تنتظر أسرة أبو محمد الأدغم من مخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين غربي مدينة غزة موعد المخصصات التي تصرفها وزارة التنمية الاجتماعية في السلطة الفلسطينية للأسر الفقيرة كل ثلاثة أشهر، لتغطية مصاريفها الأساسية.
وعلى الرغم من عدم كفاية المبلغ الذي تحصّله الأسرة، إلا أن العائلة تنتظره على أحر من الجمر، على اعتباره مصدر دخلها الوحيد، وفرصتها اليتيمة لتوفير لقمة العيش.
وتتفاقم أوضاع أسرة الأدغم وإلى جانبها نحو 71 ألف أسرة في قطاع غزة و30 ألف أسرة في الضفة الغربية صنفت بـ "أفقر الفقراء"، تزامناً مع الأنباء التي تتحدث عن تأجيل صرف المخصصات المالية الخاصة بالمستفيدين لأسباب فنية وأخرى سياسية.
ويقول المواطن زهير الأدغم (52 عاماً)، ويعيل أسرة مكونة من 12 فرداً إنه يعتمد على مبلغ وزارة التنمية الاجتماعية لتوفير مستلزمات بيته، ولا يملك أي مصدر دخل آخر، ولا يتمكن من العمل نظراً لمرض الغضروف الذي أصابه في الفقرتين الرابعة والخامسة في عاموده الفقري.
ويوضح الأدغم لـ "العربي الجديد"، والذي بدأ بالحصول على المخصصات المالية قبل نحو خمسة أعوام "أن الدفعة والتي يتم صرفها كل ثلاثة شهور أو أكثر بالكاد تكفي لسد رمق أبنائه وبناته، بيد أنها غالبًا ما تتأخر نتيجة ظروف معينة".
وتوافقه ميرفت قاعود (47 عاماً)، التي تقول إنها تنتظر شيك المخصصات المالية لسداد الديون التي تتراكم على أسرتها في المدة الفاصلة بين الدفعات، مؤكدة أن عائلتها لا تحصل على أي مصدر دخل آخر، خاصة في ظل مرض زوجها، والذي توقف عن العمل منذ سنوات طويلة.
وعن تأثير تأخر صرف الشيكات، تبين قاعود لـ"العربي الجديد"، أنها لن تتمكن من توفير أدنى مقومات الحياة لأسرتها الصغيرة، موضحةً أنها تعتمد على المبلغ المالي المصروف لهم كل عدة أشهر في توفير الطعام، وأنابيب الغاز، ودفع رسوم الكهرباء والماء.
وتقول قاعود إنّ بعض أولادها توقفوا عن التعليم بسبب عدم قدرتها على توفير المتطلبات اليومية، كذلك لا تتمكن من توفير الزي المدرسي لولديها سالم وعاهد، مع حلول العام الدراسي الجديد.
وتبين جارتها أم خالد أبو عبد الله، والتي تعيل أسرة ممتدة تضم 16 فرداً، من بينهم أشخاص متزوجون أن المبلغ المصروف لهم لا يصل إلى البيت، وإنما يذهب مباشرة لسداد الديون التي تراكمت خلال الشهور الفائتة.
وتشير أم خالد لـ"العربي الجديد" إلى أن المخصصات المالية التي يتم صرفها كل ثلاثة شهور تعتبر بمثابة الرمق الوحيد، ونقطة الماء التي تبلل عروقهم، مضيفة: "مع بدء تأخر صرف الشيكات، يتوقف أصحاب المحال التجارية عن رفدنا بالمستلزمات التي تعيننا على حياتنا اليومية، حتى موعد السداد".
وتتشابه أحوالها مع حال جارتها آمنة عروق(67 عاماً)، والتي تعيش وحيدة داخل منزلها إلى الغرب من مخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين، والتي تحصل على شيك "أفقر الفقراء" منذ 30 عاماً، إذ تعتمد عليه بشكل أساسي في توفير متطلباتها، مع انعدام مصادر الدخل الأخرى، عدا بعض السلال الغذائية التي تصل إليها في المناسبات.
وتبين عروق لـ "العربي الجديد" أنها تنتظر صرف المخصصات المالية لسداد الديون المتراكمة على مدار ثلاثة أشهر، على الرغم من أن نسبة صرف الشيك انخفضت إلى النصف خلال السنوات السابقة.
وتوافقها الستينية أم العبد الراس، والتي تعاني من مشاكل صحية متعددة، وهي تشير إلى أنها بدأت بالحصول على المخصصات المالية بعد وفاة زوجها قبل نحو 18 عاماً، مضيفة: "أحصل على كل المستلزمات من المحال التجارية بالدَين، وأقوم بسدادها منذ اللحظة الأولى للحصول على شيك المساعدات المالية".
وتتوارد الأنباء حول أسباب تأجيل صرف المخصصات، إلا أن وكيل الوزارة في رام الله داوود الديك في تصريحات صحافية، أفاد بأن صرف مخصصات المستفيدين سيتم نهاية شهر أغسطس/ آب الجاري، وأن التأجيل خارج عن إرادة الوزارة ويتعلق بالترتيبات والإجراءات الفنية للشركاء المساهمين في الدفعة والتي تتطلب مزيدا من الوقت.
وتثار مخاوف جديدة من وقف دفع المستحقات المالية لأفقر فقراء غزة نتيجة استمرار الانقسام الفلسطيني ونتيجة للتجاذب بين الوزارة في غزة ونظيرتها في الضفة والأخيرة هي المسؤولة عن توزيع هذه المساعدات.