مع صعود الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى سدة الرئاسة في الولايات المتحدة كان ملف القضية الفلسطينية حاضراً بقوة على أجندة الإدارة الجديدة، وذلك وفق رؤية اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة، وبضغط من حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل، في سياق استثمار الفرصة التاريخية السانحة لتصفية القضية الفلسطينية؛ كون الرئيس وفريقه للأمن القومي ورغم التغييرات التي طرأت عليه، أكثر من مرة، أقرب إلى رؤية أحزاب اليمين الحاكم في إسرائيل.
طلب الرئيس الأميركي من نظيره المصري عبد الفتاح السيسي، خلال لقائهما في البيت الأبيض عام 2017، المضي قدماً في مخطط تصفية القضية الفلسطينية، والتي أشار إليها السيسي نفسه خلال اللقاء بـ"صفقة القرن"، وأن تكون جزئية قطاع غزة من مسؤولية النظام المصري.
تضمنت الصفقة الدفع بقطاع غزة نحو مصر عبر مشاريع بنية تحتية، ومشاريع طاقة ومياه وتجارة، ومشاريع لتسهيل التنقل والسفر، في رفح والعريش، وهي بالمحصلة تحويل قطاع غزة إلى مركز المشروع الفلسطيني ودولته المستقبلية وامتدادها في سيناء، بعد شطب الضفة الغربية والقدس كجزء من المشروع الوطني بفعل سياسات البناء الاستيطاني والتهويد.
غير أن تطبيق الصفقة في القطاع تطلّب شرطين أساسيين؛ تهدئة طويلة تضمن الاستقرار وتوفر بيئة مناسبة لتنفيذ المشاريع، والوضع السياسي في القطاع، وعودة السلطة الفلسطينية كواجهة سياسية تتسلم زمام الأمور وتشرف على المشاريع الممولة دولياً.
بدأ جهاز الاستخبارات العامة المصري، المسؤول عن ملف قطاع غزة والعلاقة مع الفصائل الفلسطينية، لقاءاته التمهيدية في بداية عام 2017 مع حركة حماس والفصائل الوطنية في القطاع، وبالتحديد حركة حماس، وما يُسمى بـ"التيار الإصلاحي" في حركة فتح "تيار محمد دحلان". كما نظم جهاز الاستخبارات سلسلة من ورش العمل واللقاءات التعريفية في العين السخنة وفي شرم الشيخ لنخب شبابية، وإعلاميين، واقتصاديين، ورموز عشائرية، بهدف إعداد الأرضية لمصالحة قادرة على الصمود، وكان هناك حديث عن إدارة لقطاع غزة بالشراكة مع تيار دحلان، مع انفتاح مصري كبير على غزة يحسّن من الحالة الاقتصادية والإنسانية، ولكن تبين فيما بعد أن هذه اللقاءات والتسريبات الإعلامية كان هدفها الضغط على الرئيس محمود عباس (أبو مازن) والسلطة الفلسطينية، للمضي قدماً في مشروع المصالحة، التي كان للرئيس رأي آخر فيها.
ففي الوقت الذي كانت فيه مصر تسعى إلى مصالحة متدرجة تحمل في طياتها عوامل البقاء والصمود وعدم انفجارها من الداخل بفعل تعقيدات الحالة الفلسطينية وحجم التدخلات الخارجية، كانت السلطة وضعت مخططاً في العلن أسمته عودة القطاع للشرعية، وفي السر خطة لخنق حماس لتحقيق عودة السلطة إلى القطاع، بعد قبول شروط الرئيس عباس للمصالحة والتي تؤدي إلى أحد المسارات، إما تركيع حماس واستسلامها الكامل للسلطة الفلسطينية، أو خلق أزمة إنسانية طاحنة في القطاع تمهد الطريق لثورة شعبية تطيح بحكم حماس، أو الدفع نحو حرب رابعة في غزة تنهي فيها إسرائيل حكم حماس، أو على الأقل تخرج منها مهزومة ضعيفة بحيث تقبل شروط عباس للمصالحة.
