تلاحق المشاكل القانونية الانتخابات البرلمانية المصرية، المقرّر انطلاقها في الأسبوع الثالث من أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، إذ انهالت الدعاوى القضائية على محاكم القضاء الإداري في مختلف المحافظات، تطالب بوقف الانتخابات لأسباب عدّة. وتتنوّع هذه الأسباب بين ما هو شخصي، لعدم قبول أوراق ترشح أشخاص بعينهم، ومنها ما هو عام يهدد بوقف الانتخابات ككل أو تأجيلها، لطعنه بنصوص قانونية، قد ترى المحاكم فيها، وإحالتها إلى المحكمة الدستورية العليا، تمهيداً لإلغائها.
وتأتي أبرز هذه الدعاوى، الدعوى التي أقامها ضابط في الجيش، مطالباً بالسماح له ولزملائه من ضباط الشرطة والجيش وأفرادهما بالتصويت وإلغاء النص التشريعي الموجود في قانون مباشرة الحقوق السياسية الذي يعفي هذه الفئات من التصويت طوال مدة الخدمة، مستنداً في ذلك إلى الدستور الذي ينص على المساواة بين المواطنين.
ويعيد خبراء قانونيون خطورة هذه الدعوى إلى أنّ أي حكم محتمل بإثارة شبهة عدم الدستورية حول هذا النص التشريعي وإحالته إلى المحكمة الدستورية العليا، سيبقي الانتخابات في عداد "وقف التنفيذ". وقد يؤدي إلى تأجيلها إلى موعد غير محدّد، نظراً لأن إلغاء النص سيترتب عليه، تلقائياً، بطلان قاعدة بيانات الناخبين الحالية، وإجراء تعديلات واسعة فيها، بإضافة ضباط وأفراد الجيش والشرطة إلى لائحة مَن بإمكانهم التصويت، ليتساووا في هذا الحق مع غيرهم من المواطنين بالإضافة إلى القضاة والدبلوماسيين.
ويوضح الخبراء أنفسهم أنّه أصبح في حكم المؤكد تعرّض اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات لضربة قضائية جديدة بشأن الكشوف الطبية على المرشحين، بعد تعدد الدعاوى القضائية ضد قرارها بسريان نتائج الكشوف القديمة التي أجراها المرشحون في فبراير/ شباط الماضي (قبل تأجيل العملية الانتخابية)، في حال قرّر المرشحون أنفسهم خوض الانتخابات الجديدة، وذلك نظراً لإمكانية تعرّض المرشحين لأمراض تمنعهم من أداء واجبهم النيابي خلال هذه الفترة، فضلاً عن إمكانية ظهور آثار للمخدرات والكحول في العيّنات المأخوذة منهم بعد نحو 7 أشهر. ويتوقّع الخبراء أنّه في حال أصدرت محكمة القضاء الإداري، اليوم الإثنين، حكماً قضائياً بإلغاء قرار اللجنة العليا، سيترتب على ذلك حتمية مدّ فترة الترشح لأيام إضافية عدة، لتمكين المرشحين من الخضوع للكشوف الطبية الجديدة.
ومن بين الدعاوى التي قد تؤدي إلى مشكلة يتعذّر تداركها إلاّ بتعديل قانوني أيضاً، بحسب مراقبين، الدعوى المقامة ضد التعديلات التي أدخلتها الحكومة على حدود بعض الدوائر في محافظة قنا، بعد صدور قانون تقسيم الدوائر بأيام عدة. وهو ما اعتبرته الدعوى المنظورة بمحكمة القضاء الإداري في القاهرة، التفافاً على القانون وخروجاً عنه. ويرى المراقبون أنفسهم، أنّ هذا الأمر سيهدد بوقف الانتخابات مؤقتاً، إلى حين تعديل الوضع تشريعياً، ليس في محافظة قنا وحدها، بل في محافظات الصعيد المرتبطة بها في انتخابات القوائم المغلقة.
اقرأ أيضاً: نجل السيسي يدير غرفة عمليات الانتخابات البرلمانية
وتزامناً مع هذه التهديدات القضائية، لا تزال دوائر السلطة تتداول أسماء الشخصيات المرشحة لرئاسة مجلس النواب، الذي أصبح واضحاً أنّ فلول "الحزب الوطني" المنحلّ سيسيطرون عليه بنسبة معتبرة، موزعين على قائمة "في حب مصر"، المقرّبة من الجهات الأمنية والسيادية، وحزب المرشح الرئاسي الأسبق، أحمد شفيق، في مواجهة مجموعة رجل الأعمال نجيب ساويرس.
وتكشف مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد"، عن دخول اسمين جديدين في بورصة ترشيحات هذا المنصب الرفيع، بعد رئيس المحكمة الدستورية العليا عدلي منصور، ووزير العدل الحالي أحمد الزند، وهما وزير الشباب والرياضة خالد عبدالعزيز والمحامي بهاء أبو شقة.
وتشير المصادر إلى أنّ عبدالعزيز يتمتّع بثقة الرئيس عبدالفتاح السيسي، باعتباره كان واحداً من عرّابي حملته الانتخابية، كما أنه مسؤول ملف إعداد الكوادر الشابة الذي يعيد استنساخ برنامج شباب المستقبل الذي تبنّاه جمال حسني مبارك في أواخر عهد والده، لإعداد قيادات حزبية جديدة شابة تحسّن صورة النظام.
كما أنّ الدائرة المقرّبة من السيسي تدفع باتجاه تشكيل تيار سياسي يقف خلف السيسي ينبثق من البرلمان المقبل، ليتولى عبدالعزيز رئاسته بمساعدة شخصيات معظمها من الشباب، في مقدمتهم الرئيس السابق لاتحاد طلاب مصر، محمد بدران، الذي يحظى بثقة السيسي أيضاً. وقد أوقفت الأجهزة الأمنية، الشهر الماضي، طباعة صحيفة أسبوعية نشرت مقالاً ينتقد عبدالعزيز.
وتضيف المصادر أنّ عبدالعزيز يتميّز عن منافسيه الأولين، الزند ومنصور، بأنّه أصغر سناً وأكثر قرباً من السيسي، وعمل معه لفترات أطول خلال العام الأول بعد الإطاحة بحكم "الإخوان". وكذلك يتميّز بأنه يصلح لرئاسة التيار السياسي المنشود لدعم السيسي، باعتباره شخصية لا تواجه انطباعات سلبية في الشارع أو وسائل الإعلام، ولا تلاحقه شبهات فساد أو اتهامات سابقة مثل الزند.
أما بهاء أبوشقة، فيبدو أقل الشخصيات الأربع حظاً. ويستند ترشيحه في الدائرة المغلقة، إلى العلاقة الوطيدة بين نجله محمد والرئيس السيسي، إذ يعتبر محمد ووالده مستشاران قانونيان غير رسميين للرئاسة. كما يحظى الرجل السبعيني باحترام في الأحزاب المؤيدة للنظام، بما في ذلك مجموعات رجال الأعمال، بحسب المصادر. وتؤكد المصادر أنّ الأمر الثابت حتى الآن، هو أن رئيس البرلمان سيعيّن للمرة الأولى من الحصة المخصص تعيينها بقرار من رئيس الجمهورية، وذلك لما تعاني منه القوائم التي تخوص الانتخابات من قصور شديد في الشخصيات القانونية والسياسية المحترمة.
اقرأ أيضاً: السيسي يبحث عن رئيس للبرلمان المقبل