استطاعت دولة قطر تقويض أهداف الحصار المفروض عليها من السعودية والبحرين والإمارات ومصر منذ 5 يونيو/ حزيران 2017، وأثبت قطاعها المصرفي صلابته ومرونته في آن معاً، ما انعكس جلياً في أبعاد مختلفة تثبت المتانة المالية لهذا القطاع المهم.
البداية من مصرف قطر المركزي الذي تفيد أحدث بياناته بأن أصوله الاحتياطية ارتفعت في مارس/ آذار الماضي، إلى 37.8 مليار دولار، صعوداً من 37.57 مليار دولار في فبراير/شباط الذي سبقه.
وتتضمن الأصول الاحتياطية 19.94 مليار دولار موجودات سائلة بالعملة الأجنبية، و12.3 مليار دولار أرصدة لدى البنوك الأجنبية، إضافة إلى احتياطات أخرى على شكل سندات وأذونات وحقوق سحب خاصة لدى صندوق النقد الدولي، فيما بلغت أرصدة الذهب 1.13 مليار دولار.
وبثّ مصرف قطر المركزي الطمأنينة وعزّز الثقة بتأكيد محافظه عبدالله بن سعود آل ثاني، أن الفوائض المالية لدولة قطر، سواء في احتياطي المركزي أو في الصندوق السيادي "تكفي وتزيد للتعايش مع الحصار إلى أجل غير مسمّى"، مشدداً على استقرار وضع السيولة المصرفية بنهاية عام 2017 وتحسّنها عام 2018.
بالانتقال إلى القطاع المصرفي، فوفقاً للبيانات الرسمية الصادرة قبل أيام، زادت أصول البنوك التجارية 3.4% 371.6 مليار دولار في إبريل/ نيسان 2018، مقارنة بالشهر المماثل من عام 2017.
كذلك، زاد إجمالي الودائع 1.6% إلى 218.1 مليار دولار الشهر المنصرم، ارتفاعاً من 214.5 مليار دولار.
وتحسّنت أيضاً أرباح البنوك القطرية. وبحسب الأرقام المتاحة لعام 2017، زادت أرباح 9 مصارف مدرجة في البورصة 6.6% إلى 5.77 مليارات دولار العام السابق، صعوداً من 5.4 مليارات عام 2016.
ومن بين المصارف، مثلاً، حصدت مجموعة "بنك قطر الوطني" أرباحاً فصلية قوية بلغت نسبتها 7%، وبلغت حتى نهاية مارس/ آذار الماضي 900 مليون دولار، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.
والنتائج المالية الإيجابية لبنوك قطر جاءت استكمالا لمسار نمو لم تعكّره إجراءات الحصار الفاشلة. فخلال العام المنصرم بأكمله، ارتفعت، مثلاً، أرباح البنوك المدرجة في البورصة 6.6%، إذ بلغت مكاسب "بنك قطر الوطني" 6.16%، و"بنك الخليج التجاري" 29%، و"البنك التجاري" 21%، و"مصرف قطر الإسلامي" 12%، و"بنك قطر الدولي الإسلامي" 6%.
وليس فشل الحصار على قطر أمرا يؤكده أهل البلاد وحسب، بل إن مؤسسات دولية ذهبت إلى ما يثبت الأمر ذاته. فقد أكدت مؤسسة "كابيتال إيكونوميكس" للأبحاث الاقتصادية، على سبيل المثال، أن القطاع المصرفي تجاوز الآثار السلبية لهذا الحصار.
وفي المعنى ذاته كان تأكيد من صندوق النقد الدولي بأن الأثر الاقتصادي والمالي المباشر على قطر نتيجة للمقاطعة الدبلوماسية آخذ في التلاشي، بسبب إجراءات الدوحة لدعم قطاعات التجارة والنقل والسياسة النقدية.
ولم تحصّن قطر نفسها فقط من الحصار، بل صمدت لدرجة أصبحت معها دول الحصار هي المحاصرة بشكل من الأشكال. فقد أوردت "وول ستريت" من نيويورك أن بنوكاً أجنبية كبرى حاولت الوقوف على الحياد في الأزمة الخليجية، لكنها الآن أصبحت مضطرة إلى نقل أعمالها من دول الحصار إلى قطر، في خطوة تؤكد الثقة المتزايدة في الاقتصاد القطري من قِبل المستثمرين والمؤسسات المالية، وفق معلومات لـ"العربي الجديد".