بعد حل حركة حماس للجنة الإدارية، في آذار/مارس 2017، كبادرة أولية للمضي في مشروع المصالحة، فرضت السلطة جملة من العقوبات المتدرجة، لم يفلح اتفاق تشرين الأول/أكتوبر 2017 في القاهرة للمصالحة الفلسطينية في زحزحتها، فقد سلّمت حماس المعابر والوزارات، ولكن السلطة رفضت دفع رواتب الموظفين العموميين في القطاع، وطلبت ما أسمته بـ"التمكين الكامل"، أي تسليم كامل غزة؛ الوزارات، الأمن، الضرائب، مع عدم الاعتراف بأي إجراء أو وقائع بعد عام 2007، ومن ضمنها 40 ألف موظف الذين عينتهم حكومة حماس بعد سيطرتها على غزة.
راوحت المصالحة مكانها بعد تفجير موكب رئيس الوزراء رامي الحمد الله، حتى انطلاق الهيئة الوطنية للعودة وكسر الحصار التي واظبت على إخراج الجماهير شرق حدود قطاع غزة، منذ 30 آذار/مارس 2018، رفضا للحصار، وصفقة القرن لتصفية القضية الفلسطينية. ومع تدهور الأوضاع الأمنية في القطاع وهجمات الجيش الإسرائيلي على القطاع كانت الوساطة المصرية حاضرة وتتدخل للتوصل إلى تهدئة بين إسرائيل وفصائل المقاومة، خاصة مع فرض الفصائل الفلسطينية المقاومة لمعادلة "النار بالنار والدم بالدم"، وقد توصلت مصر إلى نتيجة مفادها بأنّ التهدئة المتكررة والهدن قصيرة الأجل ستقود بالضرورة إلى حرب جديدة على القطاع أشد شراسة وعنفاً، وبالتالي لا بد من استئناف مشروع المصالحة المتعثر الذي انتهى بمشكلة موظفي القطاع، و"التمكين الشامل". وبعد زيارة وفد من حركة حماس للقاهرة، في تموز/يوليو 2018، وضعت القاهرة خطة أخرى من أربع مراحل تأخذ في الاعتبار مشكلتي رواتب الموظفين، و"التمكين"، وتشمل أربع مراحل في عشر نقاط:
المرحلة الأولى (أسبوع)
رفع العقوبات عن غزة بصورة فورية، وإعادة رواتب الموظفين بشكل كامل، وعودة الوزراء إلى وزاراتهم وفق البنية القائمة، من دون إجراء تغييرات لحين تنفيذ قرار اللجنة الإدارية - القانونية التي اتخذت قرارها بالتوافق، وبدء مشاورات تشكيل حكومة وحدة وطنية خلال فترة أقصاها خمسة أسابيع.
المرحلة الثانية (ثلاثة أسابيع)
تسليم اللجنة الإدارية - القانونية نتائج عملها للفصائل والحكومة للبدء في تطبيقها، وتطبيق سياسة الرواتب على كافة الموظفين في الضفة والقطاع، وتسليم حماس الجباية للحكومة الفلسطينية، مع اقتطاع جزء من هذه الجباية لصرف رواتب الموظفين الأمنيين، لحين انعقاد اللجنة الأمنية والبت في وضعهم النهائي، ورفع الحواجز من على المعابر الحدودية مع مصر وإسرائيل.
المرحلة الثالثة (من ثلاثة أسابيع إلى شهر)
تجتمع اللجان الأمنية المختصة بالضفة الغربية وقطاع غزة لمناقشة موضوعات الأمن ووضع الآليات المناسبة لتنفيذها، تحت إشراف مصري، وتجتمع لجنتان متخصصتان في القضاء والأراضي، تحت إشراف مصري، للعمل على توحيد المؤسسة القضائية وسلطة الأراضي.
