وتضمّن مشروع قانون الانتخابات الجديد، تقسيم العراق على دوائر انتخابية صغيرة على مستوى الأقضية (المدن والبلدات)، بعد أن كان التقسيم السابق يعتبر كل محافظة دائرة انتخابية كبيرة، كما اقترح تغيير مفوضية الانتخابات واستبدالها بقضاة وألغى آلية "سانت ليغو" لتقسيم الأصوات التي كانت مفصلة على قياس الأحزاب الكبيرة، واستبدلها بآلية أكثر سهولة هي فوز المرشح الذي يحصل على أعلى الأصوات في الدائرة الانتخابية.
وحول ذلك، قال عضو فريق إعادة كتابة قانون الانتخابات المكلف من قبل رئاسة الجمهورية عبد الرحمن المشهداني، لـ"العربي الجديد"، اليوم الخميس، إنّ "الرئيس العراقي برهم صالح كان متحمساً لطرح مشروع القانون الجديد بشكل سريع"، معتبراً أنّ "أهم عناصر نجاح المشروع هو دمج 3 قوانين في مقترح واحد هي قانون انتخابات مجلس النواب، وقانون انتخابات مجالس المحافظات، وقانون مفوضية الانتخابات".
وأوضح أنّ "المقترح شدد على ضرورة تولي 7 من القضاة إدارة مفوضية الانتخابات بدلاً عن المفوضية الحالية"، مشيراً إلى "إمكانية وجود قاضٍ محلي يشرف على كل دائرة انتخابية ليكون قوة رادعة لمحاولات التزوير".
واعتبر المشهداني أنّ "قانون الانتخابات بالدوائر المتعددة على مستوى القضاء هو الأنسب للوضع العراقي الحالي"، موضحاً أن "هذه الآلية تحل إشكالية ضياع الأصوات التي كانت سائدة في القوانين الانتخابية السابقة".
وأشار إلى أنّ "مقترح قانون الانتخابات الجديد يتيح للناخبين معاقبة المرشح الفائز بعضوية البرلمان بعد 4 سنوات، إذا لم يكن عمله جيداً في خدمة دائرته الانتخابية".
وبشأن إمكانية تمرير القانون في البرلمان، قال المشهداني، إنّ "تحرك رئيس الجمهورية والضغط الشعبي أمران قد يساهمان في تمريره، مع وجود احتمال بتعديل بعض الفقرات".
وتابع: "إذا لم يمرر مشروع القانون بصيغته الحالية فقد يتم اللجوء إلى نظام الانتخابات ذي الجولتين"، موضحاً أن "فحوى نظام الجولتين تعني إجراء جولة انتخابات ثانية بين المرشحين اللذين حصلا على أعلى الأصوات في الدائرة الانتخابية من أجل تحقيق أغلبية مناسبة لأحدهما".
بدوره، قال عضو باللجنة القانونية البرلمانية، فضّل عدم الكشف عن هويته لـ"العربي الجديد"، إنّ "البرلمان سيبدأ أولاً بدراسة مشروع القانون، وقياس مدى ملاءمته للواقع العراقي قبل طرحه للتصويت"، مبيناً أنّ "المشروع سيكون مقبولاً بالتأكيد إذا لامس الواقع العراقي". واستدرك: "لكن بعض الفقرات قد تعدل إذا كانت تسبب مشاكل فنية، أو تحول دون وجود تمثيل حقيقي لكل المكونات".
إلى ذلك، أكّد نائب رئيس اللجنة القانونية البرلمانية محمد الغزي، في تصريح صحافي، أنّ "مجلس الوزراء أجرى تعديلات على مقترح تغيير قانون الانتخابات المرسل من رئاسة الجمهورية"، مبيناً أنّ "رئاسة الجمهورية أعدت مدونة انتخابية متكاملة تضمنت قانون انتخابات البرلمان، وقانون انتخابات مجالس المحافظات، وقانون مفوضية الانتخابات وأرسلتها إلى مجلس الوزراء".
وتابع أنّ "مجلس الوزراء صوّت على نسخة تختلف عن تلك التي أرسلتها رئاسة الجمهورية من خلال حذف بعض الفقرات وإعادة نظام سانت ليغو من جديد إلى الواجهة على الرغم من رفضه من قبل الشارع العراقي"، مؤكداً رفضه "لهذه الصيغة التي تكرس هيمنة الأحزاب من جديد".
مجالس المحافظات
في المقابل، اعتبرت، عضو البرلمان، ليلى الحبوبي، في بيان، أنّ "إعداد قانون لانتخابات مجالس المحافظات وعرضه للتصويت في البرلمان، يتنافيان مع مطالب المتظاهرين الداعية إلى إلغاء هذه المجالس"، مشيرةً إلى أنّ "البرلمان صوّت سابقاً على تجميد عمل مجالس المحافظات تماشياً مع مطالب المحتجين".
وعبّرت عن استغرابها إدراج مشروع تعديل قانون انتخابات مجالس المحافظات في جدول أعمال جلسات البرلمان، بهدف إعادة عمل مجالس المحافظات إلى طبيعتها.
وهو ما أيّده أستاذ القانون الدستوري إياد الركابي الذي قال لـ"العربي الجديد"، إنّ البرلمان في هذه الحالة يناقض نفسه لأنه سبق أن جمد مجالس المحافظات ووعد بالعمل على إلغائها استجابة للاحتجاجات، إلا أنه يستعد في الوقت ذاته لإعداد قانون انتخابات لمجالس المحافظات ما يعني اعترافاً واضحاً بشرعيتها.
وأضاف أنّ "التصويت على قانون جديد للانتخابات سيمثل حجة قوية للمجالس المحلية المجمدة، التي تريد الطعن في قرار تجميدها أمام القضاء".
وتابع: "يضاف إلى ذلك وجود أكثر من مادة دستورية توجب وجود مجلس محلي في كل محافظة، ما يعني أن إلغاءها يتطلب تعديلاً دستورياً".
وفي ما يتعلق بآلية قانون الانتخابات المقترح من قبل رئاسة الجمهورية، أوضح الركابي أنّ "ظاهره الذي أعلن في وسائل الإعلام يشير إلى تحقيق قدر من العدالة النسبية لأنه يقسم البلاد إلى دوائر انتخابية صغيرة، وهو في هذه الحالة يقلل من هيمنة القوائم الانتخابية الكبيرة، ويشجع الترشيح الفردي، مستدركاً: "إلا أن الشيطان يكمن في التفاصيل".
وتابع: "سمعنا عن تعديلات طرأت على القانون في مجلس الوزراء، وستتلوها تعديلات أخرى في البرلمان، وهذه الأمور تعزز الخشية من احتمال العودة إلى القوانين الانتخابية السابقة التي كرست وجود الطبقة السياسية الحالية 14 عاماً في السلطة".