بعد استماعهم إلى محاضرة ألقاها طبيب نفسي في منظمة إنسانية وسط العاصمة العراقية بغداد، اعترف عدد من الحاضرين بأنّهم لم يكونوا يدركون حجم الأذى الذي قد يتسببون فيه لأشخاص مصابين بمرض الإيدز، لكنّ المعلومات التي تلقوها ستمكّنهم ربما من إنقاذ أحدهم. في العراق، يواجه المصاب بالإيدز نظرة سلبية من قبل المجتمع، وهي نظرة تختلف تماماً عن تلك النظرة الحنونة المحبة لمصابين بأمراض أخرى. تلك النظرة جعلت كثيرا من المصابين بالإيدز يتمنون لو أنّهم أصيبوا بمرض أكثر خطورة كالسرطان.
يقول عارف منشد، الذي كان ممن استمعوا إلى محاضرة الطبيب النفسي، إنّ المجتمع سوف يساهم في إنقاذ العديد من المصابين بأمراض خطيرة كالإيدز وغيرها، لو أدرك الجميع أهمية التعامل السليم مع المصاب بهذه الأمراض. عارف الذي يعدّ نفسه من "الطبقة الواعية" كونه يحمل شهادة جامعية في الهندسة، ويتطوع لخدمة المجتمع، وينبذ أعمال العنف، ويسعى مع رفاقه من المنخرطين في صفوف العمل التطوعي، إلى نشر ثقافة احترام الآخر المختلف، تتعدد نشاطاته رفقة زملائه، ومنها "زيارة المصابين بأمراض خطيرة ومساندتهم نفسياً، خصوصاً الأطفال". لكنّه يؤكد لـ"العربي الجديد" أنّه كان "جاهلاً"، إذ إنّ "الإيدز هو المرض الوحيد الذي لم أكن أتفاعل مع المصابين به أو أتقرّب إليهم".
اقــرأ أيضاً
عارف وآخرون، من بينهم زميلته الناشطة في العمل الخيري التطوعي، أفياء رسول، يقرّون بأنّ النظرة السلبية لمريض الإيدز نابعة من كون المسبب الأبرز لهذا المرض هو الجنس والمخدرات والبيئة الحاضنة لهذه الممارسات، التي تعتبر "بيئة منبوذة" بالنسبة للمجتمع. أفياء تقول إنّ المعلومات التي تحصّلوا عليها في المحاضرة التي ألقاها الطبيب النفسي، من بين ما ستركز عليه المجموعة التطوعية التي تعمل معها في الحملات المقبلة، وأنّهم سيشتغلون على محاولة تشكيل وعي لدى المجتمع، للمساهمة في علاج المصابين بهذا المرض والأمراض الأخرى الخطيرة أيضاً.
تتابع لـ"العربي الجديد" أنّ "العامل النفسي له أهمية بالغة، إن لم يكن في شفاء المريض، ففي منعه من الانتحار أو الانعزال عن المجتمع". تشير إلى أنّ "حوادث انتحار عديدة لمصابين بالإيدز كان سببها نبذ المجتمع والأهل لهؤلاء". وتتحدث أفياء عن "خطر أكبر" بحسب تعبيرها، وهو الذي يتعلق بـ"تعاظم تأثير نبذ المجتمع للشخص المصاب بالإيدز، حتى يصبح من المحتمل أن يتحول إلى مجرم خطير يحاول الانتقام من هذا المجتمع". تتابع: "دفعتني المعلومات التي طرحها الطبيب النفسي في محاضرته إلى القراءة حول الأمراض النفسية التي تنتج عن احتقار ونبذ المجتمع لأشخاص معينين لأيّ سبب كان، وليس فقط لإصابتهم بهذا المرض".
لا ينتقل مرض الإيدز من خلال ممارسة الجنس فقط، بل من خلال الدم أيضاً، لذلك يمنع المصاب به من التبرع بالدم، وعليه أن يكون حذراً في التعامل مع الآخرين إذا ما تعرّض لجرح ما؛ ولهذا يتوجب على أصحاب المصالح التي لها مساس بحياة الناس وصحتهم وغذائهم، مثل المطاعم، عدم تشغيل عامل مصاب بهذا المرض، وإجراء فحوص دورية للعاملين في هذه الأماكن. لكن في العراق هناك تخوف كبير من انتشار المرض، إذ تضعف الرقابة الصحية على مثل هذه الأماكن. وبحسب ما يروي وائل مضعن، فإنّ زميلاً له لقي معاملة سيئة من قبل مديره بعد اكتشاف إصابته بالإيدز. يقول وائل لـ"العربي الجديد" إنّ زميله خليل (اسم مستعار) الذي كان يعمل معه في معمل للحلويات ببغداد منذ أكثر من عامين، ساءت صحته كثيراً، وتغيرت حالته النفسية، وكان يعلم بإصابته بالإيدز، لكنّه لم يخبر أحداً. يضيف: "علم مدير عملنا بمرض خليل وتعامل معه بقسوة، وكاد يضربه، لولا تدخّلي أنا وزملائي. مديرنا كان محقاً، فمن الممكن أن ينتقل المرض إلى آخرين من خلال الدم عبر أدوات العمل، في حال تعرّض خليل لجرح ولم يحسن تضميده". يشير إلى أنّ أخبار زميله انقطعت كلياً عنهم ولم يعلم أحد هل عاد إلى أهله في محافظة ذي قار (390 كلم جنوب بغداد) أم إلى مكان آخر، مبيناً أنّ "خليل لم يتزوج، على الرغم من بلوغه سن الخامسة والثلاثين، بسبب الفقر وإعالته أمه وأشقاءه وتغرّبه عنهم لأجل العمل".