المرحلة الرابعة (ثلاثة أيام)
عقد اجتماع للجنة تطوير وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية، في العاصمة المصرية القاهرة، لوضع الآليات المناسبة لتنفيذ ما ورد في اتفاق 2011، بشأن المجلس الوطني والانتخابات والمجلس التشريعي، والمصالحة المجتمعية، والحريات العامة.
قبلت حركة حماس المقترح المصري وأعلنت ذلك في وسائل الإعلام، بينما حركة فتح تحفظت عليه وقدمت تعديلاتها للمصريين، فقد رفضت دفع رواتب الموظفين، ورفضت رفع العقوبات بشكل فوري، وطالبت "بالتمكين" كشرط أساسي لقبولها أي مقترح.
بعد زيارة وفد من حركة فتح للقاهرة، قدمت القاهرة ورقة معدلة للمصالحة، في 5 آب/أغسطس 2018، تضمنت ثلاث مراحل بدل أربع، الأولى مدتها خمسة أسابيع، وتشمل عودة وزراء حكومة الوفاق إلى غزة، وتوجه وفد أمنى من السلطة لعقد اجتماعات مع وفد أمنى من غزة في القاهرة. والثانية مدتها أربعة أسابيع، وتشمل تسلّم وزارة المالية في حكومة الوفاق للجباية، مع تعهد حكومة الوفاق بصرف رواتب موظفي غزة المدنيين والشرطة والدفاع المدني، وعقد اجتماع لحكومة الوفاق في غزة لتقييم "التمكين" والمرحلتين الأولى والثانية.
والمرحلة الثالثة مدتها ثلاثة أيام، وتشمل عقد اجتماع للإطار القيادي المؤقت لإعادة بناء منظمة التحرير، وعقد اجتماعات أمنية بين مسؤولين أمنيين من حماس والسلطة الفلسطينية.
من الواضح إصرار السلطة على موضوع "التمكين"، وعدم دفع رواتب موظفي غزة، أي تسلُّم غزة من دون اعتبار للواقع الذي تشكّل بعد 2007، وهو ما أفشل المصالحة حتى الآن، فسلوك السلطة وحركة فتح يستبطن غياب مفهوم الشراكة الوطنية، والتعامل بمنطق المعركة الصفرية؛ منتصر ومهزوم، ولكن بما يُفسر عجز مصر عن ممارسة ضغوط على السلطة ورئيسها أبو مازن لدفعها إلى مصالحة حقيقية على قاعدة الشراكة الوطنية، تعتبر إسرائيل السلطة الفلسطينية كنزاً استراتيجياً وجزءاً من الأمن القومي "الإسرائيلي" بفضل التنسيق الأمني، وتحول السلطة بأجهزتها الأمنية إلى مقاول أمني أوجدت بيئة أمنية للجيش الإسرائيلي وللمستوطنين في الضفة الغربية، خلال العشر سنوات الأخيرة. كما أنّ السلطة التي هي إفراز لاتفاق أوسلو، تتمتع بشرعية قانونية دولية اكتسبتها بدعم من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وبالتالي تبقى الضغوط المصرية محدودة أمام الرئيس عباس الذي يدرك تماماً حاجة الإسرائيليين له ولأجهزة السلطة الأمنية.
لذلك تنجح مصر في إدارة ملف التهدئة، لأنه يتعلق بفصائل المقاومة في غزة وإسرائيل، بينما تفشل في إدارة ملف المصالحة الفلسطينية حتى الآن، خاصة مع الحضور الأميركي الإسرائيلي شبه الدائم في سلوكيات وتحركات مصر تجاه القضية الفلسطينية بشكل عام، وقطاع غزة بشكل خاص.
ولا بد من الإشارة إلى أنّ مصر لا تنظر بارتياح كبير لحماس حتى لو عقدت معها اتفاقيات، فهي جزء من جماعة الإخوان المسلمين التي تهدد نظام السيسي ويقمعها منذ سيطرته بالقوة والدماء على مصر عقب الانقلاب العسكري، وهذا سلوك واضح منه ممارسة الضغط على حماس وترك الآخرين وعدم ممارسة أية ضغوط عليهم. وهذا تفهمه حماس جيداً، ولا يخفى عليها أن النظرة المصرية لها ليست حباً، بل مصلحة لضمان بقاء نظام السيسي حاكماً في مصر.
