مصر: تضارب الروايات بشأن التفجيرات

25 يونيو 2014
مترو الأنفاق عقب تفجير قنبلة صوتية (فرانس برس/Getty)
+ الخط -

عادت التفجيرات في مصر مجدداً، اليوم الأربعاء، بعد توقف استمر نحو أكثر من شهر، شهدت خلاله البلاد انتخابات رئاسية، أسفرت عن فوز وزير الدفاع السابق، عبد الفتاح السيسي، بالرئاسة. وترافقت عودة التفجيرات هذه المرة مع تخبّط واضح في تصريحات المسؤولين في وزارة الداخلية، والمسؤولين عن قطاع مترو الأنفاق.

وفور وقوع الحادث، قالت وزارة الداخلية: إن محطات مترو "شبرا الخيمة وغمرة وحدائق القبة وحلمية الزيتون"، شهدت انفجارات صباح اليوم الأربعاء، لكن الوزارة استدركت حديثها بعد ساعات لتصحح ما ذكرته "ما حدث كان مجرد انفجار قنبلة صوت، وإنه لا توجد أي مواد تفجيرية".
وفي المحصلة تبين أن التفجيرات استهدفت أحد أهم شرايين العاصمة وهو مترو الأنفاق بخطيه الأول والثاني في خمس محطات وهي: حلمية الزيتون وشبرا وكوبري القبة وغمرة وعزبة النخل.

ورداً على أصابع الاتهام التي توجهت فوراً الى جماعة "الإخوان المسلمين" من دون أي دليل، نفى أمين العلاقات الخارجية في حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية للجماعة، محمد سودان، "أية علاقة للجماعة بالتفجيرات التي شهدتها بعض مناطق القاهرة"، مؤكداً بأن "منهج الجماعة وأدبياتها يستنكر مثل هذه الأعمال".

وأوضح سودان أنه "بات معروفاً للجميع أن سلطة الانقلاب في مصر، تقوم بعمل تفجيرات وتنسبها للإخوان من باب أنها تدفع الشعب لكراهيتهم، ولا سيما بعدما فشلت تلك السلطة في إدارة البلاد".

وتحدث سودان عن سبب آخر لتفسير اتهامه للسلطات بالوقوف وراء التفجيرات، إذ أكد بأن تلك التفجيرات تأتي "للتغطية على الأحكام الأخيرة ضد الصحافيين وفريق الجزيرة التي استفزت العديد من الحكومات العالمية".

وأشار إلى أنه "حتى لو كانت تلك التفجيرات حقيقية، ويقف وراءها غاضبون من سياسة قائد الانقلاب، فهذا يؤكد فشل المنظومة الأمنية التي انشغلت بملاحقة السياسيين، والمعارضين، وتركت الشوارع خالية للبلطجية والمخربين"، مجدداً تأكيد الجماعة "عدم خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة". وشدد على أن "مقاطعة أي استحقاقات انتخابية في ظل الانقلاب مبدأ لن يتم التراجع عنه".

من جهته، أوضح الخبير السياسي، أمجد الجباس، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه "عند حدوث التفجيرات، تكون هناك مدرستان لتفسير ما حدث، أولاهما أن وزارة الداخلية والجهات الأمنية وراء تلك الحوادث، لتخلق حالة من الخوف عند المواطنين، يتبعها تنازلهم عن مطالب كثيرة لهم وعن حريتهم".

أما المدرسة الثانية وفقاً للجباس، هي التي تتبناها وزارة الداخلية، "إذ أنها تنسب تلك التفجيرات لمجموعة من الجماعات، وتقول إنها تجتهد للوصول إليهم ولمعرفة مصادر تمويلهم، وفي النهاية للأسف يتم إلصاق كل ذلك بالإخوان أو السلفيين".

أما الحقيقة حسب الجباس فتكون، "وسطاً بين المدرستين، فبعض تلك التفجيرات مزعوم، وآخر حقيقي، لأن أجهزة الأمن تجتهد إلى التوصل الى فاعليه، والقبض عليهم، وبعض الأفراد ينجرون للعنف فعلاً، ولا تكون لهم علاقة بالسياسة".

وتساءل "أين كانت تلك التفجيرات خلال الفترة القريبة الماضية؟"، مشيراً إلى أن "هذا الأمر يقوّي وجهة النظر التي تقول، إن الداخلية هي التي وراء كل تلك الأحداث، وإن لها دوراً فيها، بدليل أنه لم يحدث أي تفجير خلال فترة الانتخابات الرئاسية في مايو/أيار الماضي، ولا سيما أن رئيس الوزراء، إبراهيم محلب، كان له تصريح غريب قبلها، قال فيه: إن التفجيرات ستتوقف تماماً خلال الانتخابات، فعلى أي أساس قال ذلك".

وعن تراجع وزارة الداخلية عن حديثها بشأن وقوع تفجيرات في عدد من محطات المترو، عازية الأمر فقط إلى "قنبلة صوت"، أكد الجباس، بأن مسؤولي الداخلية "يبدو أنهم شعروا بأن ما قالوه سينقلب عليهم وسيثير الناس ضدهم، ولا سميا أن مترو الأنفاق هو شريان حياة كثير من المصريين، وربما خافوا كذلك من التأثير الاقتصادي السلبي الذي سينتج عن الحادث".

توليفة استخبارات

"توليفة الاستخبارات"، هكذا وصف الخبير ومدير منتدى الحوار الاستراتيجي، عادل سليمان، الحادث الذي جرى في المترو.

وقال سليمان، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "ما يحدث من تفجيرات أو حتى فرقعة قنبلة صوت أمر مطلوب إعلامياً، لأن النظام الحالي قائم على أساس أنه يحارب الإرهاب، ومن مصلحته أن تحدث مثل هذه الأمور وأن يروج لها إعلامياً، لإثارة حالة من القلق والبلبلة لدى الناس، والتي بدورها ستخدم الشرطة".

وأشار سليمان إلى أن "حالة القلق ستخدم الشرطة، لأنها ستتحجج بأنها منشغلة بقصة التفجيرات، وسيظهر من يقول (ما تكلموناش دلوقتي في أي حاجة)، و(لا صوت يعلو فوق صوت المعركة)، وإن لم تكن هناك معركة فهم سيقومون بافتعالها".

واعتبر أن اختفاء تلك التفجيرات خلال الفترة الماضية "كان بسبب أن النظام شغل الناس بموضوع آخر وهو انتخابات الرئاسة، والأمر انتهى، ويريدون أن يشغلوا الناس بشيء آخر".

المساهمون