تنفذ وزارة الخارجية المصرية، خلال أيام، قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي بإجراء الحركة الدبلوماسية الجديدة، والتي بدأ سريانها من 5 سبتمبر/أيلول الجاري بتقديم السفير عمرو أبوالعطا أوراق اعتماده كمندوب دائم لمصر لدى الأمم المتحدة.
وتتضمن الحركة الجديدة العديد من الانتقالات بين العواصم العالمية الكبرى. غير أن الملحوظ هو مغادرة جميع السفراء الذين تم تعيينهم خلال عهدي المجلس الأعلى للقوات المسلحة والرئيس المعزول محمد مرسي لمناصبهم، وذلك بعدما أشيعت عنهم داخل ديوان وزارة الخارجية وخارجه أنباء عن أنهم ينتمون لجماعة الإخوان المسلمين أو مناصرون للجماعة سياسياً، علماً بأنهم لم يكملوا الفترة الدبلوماسية المعتادة للبقاء في المنصب، وبعضهم كان من المفترض أن يبقى في منصبه لحين تقاعده.
وتقول مصادر دبلوماسية مصرية: إن "هذه الشائعات لم تكن عفوية أو عشوائية، بل كانت مدبرة للضغط على السفراء الذين تم تعيينهم في تلك العواصم بعد ثورة 25 يناير وتقليل فرص احتفاظهم بمناصبهم؛ نظراً لأن معظمهم لا ينتمون للدوائر الدبلوماسية التي حظيت بالتواجد في العواصم الكبرى وبفرص تمثيل أكبر في المحافل الدولية خلال عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، إذ لم يكونوا مقربين من وزير الخارجية الأسبق أحمد أبوالغيط".
وتضيف المصادر نفسها أنه "منذ تولي سفير مصر الأسبق في واشنطن سامح شكري وزارة الخارجية، عادت السيطرة مرة أخرى داخل ديوان الوزارة لصالح المجموعة القديمة التي كانت تتحكم في مقاليد الأمور في عهد مبارك وأبوالغيط، والتي تم إبعادها عن المشهد قليلاً بعد ثورة 25 يناير بإسناد وظائف إدارية غير مهمة لها، كرئاسة ملفات هامشية أو مساعدة الوزير في قطاعات غير بارزة، وذلك لارتباطها بنظام مبارك لفترة طويلة".
وأبرز ضحايا الإطاحة بالسفراء الذين تم تعيينهم بعد الثورة، هما سفير مصر في لندن أشرف الخولي وسفير مصر في باريس محمد مصطفى كامل، واللذان توليا منصبيهما في مايو/أيار 2012، أي قبل انتخاب محمد مرسي رئيساً للجمهورية بنحو شهر، وقد واجها داخل مصر اتهامات بالانتماء للإخوان لمجرد تزامن تعيينهما مع انتخابه.
وتوضح المصادر أن الخولي تم اتهامه أيضاً من قبل قيادات وزارة الخارجية بالتقصير في الترويج والضغط على الحكومة البريطانية لإصدار قرار باعتبار جماعة الإخوان إرهابية، رغم إجرائه العديد من الحوارات الصحافية والتليفزيونية التي يُهاجم فيها نظام الإخوان بعد أحداث 30 يونيو/حزيران.
وكانت صحف بريطانية ودولية استبعدت تجريم بريطانيا لجماعة الإخوان نقلاً عن مصادر حكومية في لندن، بينما عبّرت دوائر رسمية مصرية في وزارة العدل عن غضبها لصدور مثل هذه الإشارات.
ووفقاً لحركة التنقلات الجديدة، سيحل بدلاً من الخولي في لندن سفير مصر الأسبق في فرنسا ناصر أحمد كامل، الذي كان رئيساً للهيئة العامة للاستعلامات التابعة لرئاسة الجمهورية قبل عمله في باريس، ثم اشتهر بتصريحاته المناوئة للثورة عند اندلاعها في وسائل الإعلام الفرنسية، ودفاعه عن نظام مبارك، باعتبار أحداث الثورة دلالة على مناخ الحريات المريح الذي تتمتع به مصر.
وبعد خلع مبارك، لم يُنه المجلس الأعلى للقوات المسلحة خدمة ناصر أحمد كامل وغيره من السفراء المؤيدين لنظام مبارك؛ احتراماً لعرف إنهاء الفترة الدبلوماسية، بغض النظر عن الأحداث السياسية، وهو العرف الذي تم التغاضي عنه في الحركة الجديدة.
واستمر الأخير في عمله محاطاً باعتراضات عديدة من المصريين المقيمين في فرنسا حتى تعيين محمد مصطفى كامل، فعاد إلى ديوان وزارة الخارجية في القاهرة وعين مساعداً للوزير للشؤون العربية.
وسيخلف محمد مصطفى كامل، المتهم بالأخونة حالياً، في باريس السفير إيهاب أحمد بدوي الذي يشغل حالياً منصب المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية منذ تولي المستشار عدلي منصور رئاسة الجمهورية المؤقتة.
وتؤكد المصادر أن تولي بدوي سفارة باريس ينطوي أيضاً على نوع من المحاباة والتغاضي عن الأعراف الدبلوماسية، إذ سبق لبدوي الخدمة في السفارة كمستشار إعلامي، وكانت هذه آخر مهمة له في سفارة بالخارج، مما كان يستوجب أن يعمل في سفارة أخرى أو يعمل في ديوان الوزارة.
وتستمر سيطرة المجموعة التي عملت في باريس نهاية عهد مبارك على المناصب القيادية، بتصعيد السفير علاء زكريا خلفاً لبدوي في منصب المتحدث باسم الرئاسة، إذ سبق له العمل في باريس، وسيتسلم عمله بمجرد نفاذ الحركة الدبلوماسية.