حضر الإعلامي المصري، عمرو الليثي، إلى "دار القضاء العالي" في وسط القاهرة، لمقابلة النائب العام المصري المساعد المستشار، هشام سمير، للاستفسار عن قرار منعه من السفر، لكنه لم يجده، ورفض مكتب المنع من السفر إعطاءه أي إجابة.
وكانت سلطات أمن مطار القاهرة منعت، صباح اليوم الخميس، الليثي وأسرته من السفر إلى دبي، بناءً على قرار صادر من مكتب النائب العام.
وأفادت مصادر أمنية مصرية أنه بعد فحص أوراق الليثي الخاصة بالسفر، تبين وضع اسمه على قوائم الممنوعين من السفر، فأُنزلت حقائبه هو وأسرته من الطائرة التي كانت تستعد للمغادرة إلى الإمارات العربية المتحدة.
وأضافت المصادر الأمنية أن الإعلامي أبلغ سلطات المطار أنه زار مكتب النائب العام أمس، وأبلغهم برغبته في السفر إلى دبي اليوم، وأكدوا له بأنه غير مدرج على قوائم الممنوعين، لكن سلطات المطار أبلغته بأنه ممنوع بقرار النائب العام.
وأنزلت حقائبهم من الطائرة التي استأنفت رحلتها من دونهم، وسُمح لهم بالخروج من المطار تحت الإشراف الأمني والجمركي، وفق ما أكدت وكالة "أونا" الإخبارية قبل قليل.
وكان المحامي المقرب من السلطات الأمنية، سمير صبري، تقدم ببلاغ رقم 6122 لعام 2016 ضد الليثي، طالباً منعه من السفر والتحقيق بما تضمنته الحلقة التي أذاعها في برنامجه "واحد من الناس" الخاصة بـ"سائق التوكتوك".
وقال صبري إنه "فوجئ بالحلقة التي أذاعها الليثي في برنامجه بتاريخ 14/10/2016 في لقاء وهمي مرتب مع من يدعي أنه سائق توكتوك"، على حدّ تعبيره.
وكان فيديو "سائق التوكتوك" حقق أكثر من 3 ملايين مشاهدة على موقع "يوتيوب"، وأثار جدلاً واسعاً بعد إذاعته. إذ انتقد السائق في الفيديو الأوضاع الاقتصادية والأمنية في مصر، وناشد في ختام حديثه الليثي بعدم حذف أي كلمة منه، ليرد عليه الإعلامي أنه "سيذيع كل كلمة قالها".
وكانت روايات عدة قد انتشرت حول إيقاف الإعلامي عمرو الليثي عن تقديم برنامجه، لكن قناة "الحياة" أصدرت بياناً صحافياً في وقت سابق، أعلنت فيه عن "بداية إجازة الليثي السنوية من القناة".
في سياق متصل، دانت 20 منظمة حقوقية، أمس الأربعاء، قرارات المنع من السفر التي توالت خلال الأيام القليلة الماضية، بدءاً من منع الناشط الحقوقي، أحمد راغب، من السفر إلى المغرب، مروراً بمنع الناشطة الحقوقية، عزة سليمان، من السفر إلى الأردن، وأخيراً توقيف ومنع الناشطة الحقوقية، عايدة سيف الدولة، من السفر إلى تونس، صباح أمس الأربعاء.
واستنكرت المنظمات في بيان مشترك، ما وصفته بـ"استمرار الدولة في التنكيل بالعاملين بمنظمات حقوق الإنسان واستهداف عملهم، بقرارات مفاجئة وغير مسببة سواء بالتحفظ على أموالهم أو منعهم من السفر".
وأفادت المنظمات الموقعة أن "الأسبوع نفسه الذي شهد منع عايدة سيف الدولة من السفر، منعت السلطات بمطار القاهرة الناشطة النسوية والمحامية عزة سليمان، رئيسة مجلس أمناء مؤسسة قضايا المرأة المصرية من السفر للأردن للمشاركة في تدريب حركة مساواة حول حقوق النساء في الإسلام والمنظومة الفقهية الإسلامية، وذلك يوم السبت 19 نوفمبر 2016 وقد تم إبلاغها بصدور القرار في اليوم التالي. وإمعاناً في التنكيل تبع ذلك قرار بتجميد أموال حسابها الشخصي والحساب الخاص بشركة المحاماة الخاصة بها، بموجب قرار صادر عن إحدى دوائر الجنايات، وبناء على طلب من قاضي التحقيق في القضية 173 لسنة 2011، علماً بأن سليمان لم يتم إخطارها بأي من تلك الإجراءات، ولم يسبق استدعاؤها لسماع أقوالها، في طلب المنع من التصرف في أموالها حيث علمت بالقرار بمحض الصدفة أثناء توجهها للبنك الذي أبلغها بذلك".