طلب الرئيس الأميركي من نظيره المصري عبد الفتاح السيسي، خلال لقائهما في البيت الأبيض عام 2017، المضي قدماً في مخطط تصفية القضية الفلسطينية، والتي أشار إليها السيسي نفسه خلال اللقاء بـ"صفقة القرن"، وأن تكون جزئية قطاع غزة من مسؤولية النظام المصري.
تضمنت الصفقة الدفع بقطاع غزة نحو مصر عبر مشاريع بنية تحتية، ومشاريع طاقة ومياه وتجارة، ومشاريع لتسهيل التنقل والسفر، في رفح والعريش، وهي بالمحصلة تحويل قطاع غزة إلى مركز المشروع الفلسطيني ودولته المستقبلية وامتدادها في سيناء، بعد شطب الضفة الغربية والقدس كجزء من المشروع الوطني بفعل سياسات البناء الاستيطاني والتهويد.
غير أن تطبيق الصفقة في القطاع تطلّب شرطين أساسيين؛ تهدئة طويلة تضمن الاستقرار وتوفر بيئة مناسبة لتنفيذ المشاريع، والوضع السياسي في القطاع، وعودة السلطة الفلسطينية كواجهة سياسية تتسلم زمام الأمور وتشرف على المشاريع الممولة دولياً.
بدأ جهاز الاستخبارات العامة المصري، المسؤول عن ملف قطاع غزة والعلاقة مع الفصائل الفلسطينية، لقاءاته التمهيدية في بداية عام 2017 مع حركة حماس والفصائل الوطنية في القطاع، وبالتحديد حركة حماس، وما يُسمى بـ"التيار الإصلاحي" في حركة فتح "تيار محمد دحلان". كما نظم جهاز الاستخبارات سلسلة من ورش العمل واللقاءات التعريفية في العين السخنة وفي شرم الشيخ لنخب شبابية، وإعلاميين، واقتصاديين، ورموز عشائرية، بهدف إعداد الأرضية لمصالحة قادرة على الصمود، وكان هناك حديث عن إدارة لقطاع غزة بالشراكة مع تيار دحلان، مع انفتاح مصري كبير على غزة يحسّن من الحالة الاقتصادية والإنسانية، ولكن تبين فيما بعد أن هذه اللقاءات والتسريبات الإعلامية كان هدفها الضغط على الرئيس محمود عباس (أبو مازن) والسلطة الفلسطينية، للمضي قدماً في مشروع المصالحة، التي كان للرئيس رأي آخر فيها.
ففي الوقت الذي كانت فيه مصر تسعى إلى مصالحة متدرجة تحمل في طياتها عوامل البقاء والصمود وعدم انفجارها من الداخل بفعل تعقيدات الحالة الفلسطينية وحجم التدخلات الخارجية، كانت السلطة وضعت مخططاً في العلن أسمته عودة القطاع للشرعية، وفي السر خطة لخنق حماس لتحقيق عودة السلطة إلى القطاع، بعد قبول شروط الرئيس عباس للمصالحة والتي تؤدي إلى أحد المسارات، إما تركيع حماس واستسلامها الكامل للسلطة الفلسطينية، أو خلق أزمة إنسانية طاحنة في القطاع تمهد الطريق لثورة شعبية تطيح بحكم حماس، أو الدفع نحو حرب رابعة في غزة تنهي فيها إسرائيل حكم حماس، أو على الأقل تخرج منها مهزومة ضعيفة بحيث تقبل شروط عباس للمصالحة.
