أكد وزير الاقتصاد والتجارة القطري، الشيخ أحمد بن جاسم آل ثاني، أن دولة قطر حافظت على معدلات نمو متوازنة على الرغم من الحصار، مشيرًا إلى ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي لقطر، خلال عام 2017، إلى نحو 222 مليار دولار، مقارنة بـ 218 مليار دولار في عام 2016، وبنسبة نمو سنوي بلغت 1.6% (بالأسعار الثابتة).
وقال الوزير، في تصريحات لوكالة الأنباء القطرية "قنا" الأربعاء، بمناسبة مرور عام على الحصار الجائر المفروض على قطر: "لقد شهد العالم بأسره قوة وعزم وإرادة دولة قطر وانتصارها في معركة الصمود والعزة التي خاضتها منذ الخامس من يونيو/حزيران 2017 أمام كل محاولات التدخل في شؤونها وانتهاك سيادتها واستقلالها الوطني والاقتصادي".
وحول التحرك السريع والناجع منذ بدء الحصار الجائر، أوضح أحمد بن جاسم، أن مختلف جهات الدولة هبت منذ ساعات الحصار الأولى لتنفيذ خطة استباقية تم وضعها منذ سنوات طويلة تحسبًا لأي أزمات اقتصادية إقليمية أو عالمية، مشيرًا إلى أن من بين أهداف الخطة ضمان استمرار تدفق وتوفير السلع والخدمات والمنتجات الغذائية والتموينية إلى المواطنين والمقيمين من دون انقطاع.
وأضاف: "حرصت وزارة الاقتصاد والتجارة، على تفعيل العمل المؤسسي ووضع آليات التنسيق المشترك مع الجهات المعنية، بهدف توحيد الجهود لتحقيق أهداف الخطة الاستباقية عبر عدة مراحل، كتنويع مصادر واردات المنتجات والسلع الغذائية وتفعيل الشراكات والاتفاقيات الاستراتيجية التي أبرمتها قطر مع مختلف دول العالم، بهدف تلبية متطلبات واحتياجات السوق المحلية منذ اليوم الأول للحصار، وتوفير خدمات الدعم اللوجستي لعمليات توريد المواد الغذائية والسلع ودعم عمليات شحنها وتوزيعها على المنافذ التجارية للدولة، وتشديد الرقابة الميدانية والحملات التفتيشية على الأسواق بهدف حماية حقوق المستهلك ومنع ممارسات الغش والاحتكار، فضلًا عن مراقبة أسعار وجودة السلع المعروضة في الأسواق.
وأشار الوزير القطري إلى تعزيز المخزون الاستراتيجي للدولة من السلع الأساسية والتموينية، عبر إطلاق مبادرات تهدف إلى تعزيز مسيرة دولة قطر نحو تحقيق اكتفائها الذاتي من السلع والمواد الغذائية، وذلك بالشراكة مع القطاع الخاص.
وأكد تفاؤل وثقة مؤسسات التصنيف العالمية بنمو الاقتصاد القطري مقارنة بباقي دول المنطقة، لافتًا إلى أنه من المتوقع أن يحقق الناتج المحلي الإجمالي نموًا بـ2.8 في العام الجاري، وأن يزيد بمتوسط قدره 3% في الفترة المتراوحة بين عامي 2019-2020، وذلك وفقًا لتوقعات البنك الدولي في تقريره حول الآفاق الاقتصادية الذي أصدره في شهر إبريل/نيسان الماضي.
وحول مستويات ثقة مجتمع الأعمال في دولة قطر، أكد وزير الاقتصاد أنها شهدت ارتفاعًا ملحوظًا، إذ أشارت نتائج الربع الثالث من عام 2017، إلى أن نحو 40.7% من المنشآت الاقتصادية في قطر لديها خطط مستقبلية لتوسعة الطاقة الإنتاجية لأعمالها، مضيفًا أن الجهود التي أدتها الدولة لدعم القطاع الخاص انعكست إيجابًا على بيئة الأعمال.
وأشار الوزير القطري في هذا السياق إلى أن عدد الشركات الجديدة التي تم تسجيلها، إثر فرض الحصار الجائر على دولة قطر، شهدت نموًا مهمًا، إذ تم تسجيل أكثر من 22111 شركة جديدة في الفترة المترواحة بين يونيو/حزيران 2017 وإبريل/ نيسان 2018، وشهد العدد الإجمالي للسجلات التجارية نموا بنحو 22% بعد الحصار.