وتابع البيان، مشيراً إلى "منع المحامي الحقوقي أحمد راغب، مدير الجماعة الوطنية لحقوق الإنسان والقانون، من السفر في 15 نوفمبر 2016 قبيل سفره لحضور مؤتمر حول التغييرات المناخية والديمقراطية، إذ أبلغته سلطات المطار بصدور قرار منعه من السفر بناء على طلب من قاضي التحقيق في مايو 2016، وقبل أيام من منع راغب، عرف المحامي الحقوقي مالك عدلي صباح يوم الأربعاء 2 نوفمبر الماضي بقرار منعه من السفر صدفة، في مطار القاهرة، قبيل سفره لفرنسا تنفيذاً لقرار قاضي التحقيق في إحدى القضايا، وقد تم إبلاغه بالقرار وإنزال حقائبه من الطائرة والسماح له بالخروج".
واعتبرت المنظمات الموقعة أن الإجراءات المتعاقبة تمثل "استمراراً لخطة الدولة في القضاء على الحركة الحقوقية والنسوية المصرية، والتي يعود تاريخها لمنتصف ثمانينات القرن الماضي، بعدما استطاعت تحدي فترات القمع كلها، وخاضت كافة المعارك لتوسيع مساحات عملها، إلا أن ما يوصم النظام الحالي عن سابقيه أنه يهدف إلى القضاء الكامل عليها وليس فقط تحجيم نشاطها أو التضييق من مساحتها".
وأضاف البيان أن "الممنوعين الأربعة في نوفمبر ينضمون بذلك إلى من مُنعوا التصرف في أموالهم والممنوعين من السفر من الحقوقيين، فقد سبقهم في المنع من التصرف كل من بهي الدين حسن، جمال عيد، حسام بهجت، أحمد سميح، مصطفى الحسن، وعبد الحفيظ طايل"، بالإضافة إلى مركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان، والمركز المصري للحق في التعليم، ومركز هشام مبارك للقانون، ومركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف، فضلاً عن أكثر من 14 مدافع/ة عن حقوق الإنسان ممنوعين من السفر، وقد تشابهوا جميعاً في طريقة اتخاذ تلك الإجراءات المعيبة، إذ لم يمثل معظمهم للتحقيق، ولم يتم إخطارهم بأسباب ومدة المنع على النحو الذي تقتضيه المادة 2 من الدستور".
ولفت البيان إلى أن "التصعيدات الأخيرة تأتي في الوقت الذي وافق فيه البرلمان المصري مبدئياً على مشروع قانون الجمعيات الأهلية الجديد، المرفوض من المنظمات الحقوقية، والذي في حال تمريره سيحول عمل منظمات المجتمع المدني بمفهومه الواسع (جمعيات خيرية وتنموية وحقوقية) إلى مهمة مستحيلة، على نحو يتنافى مع كافة المواثيق الدولية والدستور المصري".
وتضمّ المنظمات الموقعة على البيان "نظرة للدراسات النسوية"، "مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان"، "الجماعة الوطنية لحقوق الإنسان والقانون"، "الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية"، "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية"، "مركز الأرض لحقوق الإنسان"، "المركز المصري لدراسات السياسات العامة"، "المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية"، و"مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب".
ووقع البيان أيضاً كل من "مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف"، "مركز حابي للحقوق البيئية"، "مركز عدالة للحقوق والحريات"، "المفوضية المصرية للحقوق والحريات"، "المنظمة العربية للإصلاح الجنائي"، "مؤسسة الحقانية للحقوق والحريات"، "مؤسسة المرأة الجديدة"، "المؤسسة المصرية لدعم العدالة"، "مؤسسة حرية الفكر والتعبير"، "مؤسسة ضحايا الاختطاف والاختفاء القسري"، و"مؤسسة قضايا المرأة المصرية".