بعد حل حركة حماس للجنة الإدارية، في آذار/مارس 2017، كبادرة أولية للمضي في مشروع المصالحة، فرضت السلطة جملة من العقوبات المتدرجة، لم يفلح اتفاق تشرين الأول/أكتوبر 2017 في القاهرة للمصالحة الفلسطينية في زحزحتها، فقد سلّمت حماس المعابر والوزارات، ولكن السلطة رفضت دفع رواتب الموظفين العموميين في القطاع، وطلبت ما أسمته بـ"التمكين الكامل"، أي تسليم كامل غزة؛ الوزارات، الأمن، الضرائب، مع عدم الاعتراف بأي إجراء أو وقائع بعد عام 2007، ومن ضمنها 40 ألف موظف الذين عينتهم حكومة حماس بعد سيطرتها على غزة.
راوحت المصالحة مكانها بعد تفجير موكب رئيس الوزراء رامي الحمد الله، حتى انطلاق الهيئة الوطنية للعودة وكسر الحصار التي واظبت على إخراج الجماهير شرق حدود قطاع غزة، منذ 30 آذار/مارس 2018، رفضا للحصار، وصفقة القرن لتصفية القضية الفلسطينية. ومع تدهور الأوضاع الأمنية في القطاع وهجمات الجيش الإسرائيلي على القطاع كانت الوساطة المصرية حاضرة وتتدخل للتوصل إلى تهدئة بين إسرائيل وفصائل المقاومة، خاصة مع فرض الفصائل الفلسطينية المقاومة لمعادلة "النار بالنار والدم بالدم"، وقد توصلت مصر إلى نتيجة مفادها بأنّ التهدئة المتكررة والهدن قصيرة الأجل ستقود بالضرورة إلى حرب جديدة على القطاع أشد شراسة وعنفاً، وبالتالي لا بد من استئناف مشروع المصالحة المتعثر الذي انتهى بمشكلة موظفي القطاع، و"التمكين الشامل". وبعد زيارة وفد من حركة حماس للقاهرة، في تموز/يوليو 2018، وضعت القاهرة خطة أخرى من أربع مراحل تأخذ في الاعتبار مشكلتي رواتب الموظفين، و"التمكين"، وتشمل أربع مراحل في عشر نقاط:
المرحلة الأولى (أسبوع)
رفع العقوبات عن غزة بصورة فورية، وإعادة رواتب الموظفين بشكل كامل، وعودة الوزراء إلى وزاراتهم وفق البنية القائمة، من دون إجراء تغييرات لحين تنفيذ قرار اللجنة الإدارية - القانونية التي اتخذت قرارها بالتوافق، وبدء مشاورات تشكيل حكومة وحدة وطنية خلال فترة أقصاها خمسة أسابيع.
المرحلة الثانية (ثلاثة أسابيع)
تسليم اللجنة الإدارية - القانونية نتائج عملها للفصائل والحكومة للبدء في تطبيقها، وتطبيق سياسة الرواتب على كافة الموظفين في الضفة والقطاع، وتسليم حماس الجباية للحكومة الفلسطينية، مع اقتطاع جزء من هذه الجباية لصرف رواتب الموظفين الأمنيين، لحين انعقاد اللجنة الأمنية والبت في وضعهم النهائي، ورفع الحواجز من على المعابر الحدودية مع مصر وإسرائيل.
المرحلة الثالثة (من ثلاثة أسابيع إلى شهر)
تجتمع اللجان الأمنية المختصة بالضفة الغربية وقطاع غزة لمناقشة موضوعات الأمن ووضع الآليات المناسبة لتنفيذها، تحت إشراف مصري، وتجتمع لجنتان متخصصتان في القضاء والأراضي، تحت إشراف مصري، للعمل على توحيد المؤسسة القضائية وسلطة الأراضي.
المرحلة الرابعة (ثلاثة أيام)
عقد اجتماع للجنة تطوير وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية، في العاصمة المصرية القاهرة، لوضع الآليات المناسبة لتنفيذ ما ورد في اتفاق 2011، بشأن المجلس الوطني والانتخابات والمجلس التشريعي، والمصالحة المجتمعية، والحريات العامة.
