مسيحيو غزة من الحصار إلى التهجير

26 فبراير 2015
يشترك الحصار مع العدوان الصهيوني المتكرر في تهجير الغزيين(أ.ف.ب)
+ الخط -

يعاني مسيحيو غزة مثل جميع سكان القطاع المحاصر، ويتباحثون سبل صناعة المستقبل ذاتها، ويمرون بطريقة التغلب نفسها على الظروف الاقتصادية الصعبة، منذ الحصار الإسرئيلي للقطاع قبل ثماني سنوات.

ويعيش أبناء الطائفة المسيحية في قلب مدينة غزة، ويحظون بمكانة اقتصادية مرموقة، حيث يشتهر الكثيرون منهم بتجارة الذهب وامتلاك محطات الوقود وتجارة العقارات، كما يوجد منهم أطباء ومهندسون وأكاديميون وحرفيون مهرة، ينقسمون بين مسيحيين أصليين من قطاع غزة، ولاجئين هجروا نحوها بعد نكبة 1948، ولهم مؤسساتهم وأنديتهم ومدارسهم التي تخدم أبناء الطائفة المسيحية والمسلمين على حد سواء.

تناقص عدد المسيحيين في القطاع منذ عام 2007 من 3500 مسيحي إلى نحو 1500 مسيحي، وذلك بعد سفر الشباب المسيحي للدراسة خارج غزة وحصوله على فرصة عمل من الصعب أن يحصل عليها في غزة، في ظل الحصار والحروب المتتالية على القطاع، وفي الكثير من الحالات تلحق العائلات المسيحية بأبنائها إلى الخارج، وتستقر في أماكن عملهم للحصول على حياة أفضل، حيث إن الشباب المسيحي في غزة يواجه مشاكل في الزواج نظراً لقلة عدد أبناء الطائفة المسيحية في القطاع.

تقول ميس السلفيتي، وهي فلسطينية مسيحية من غزة لـ "جيل العربي الجديد": "أعرف الكثيرين الذين استقروا في الضفة الغربية، لكن الهجرة إلى دول أخرى صعبة، وتتعامل السفارات الأجنية مع الفلسطينيين من غزة بشكل لا يشي بالترحاب".

وتضيف: "نحن نتواجد في فلسطين منذ قدم التاريخ، ونتعرض لبطش الاحتلال كما يتعرض بقية أهل القطاع، لسنا بجالية أجنبية كما يتخيل البعض". وتؤكد: "لا توجد أية مضايقات نتعرض لها كأقلية مسيحية، وعلاقة الكنيسة بالحكومة في غزة ممتازة، والجميع يعلم كيف فتحت الكنيسة أبوابها في الحرب الأخيرة لإيواء النازحين وتشييع الشهداء".

من جهته، يقول الشاب حنا بربارة: "الطائفية غير موجودة في غزة، ونزعة الهجرة هي نزعة نابعة من الأوضاع السياسية والاقتصادية والتهميش المتعمد لفئة الشباب في المجتمع الفلسطيني بشكل عام، وفي قطاع غزة بشكل خاص". ويتابع: "يؤلمني كشاب في غزة أن يصل بنا الحال للتفكير بالهجرة، ومن تجربتي الشخصية عدت لغزة بعد تسع سنوات في الغربة بقرار شخصي نابع من رغبتي بالمساهمة في خدمة المجتمع، ومن إيمان بأنه لا يزال هناك أمل لنا كشباب في هذه المنطقة رغم الظروف المحيطة". ويؤكد: "هناك الكثير من المعارف يفكرون بالهجرة كخطوة نحو الاستقرار، أيضاً في بعض الأحيان تساورني الشكوك حول صحة قراري بالعودة إلى الوطن".

وتقول سمر السلفيتي، وهي طالبة غزية في اليونان: "منذ أربع سنوات لم أعد لغزة نظراً لإغلاق المعابر، وأفكر بالهجرة كأغلبية شباب غزة، بسبب انعدام فرص العمل في غزة وصعوبة ظروف الحياة".

لا يبدو الصراع الطائفي الذي يحرق المنطقة هو الهاجس الذي يدفع الشبان المسيحيين وغيرهم من شباب القطاع للهجرة، في ظل استمرار القتل والحصار الإسرائيلي، فالظروف الحياتية القاسية في غزة وصعوبة الأوضاع الاقتصادية تدفع الشباب المسيحي للهجرة، والتفكير في خيارات أخرى خارج حدود القطاع المحاصر، والاستقرار في الدول التي يدرسون فيها ونقل عائلاتهم من غزة لتأسيس حياة جديدة هناك، مثل ما يفعل المئات من شباب غزة المسلمين، لكن تناقص أبناء الطائفة المسيحية في غزة يعرض بقية المسيحيين لصعوبات أكثر في الحياة الاجتماعية، كما تفقد غزة التي تلتصق فيها الكنائس بالمساجد وينعكس فيها ظل الصليب على القباب، جزءا مهما من تشكيلتها الديموغرافية.


(فلسطين)

المساهمون