ما الذي يشعر به المصاب بالإيدز في العراق؟ "هذا السؤال على الناس تمثّله إذا وضعوا أنفسهم دقيقة مكان المصاب بهذا المرض" بحسب المصاب بالإيدز، عبد الرحيم (اسم مستعار). يقول إنّه منذ أصيب بهذا المرض قبل نحو أكثر من عام، وهو يطلق على نفسه اسم عبد الرحيم؛ "فالخالق أرحم من المخلوق. لقد وسعت رحمة الخالق كلّ شيء، أما المخلوق فلا رحمة في قلبه". يؤكد أنّ عدد أصدقائه المقربين كانوا بالعشرات، لكنّهم تفرقوا ولم يعد أحد يزوره أو يرافقه، وأنّ عائلته أصبحت منبوذة أيضاً من قبل أقاربه وجيرانه بسبب مرضه، متسائلاً "ما ذنب عائلتي. أمي وأبي وإخوتي وأخواتي! لماذا هذا الاحتقار؟". يتابع: "أعترف بأنّ مرضي نتج من جراء علاقة جنسية. فهل أنا أول من يمارس هذا الفعل؟" ويسترسل: "لو أنّ المرض لم ينتقل إليّ ومرت هذه الممارسة الجنسية بسلام لبقيت وأسرتي نحظى بالاحترام والتقدير، حتى إن شاع بين الناس أنّي أمارس هذا الفعل. إنّه أمر غريب".
اقــرأ أيضاً
يبيّن عبد الرحيم أنّه ومصابين غيره بهذا المرض، حين يلتقون في المستشفى تجتمع همومهم، وأنّ "حديثنا المرّ غالباً يتركز حول نظرة الناس إلينا واحتقارهم لنا". يضيف: "الغريب أنّ الناس يحتقرون المصاب بالإيدز أكثر من المجرمين القتلة ومن الموظفين الفاسدين المرتشين، فهؤلاء بالرغم من ضررهم الكبير على المجتمع يحظون بتقدير، ولهم عشائر وفئات تدافع عنهم".
يقول عارف منشد، الذي كان ممن استمعوا إلى محاضرة الطبيب النفسي، إنّ المجتمع سوف يساهم في إنقاذ العديد من المصابين بأمراض خطيرة كالإيدز وغيرها، لو أدرك الجميع أهمية التعامل السليم مع المصاب بهذه الأمراض. عارف الذي يعدّ نفسه من "الطبقة الواعية" كونه يحمل شهادة جامعية في الهندسة، ويتطوع لخدمة المجتمع، وينبذ أعمال العنف، ويسعى مع رفاقه من المنخرطين في صفوف العمل التطوعي، إلى نشر ثقافة احترام الآخر المختلف، تتعدد نشاطاته رفقة زملائه، ومنها "زيارة المصابين بأمراض خطيرة ومساندتهم نفسياً، خصوصاً الأطفال". لكنّه يؤكد لـ"العربي الجديد" أنّه كان "جاهلاً"، إذ إنّ "الإيدز هو المرض الوحيد الذي لم أكن أتفاعل مع المصابين به أو أتقرّب إليهم".
عارف وآخرون، من بينهم زميلته الناشطة في العمل الخيري التطوعي، أفياء رسول، يقرّون بأنّ النظرة السلبية لمريض الإيدز نابعة من كون المسبب الأبرز لهذا المرض هو الجنس والمخدرات والبيئة الحاضنة لهذه الممارسات، التي تعتبر "بيئة منبوذة" بالنسبة للمجتمع. أفياء تقول إنّ المعلومات التي تحصّلوا عليها في المحاضرة التي ألقاها الطبيب النفسي، من بين ما ستركز عليه المجموعة التطوعية التي تعمل معها في الحملات المقبلة، وأنّهم سيشتغلون على محاولة تشكيل وعي لدى المجتمع، للمساهمة في علاج المصابين بهذا المرض والأمراض الأخرى الخطيرة أيضاً.
