13 نوفمبر 2024
مصر السيسي شأناً إسرائيلياً
ليس مصادفةً أن تبدو مصر في خاطر الرئيس الإسرائيلي، رؤوفين ريفلين، "أم الدنيا، الجارة القريبة والمهمة التي تؤدي دوراً كبيراً للغاية في المنطقة". وليست عبارة بروتوكولية فحسب، تلك التي أطلقها ريفلين في الإعلان عن "رسالة صداقة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي" عند تسلمه أوراق اعتماد سفير مصر الجديد، إنما يعكس هذا كله وغيره، مما ينقله لنا الإعلام المصري نفسه عودة المياه إلى مجاريها بين القاهرة وتل أبيب، اللتين تمران بموسم "سمنة على عسل"، كما يقول المصريون، بعد أن انقضت أعوام "النحس" التي أعقبت سحب القاهرة سفيرها في عهد الرئيس الأسبق، محمد مرسي، احتجاجا على مذبحة غزة المعروفة.
في هذا السياق، وبحسب الروايات المتواترة، فإن لقاء النائب المصري، توفيق عكاشة، والسفير الإسرائيلي في القاهرة، حاييم كورين، على مائدة عشاء في منزل الأول، غلب عليه الدفء والحميمية، وإنهما تبادلا النكات، كما تحاورا في قضايا مهمة عديدة، تخص علاقات البلدين. وعبر عكاشة عن رغبته بزيارة تل أبيب، ليلتقي بأصدقاء جدد، وطرح فكرة توسط إسرائيل في تقريب وجهات النظر بين إثيوبيا ومصر، خصوصاً في موضوع سد النهضة، ووعد باسم مصر بمنح إسرائيل مليار متر مكعب من مياه النيل، إذا ما نجحت الوساطة.
كورين، ودائماً في الروايات المتواترة نفسها، رد على عكاشة، مبشراً ببدء "حقبة جديدة بعد أن تغير الزمن، وعلى الزعماء تغيير أنفسهم للتأقلم معها، ونحن معاً نستطيع إثبات أننا يمكن أن نكون جيرانا جيدين"، مشيرا إلى السيسي مثالاً، إذ هو "رئيس منفتح يريد الاستقرار لمصر وللمنطقة".
بقي أن نقرّ، هنا، بأننا لا نعرف، فيما إذا كان الوعد الذي أعطاه عكاشة لكورين من قبيل النكتة اللاذعة التي فرضها جو اللقاء الدافئ، أم هو وعد ملزم ومدروس مسبقاً من حكومة مصر. وفي الحالين، لا تستحق واقعة الاستضافة كل هذه الضجة التي أثيرت حولها، لسبب بسيط، هو أن عكاشة لم يكن في وارد اهتمام أحد، قبل أن يصبح فجأة إعلامياً وسياسياً، ومؤسساً لحزب، ونائبا في مجلس الشعب، هكذا ودفعة واحدة، ولأن الرجل، كما تكشف الوقائع، لم يكن ليقوم بهذا الدور الموكول إليه، من دون أن تكون وراءه رؤية مصرية مستجدّة، أو قل كانت مضمرة، في تطوير العلاقة مع إسرائيل، و"تصحيح الخطأ" الذي وقعت فيه حكومة مرسي.
أيضاً، لا تستحق الواقعة كل هذه الضجة، لأن كورين يصول ويجول في أنحاء مصر، منذ وطأت قدماه أرض الكنانة، قبل أكثر من سنتين، من دون رادع أو رقيب، وربما قبل أن يتعرف إلى عكاشة، وقد التقى، قبله وبعده، بمثقفين وإعلاميين مصريين عديدين، وبعض هذه اللقاءات تمت سراً كما قيل، وبعض من التقى بهم رد الجميل فكتب مشيداً بعودة الدفء إلى العلاقة بين القاهرة وتل أبيب، ومندداً بالفلسطينيين الذين كانوا سبب تردي العلاقة في الماضي.
والذين عرفوا كورين عن قرب يشهدون بباعه الطويل في فنون العلاقات العامة، وكذلك في الشأن الاستخباراتي والأمني الذي جعله يعرف جيداً كيف يخلق من حوله أتباعاً ومريدين، حتى في البلد الذي يعد خصماً تقليدياً لبلده، وتجربته العريضة في دولة جنوب السودان، حيث عمل سفيراً فيها، زادت من خبرته، وقد وجد فيها، كما قال مرة، دولةً تشبه دولته في الظروف التي أحاطت بولادتها، حيث "أبناء جنوب السودان هم أبناء ثقافة ودين معين، محاطون بالأعداء المنتمين لدين وأصول إثنية مختلفة، يسعون إلى تدميرهم، وقد استطاعوا الصمود، كما استطعنا نحن". وزاد بفخر أن عمله هناك أثمر علاقة متطورة مع الدولة الوليدة، إلى درجة أن عشرات من أبنائها رفعوا أعلام إسرائيل إلى جانب أعلام دولتهم في عيد الاستقلال.
