مصر: القضية 558 ثقب أسود يبتلع عشرات المعارضين

13 يونيو 2020
يواجه المتهمون أمام أمن الدولة اتهامات متنوعة (محمد الراعي/الأناضول)
+ الخط -

بين اختفاء قسري واعتداء جسدي وتدوير، ضمت القضية 558 لسنة 2020 حصر أمن دولة عليا، عدداً من المحبوسين بين محامين وصحافيين ونشطاء مهتمين بالعمل العام، لتبدأ رحلة جديدة من الحبس الاحتياطي تبتلع معتقلين جدداً، في ثقب أسود يضاف إلى غيره من القضايا السياسية التي تستهدف المعارضين في مصر.


وفيما ترتفع المطالب بالإفراج عن المحبوسين احتياطياً، والسجناء غير الخطرين على المجتمع، لتقليل التكدس في أماكن الاحتجاز، خوفاً من انتشار فيروس كورونا، تتصاعد حملات الاعتقال التي تشنها قوات الأمن، في الوقت الذي قررت فيه الوزارة تعليق الزيارات في السجون، وقرر وزير العدل عمر مروان تعليق العمل في بعض المحاكم وقرارات تجديد الحبس.

وكما هو معتاد في أغلب القضايا، التي ينظر فيها أمام نيابة أمن الدولة العليا، يواجه المتهمون في القضية 558، اتهامات بنشر أخبار وبيانات وشائعات كاذبة وترويجها، وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي واستخدامها لنشر الأخبار والإشاعات الكاذبة، ومشاركة جماعة إرهابية، مع العلم، والتحرك لتنفيذ أغراضها. ولكن كالعادة لم تكشف التحقيقات عن طبيعة الأخبار الكاذبة التي يواجه المتهمون في القضية اتهامات بترويجها، أو ما هي الجماعة الإرهابية المتهمون بمشاركتها. وأغلب المتهمين في القضية 558 تعرضوا للاختفاء القسري لفترات متفاوتة، قبل ظهورهم في النيابة متهمين على ذمة القضية، والبعض منهم تعرض للتدوير من قضية لأخرى ليجري إدراجهم على ذمتها.

وبحسب ما رصدته المفوضية المصرية للحقوق والحريات، وهي منظمة مجتمع مدني مصرية، فإن عدد الأشخاص الذين تعرضوا للاعتقال، بالتزامن مع انتشار فيروس كورونا، وانتقاد البعض الإجراءات التي اتخذتها الدولة لمنع انتشاره، نحو 34 شخصاً، بينهم 27 على ذمة القضية 558 لسنة 2020. وأغلبهم تعرض للاعتقال خلال مارس/ آذار وإبريل/ نيسان الماضيين، وتحديداً مع نهاية مارس، بينهم 8 أشخاص حصلوا على إخلاء سبيل، عقب ساعات أو أيام من اعتقالهم، فيما ظل الباقي رهن الحبس الاحتياطي.


تجدر الإشارة إلى أن المعتقلين المشار إليهم في هذا التقرير لا يمثلون العدد الحقيقي للمتهمين في القضية 558 لسنة 2020 أمن دولة، إذ إن القضية تضم الكثير من المتهمين، وسُلِّط الضوء على بعض ممن تعرضوا لانتهاكات واضحة. وشملت قائمة المتهمين في القضية، ممن رصدتهم المفوضية المصرية للحقوق والحريات، عشرات المتهمين، أشهرهم الدكتورة ليلى سويف، والدة المعتقل السياسي علاء عبد الفتاح، والباحثة والمترجمة خلود سعيد، والناشط السياسي عبد الرحمن طارق (موكا) والصحافي أحمد علام.