تتابع لـ"العربي الجديد" أنّ "العامل النفسي له أهمية بالغة، إن لم يكن في شفاء المريض، ففي منعه من الانتحار أو الانعزال عن المجتمع". تشير إلى أنّ "حوادث انتحار عديدة لمصابين بالإيدز كان سببها نبذ المجتمع والأهل لهؤلاء". وتتحدث أفياء عن "خطر أكبر" بحسب تعبيرها، وهو الذي يتعلق بـ"تعاظم تأثير نبذ المجتمع للشخص المصاب بالإيدز، حتى يصبح من المحتمل أن يتحول إلى مجرم خطير يحاول الانتقام من هذا المجتمع". تتابع: "دفعتني المعلومات التي طرحها الطبيب النفسي في محاضرته إلى القراءة حول الأمراض النفسية التي تنتج عن احتقار ونبذ المجتمع لأشخاص معينين لأيّ سبب كان، وليس فقط لإصابتهم بهذا المرض".
لا ينتقل مرض الإيدز من خلال ممارسة الجنس فقط، بل من خلال الدم أيضاً، لذلك يمنع المصاب به من التبرع بالدم، وعليه أن يكون حذراً في التعامل مع الآخرين إذا ما تعرّض لجرح ما؛ ولهذا يتوجب على أصحاب المصالح التي لها مساس بحياة الناس وصحتهم وغذائهم، مثل المطاعم، عدم تشغيل عامل مصاب بهذا المرض، وإجراء فحوص دورية للعاملين في هذه الأماكن. لكن في العراق هناك تخوف كبير من انتشار المرض، إذ تضعف الرقابة الصحية على مثل هذه الأماكن. وبحسب ما يروي وائل مضعن، فإنّ زميلاً له لقي معاملة سيئة من قبل مديره بعد اكتشاف إصابته بالإيدز. يقول وائل لـ"العربي الجديد" إنّ زميله خليل (اسم مستعار) الذي كان يعمل معه في معمل للحلويات ببغداد منذ أكثر من عامين، ساءت صحته كثيراً، وتغيرت حالته النفسية، وكان يعلم بإصابته بالإيدز، لكنّه لم يخبر أحداً. يضيف: "علم مدير عملنا بمرض خليل وتعامل معه بقسوة، وكاد يضربه، لولا تدخّلي أنا وزملائي. مديرنا كان محقاً، فمن الممكن أن ينتقل المرض إلى آخرين من خلال الدم عبر أدوات العمل، في حال تعرّض خليل لجرح ولم يحسن تضميده". يشير إلى أنّ أخبار زميله انقطعت كلياً عنهم ولم يعلم أحد هل عاد إلى أهله في محافظة ذي قار (390 كلم جنوب بغداد) أم إلى مكان آخر، مبيناً أنّ "خليل لم يتزوج، على الرغم من بلوغه سن الخامسة والثلاثين، بسبب الفقر وإعالته أمه وأشقاءه وتغرّبه عنهم لأجل العمل".
ما الذي يشعر به المصاب بالإيدز في العراق؟ "هذا السؤال على الناس تمثّله إذا وضعوا أنفسهم دقيقة مكان المصاب بهذا المرض" بحسب المصاب بالإيدز، عبد الرحيم (اسم مستعار). يقول إنّه منذ أصيب بهذا المرض قبل نحو أكثر من عام، وهو يطلق على نفسه اسم عبد الرحيم؛ "فالخالق أرحم من المخلوق. لقد وسعت رحمة الخالق كلّ شيء، أما المخلوق فلا رحمة في قلبه". يؤكد أنّ عدد أصدقائه المقربين كانوا بالعشرات، لكنّهم تفرقوا ولم يعد أحد يزوره أو يرافقه، وأنّ عائلته أصبحت منبوذة أيضاً من قبل أقاربه وجيرانه بسبب مرضه، متسائلاً "ما ذنب عائلتي. أمي وأبي وإخوتي وأخواتي! لماذا هذا الاحتقار؟". يتابع: "أعترف بأنّ مرضي نتج من جراء علاقة جنسية. فهل أنا أول من يمارس هذا الفعل؟" ويسترسل: "لو أنّ المرض لم ينتقل إليّ ومرت هذه الممارسة الجنسية بسلام لبقيت وأسرتي نحظى بالاحترام والتقدير، حتى إن شاع بين الناس أنّي أمارس هذا الفعل. إنّه أمر غريب".
يبيّن عبد الرحيم أنّه ومصابين غيره بهذا المرض، حين يلتقون في المستشفى تجتمع همومهم، وأنّ "حديثنا المرّ غالباً يتركز حول نظرة الناس إلينا واحتقارهم لنا". يضيف: "الغريب أنّ الناس يحتقرون المصاب بالإيدز أكثر من المجرمين القتلة ومن الموظفين الفاسدين المرتشين، فهؤلاء بالرغم من ضررهم الكبير على المجتمع يحظون بتقدير، ولهم عشائر وفئات تدافع عنهم".