هكذا تضع تل أبيب في خاطرها مصر السيسي شأناً أول، وهذا من حقها، لأن مصر دائماً بمثابة المفتاح باتجاه السلم أو الحرب، أو كليهما معاً. ولكن، ليس من حق مصر السيسي أن تتجاهل أن فلسطين كانت شأناً مصرياً، أولاً، حتى في عهد الملوك، وليس من حقها أن تفرّط في هذا الشأن، أو تنال منه.
في هذا السياق، وبحسب الروايات المتواترة، فإن لقاء النائب المصري، توفيق عكاشة، والسفير الإسرائيلي في القاهرة، حاييم كورين، على مائدة عشاء في منزل الأول، غلب عليه الدفء والحميمية، وإنهما تبادلا النكات، كما تحاورا في قضايا مهمة عديدة، تخص علاقات البلدين. وعبر عكاشة عن رغبته بزيارة تل أبيب، ليلتقي بأصدقاء جدد، وطرح فكرة توسط إسرائيل في تقريب وجهات النظر بين إثيوبيا ومصر، خصوصاً في موضوع سد النهضة، ووعد باسم مصر بمنح إسرائيل مليار متر مكعب من مياه النيل، إذا ما نجحت الوساطة.
كورين، ودائماً في الروايات المتواترة نفسها، رد على عكاشة، مبشراً ببدء "حقبة جديدة بعد أن تغير الزمن، وعلى الزعماء تغيير أنفسهم للتأقلم معها، ونحن معاً نستطيع إثبات أننا يمكن أن نكون جيرانا جيدين"، مشيرا إلى السيسي مثالاً، إذ هو "رئيس منفتح يريد الاستقرار لمصر وللمنطقة".
بقي أن نقرّ، هنا، بأننا لا نعرف، فيما إذا كان الوعد الذي أعطاه عكاشة لكورين من قبيل النكتة اللاذعة التي فرضها جو اللقاء الدافئ، أم هو وعد ملزم ومدروس مسبقاً من حكومة مصر. وفي الحالين، لا تستحق واقعة الاستضافة كل هذه الضجة التي أثيرت حولها، لسبب بسيط، هو أن عكاشة لم يكن في وارد اهتمام أحد، قبل أن يصبح فجأة إعلامياً وسياسياً، ومؤسساً لحزب، ونائبا في مجلس الشعب، هكذا ودفعة واحدة، ولأن الرجل، كما تكشف الوقائع، لم يكن ليقوم بهذا الدور الموكول إليه، من دون أن تكون وراءه رؤية مصرية مستجدّة، أو قل كانت مضمرة، في تطوير العلاقة مع إسرائيل، و"تصحيح الخطأ" الذي وقعت فيه حكومة مرسي.
أيضاً، لا تستحق الواقعة كل هذه الضجة، لأن كورين يصول ويجول في أنحاء مصر، منذ وطأت قدماه أرض الكنانة، قبل أكثر من سنتين، من دون رادع أو رقيب، وربما قبل أن يتعرف إلى عكاشة، وقد التقى، قبله وبعده، بمثقفين وإعلاميين مصريين عديدين، وبعض هذه اللقاءات تمت سراً كما قيل، وبعض من التقى بهم رد الجميل فكتب مشيداً بعودة الدفء إلى العلاقة بين القاهرة وتل أبيب، ومندداً بالفلسطينيين الذين كانوا سبب تردي العلاقة في الماضي.
والذين عرفوا كورين عن قرب يشهدون بباعه الطويل في فنون العلاقات العامة، وكذلك في الشأن الاستخباراتي والأمني الذي جعله يعرف جيداً كيف يخلق من حوله أتباعاً ومريدين، حتى في البلد الذي يعد خصماً تقليدياً لبلده، وتجربته العريضة في دولة جنوب السودان، حيث عمل سفيراً فيها، زادت من خبرته، وقد وجد فيها، كما قال مرة، دولةً تشبه دولته في الظروف التي أحاطت بولادتها، حيث "أبناء جنوب السودان هم أبناء ثقافة ودين معين، محاطون بالأعداء المنتمين لدين وأصول إثنية مختلفة، يسعون إلى تدميرهم، وقد استطاعوا الصمود، كما استطعنا نحن". وزاد بفخر أن عمله هناك أثمر علاقة متطورة مع الدولة الوليدة، إلى درجة أن عشرات من أبنائها رفعوا أعلام إسرائيل إلى جانب أعلام دولتهم في عيد الاستقلال.
هكذا تضع تل أبيب في خاطرها مصر السيسي شأناً أول، وهذا من حقها، لأن مصر دائماً بمثابة المفتاح باتجاه السلم أو الحرب، أو كليهما معاً. ولكن، ليس من حق مصر السيسي أن تتجاهل أن فلسطين كانت شأناً مصرياً، أولاً، حتى في عهد الملوك، وليس من حقها أن تفرّط في هذا الشأن، أو تنال منه.