قبلت حركة حماس المقترح المصري وأعلنت ذلك في وسائل الإعلام، بينما حركة فتح تحفظت عليه وقدمت تعديلاتها للمصريين، فقد رفضت دفع رواتب الموظفين، ورفضت رفع العقوبات بشكل فوري، وطالبت "بالتمكين" كشرط أساسي لقبولها أي مقترح.
بعد زيارة وفد من حركة فتح للقاهرة، قدمت القاهرة ورقة معدلة للمصالحة، في 5 آب/أغسطس 2018، تضمنت ثلاث مراحل بدل أربع، الأولى مدتها خمسة أسابيع، وتشمل عودة وزراء حكومة الوفاق إلى غزة، وتوجه وفد أمنى من السلطة لعقد اجتماعات مع وفد أمنى من غزة في القاهرة. والثانية مدتها أربعة أسابيع، وتشمل تسلّم وزارة المالية في حكومة الوفاق للجباية، مع تعهد حكومة الوفاق بصرف رواتب موظفي غزة المدنيين والشرطة والدفاع المدني، وعقد اجتماع لحكومة الوفاق في غزة لتقييم "التمكين" والمرحلتين الأولى والثانية.
والمرحلة الثالثة مدتها ثلاثة أيام، وتشمل عقد اجتماع للإطار القيادي المؤقت لإعادة بناء منظمة التحرير، وعقد اجتماعات أمنية بين مسؤولين أمنيين من حماس والسلطة الفلسطينية.
من الواضح إصرار السلطة على موضوع "التمكين"، وعدم دفع رواتب موظفي غزة، أي تسلُّم غزة من دون اعتبار للواقع الذي تشكّل بعد 2007، وهو ما أفشل المصالحة حتى الآن، فسلوك السلطة وحركة فتح يستبطن غياب مفهوم الشراكة الوطنية، والتعامل بمنطق المعركة الصفرية؛ منتصر ومهزوم، ولكن بما يُفسر عجز مصر عن ممارسة ضغوط على السلطة ورئيسها أبو مازن لدفعها إلى مصالحة حقيقية على قاعدة الشراكة الوطنية، تعتبر إسرائيل السلطة الفلسطينية كنزاً استراتيجياً وجزءاً من الأمن القومي "الإسرائيلي" بفضل التنسيق الأمني، وتحول السلطة بأجهزتها الأمنية إلى مقاول أمني أوجدت بيئة أمنية للجيش الإسرائيلي وللمستوطنين في الضفة الغربية، خلال العشر سنوات الأخيرة. كما أنّ السلطة التي هي إفراز لاتفاق أوسلو، تتمتع بشرعية قانونية دولية اكتسبتها بدعم من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وبالتالي تبقى الضغوط المصرية محدودة أمام الرئيس عباس الذي يدرك تماماً حاجة الإسرائيليين له ولأجهزة السلطة الأمنية.
لذلك تنجح مصر في إدارة ملف التهدئة، لأنه يتعلق بفصائل المقاومة في غزة وإسرائيل، بينما تفشل في إدارة ملف المصالحة الفلسطينية حتى الآن، خاصة مع الحضور الأميركي الإسرائيلي شبه الدائم في سلوكيات وتحركات مصر تجاه القضية الفلسطينية بشكل عام، وقطاع غزة بشكل خاص.
ولا بد من الإشارة إلى أنّ مصر لا تنظر بارتياح كبير لحماس حتى لو عقدت معها اتفاقيات، فهي جزء من جماعة الإخوان المسلمين التي تهدد نظام السيسي ويقمعها منذ سيطرته بالقوة والدماء على مصر عقب الانقلاب العسكري، وهذا سلوك واضح منه ممارسة الضغط على حماس وترك الآخرين وعدم ممارسة أية ضغوط عليهم. وهذا تفهمه حماس جيداً، ولا يخفى عليها أن النظرة المصرية لها ليست حباً، بل مصلحة لضمان بقاء نظام السيسي حاكماً في مصر.