخيرة قبل إسعافها. وعلى الرغم من صعوبة الوصول إلى أرقام رسمية، تفيد بعدد حالات الانتحار في مصر خلال عام 2018، فإنّ مبادرة دفتر أحوال المصرية، تمكنت من رصد 1463 حالة انتحار من عام 2011 حتى عام 2017، بالإضافة إلى 283 محاولة انتحار.

مدارس وجمعيات

في أول أيام العام الدراسي الجديد، 22 سبتمبر/ أيلول 2018 تُوفي التلميذ في الصف الثالث الابتدائي، إبراهيم حسن عبد ربه، دهساً تحت أقدام زملائه بمدرسة الزهراء الابتدائية في بلقاس بمحافظة الدقهلية، وأصيب عدد من التلاميذ من جراء التدافع لحجز المقاعد بالفصول الدراسية. واقعة أثارت المؤسسات الحقوقية، التي أكدت أنّ "هذه الحوادث هي نتيجة لارتفاع الكثافة في الفصول المدرسية، إذ تصل إلى 120 تلميذاً في الفصل الواحد". ولا تكفّ الحكومة ممثلة في وزارة التربية والتعليم، عن الحديث عن تطوير منظومة التعليم وتطوير المناهج وتوزيع الأجهزة اللوحية (تابلت) على التلاميذ، وتدريب المعلمين على التعامل مع منظومة التعليم الجديدة.



من جهة أخرى، وخلال فعاليات منتدى شباب العالم الذي نظمته الحكومة المصرية للعام الثاني على التوالي، أبدى السيسي موافقته على تعديل قانون الجمعيات الأهلية رقم 70 لسنة 2017، وتقديمه إلى مجلس النواب (البرلمان) مرة أخرى، بالرغم من إصدار القانون رسمياً وبدء العمل به.

نُشر القانون الحالي، الذي أقرّه البرلمان في شهر يناير/ كانون الثاني 2017، في الجريدة الرسمية في 24 مايو/ أيار 2017 وصدر في غضون ست ساعات تقريباً، وافق خلالها مجلس النواب المصري، عليه وأرسله إلى السيسي لتوقيعه ليصبح قانوناً فاعلاً. ويبلغ عدد الجمعيات الأهلية بحسب بيانات وزارة التضامن الاجتماعي المصرية 40 ألف جمعية.