وأشار إلى أن مساهمة قطاع النفط والغاز في إجمالي الناتج المحلي بالأسعار الثابتة بلغت خلال عام 2017 ما يقارب 48%، مضيفًا أن الدولة تعتزم رفع إنتاجها من الغاز الطبيعي المسال بمقدار الثلث ليبلغ 100 مليون طن سنويًا مع حلول عام 2024، لتظل دولة قطر في صدارة الدول المنتجة والمصدرة للغاز الطبيعي المسال إلى العالم.
وتطرق إلى نجاح السياسات الاقتصادية لدولة قطر على المستوى الخارجي، مؤكدًا أن التجارة الخارجية ارتفعت بنسبة 16% مع نهاية عام 2017 لتبلغ قيمتها 103 مليارات دولار، مقارنة مع 89 مليار دولار في عام 2016.
كما شهدت الصادرات، بحسب الوزير، ارتفاعًا بنسبة 18%، مسجلة 67 مليار دولار في عام 2017، مقارنة بـ 57 مليار دولار في عام 2016، علاوة على ذلك حقق الميزان التجاري للدولة فائضًا بنسبة 49.9% في عام 2017، حيث ارتفع من 25.18 مليار دولار في عام 2016، ليصل إلى 37.75 مليار دولار في العام الماضي.
وفي سياق حديثه عن البنية التحتية المتطورة، أشار بن جاسم إلى التقدم الذي تم إحرازه في تنفيذ مشروعات التنمية الاقتصادية الكبرى، على الرغم من التحديات التي فرضتها الأزمة الحالية، لافتًا إلى أن تدشين ميناء حمد البحري ساهم في كسر طوق الإجراءات التعسفية للحصار غير القانوني، من خلال تسيير خطوط نقل بحرية مباشرة مع أهم الموانئ الإقليمية والعالمية في وقت وجيز، مما ساهم في تأمين البضائع والمؤن، وتوفير مستلزمات مشروعات التنمية الحيوية، مبينًا أن هذا الصرح اللوجستي الضخم نجح في الاستحواذ على ما نسبته 27% من حجم التجارة الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط بفضل قدراته الاستيعابية الضخمة التي من شأنها أن تتجاوز 7.5 ملايين حاوية سنويا.
وبشأن جهود دولة قطر في سبيل توفير بيئة تشريعية ملائمة، قال وزير الاقتصاد والتجارة، إن قطاعات الأعمال في قطر تتمتع بحرية كبيرة بفضل الحوافز الاستثمارية التي توفرها الدولة، ما يجعل السوق القطري جاذبًا للاستثمار أكثر من غيره من الأسواق الإقليمية والعالمية، خاصة في ضوء تزايد الإجراءات الحمائية على مستوى التجارة الدولية، وتوجه بعض الدول نحو فرض المزيد من القيود الجمركية.
وأضاف أن دولة قطر تتيح للمستثمرين الأجانب التملك بنسبة 100% في القطاعات والأنشطة الاقتصادية والتجارية كافة، لافتًا إلى موافقة مجلس الوزراء القطري، بتاريخ 24 مايو/ أيار الماضي، على اتخاذ الإجراءات اللازمة لإصدار مشروع قانون تنظيم استثمار رأس المال غير القطري في النشاط الاقتصادي.
وبيّن أن هذا القانون من شأنه أن يعزز دخول المستثمرين الأجانب إلى السوق القطري، علاوة على حماية المستثمرين المحليين والأجانب من مخاطر الاتفاقيات الجانبية والحد من عمليات التستر التجاري.
كما يقدم هذا القانون العديد من الحوافز الاستثمارية التي من بينها: تخصيص أراضٍ للمستثمرين غير القطريين لإقامة مشاريعهم الاستثمارية، وإمكانية إعفائهم من ضريبة الدخل، فضلًا عن الإعفاء من الرسوم الجمركية، وبالإضافة إلى ذلك، فإنه بموجب هذا القانون لا تخضع الاستثمارات الأجنبية لنزع الملكية، علاوة على إتاحة إمكانية نقل ملكية الاستثمار، وحرية القيام بتحويل العائدات الاستثمارية.
ولفت إلى أن الدولة أجرت تعديلات جوهرية على أحكام القانون رقم 34 لسنة 2005 بشأن المناطق الحرة الاستثمارية، ما أزال الحواجز والقيود أمام رؤوس الأموال، وأتاح إدخال التكنولوجيا الحديثة إلى المشاريع الاستثمارية.