ومن أبرز المتهمين في القضية ممن تعرضوا لانتهاكات الاختفاء القسري أو التدوير، محمد البهنسي، الذي ألقت قوات الأمن القبض عليه مساء 27 مارس الماضي، من منزله في حلوان. وظهر في اليوم التالي أمام نيابة أمن الدولة، للتحقيق معه على ذمة القضية 558 لسنة 2020. وجاء اعتقال البهنسي بعد أيام من مطالبته، على صفحته الخاصة على "فيسبوك"، بالإفراج عن المعتقلين، بالتزامن مع انتشار فيروس كورونا. وفي 28 مارس الماضي، اعتقلت قوات الأمن في الإسكندرية الناشطة نهى كمال أحمد، ابنة عضو مجلس النواب كمال أحمد، ضمن حملة أمنية شنتها في مختلف المحافظات. واختفت نهى لمدة يومين في مكان غير معلوم، ودون أي تواصل مع محاميها أو أسرتها، قبل أن تظهر في 30 مارس في نيابة أمن الدولة، التي قررت حبسها 15 يوماً على ذمة القضية 558.

ومن المحبوسين الذين جرى تدويرهم على ذمة القضية نفسها، عبد الرحمن طارق، الشهير بـ"موكا". وكانت محكمة الجنايات قد قررت، في 10 مارس، إخلاء سبيله، بتدابير احترازية على ذمة قضية تحمل رقم 1331 لسنة 2019 حصر أمن دولة. ولأكثر من 50 يوماً، لم يُنفَّذ القرار، وظل "موكا" محبوساً في قسم قصر النيل، بطريقة مخالفة للقانون وقرار الجنايات التي أوجبت إخلاء سبيله على الفور. وفي 30 إبريل الماضي، فوجئ المحامون بتدوير "موكا" على ذمة القضية 558. وعُرض على النيابة دون حضور محاميه، وتقرر حبسه 15 يوماً على ذمة القضية، ليعود مرة أخرى لدوامة التجديد والحبس الاحتياطي بذات الاتهامات التي أخلي سبيله على ذمتها في المرة الأولى.

خلود سعيد، رئيسة قسم الترجمة في مكتبة الإسكندرية، وباحثة مهتمة بالأنثروبولوجيا واللغة، من المتهمين على ذمة القضية 558 لسنة 2020. وكانت قد تعرضت للاختفاء لنحو أسبوع، قبل ظهورها أمام نيابة أمن الدولة كمتهمة على ذمة القضية. وألقي القبض عليها من منزلها بالإسكندرية، مساء 21 إبريل الماضي، واقتيدَت لجهة غير معلومة، ولم يفصح أحد عن مكانها. وفي 28 إبريل، ظهرت خلود بنيابة أمن الدولة، حيث نُقلَت من الإسكندرية إلى مقر النيابة بالقاهرة، لتُحبَس على ذمة القضية 558. وكانت أول جلسة لنظر تجديد حبسها يوم 11 مايو/أيار الماضي.

تعرض الصحافي أحمد علام للاختفاء لمدة 6 أيام، عقب اعتقاله في 21 إبريل الماضي، من منزل أهله في العياط التابعة لمحافظة الجيزة. وعلام (33 سنة) عمل صحافياً ومعداً تلفزيونياً في العديد من المؤسسات الإعلامية، بينها "المصري اليوم"، و"سي بي سي"، وموقع "الغد"، وصحيفة "الكرامة". وفي 27 إبريل، عُرض على نيابة أمن الدولة التي قررت حبسه 15 يوماً على ذمة القضية 558. وبحسب المحامين، فإنه حُقِّق معه بمحضر ضبط تاريخه 26 إبريل، وليس بتاريخ اختفائه الحقيقي، فضلاً عن عدم وجود أي أحراز بحوزته.

وفي 18 مارس، ألقت قوات من الأمن القبض على عاطف حسب الله، رئيس تحرير صحيفة "القرار الدولي"، من أمام منزله في محافظة أسوان. وظل حسب الله رهن الاختفاء نحو 27 يوماً، حتى ظهر في نيابة أمن الدولة العليا في القاهرة في 14 إبريل، متهماً على ذمة القضية 558 لسنة 2020 حصر أمن دولة. وسُئل خلال التحقيقات عن منشورات له على حسابه في "فيسبوك" حول إصابات كورونا في مصر، وتعليقه على الأعداد الرسمية للمصابين، حتى صدر القرار بحبسه 15 يوماً احتياطياً.

المساهمون