محمد يونس... "مصرفي الفقراء" رئيساً لحكومة انتقالية في بنغلادش

07 اغسطس 2024
محمد يونس في دكا، 23 مايو 2024 (منير الزمان/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **تولي محمد يونس رئاسة الحكومة الانتقالية في بنغلادش**: بعد فرار رئيسة الوزراء الشيخة حسينة، تم تشكيل حكومة انتقالية برئاسة محمد يونس، الحائز على جائزة نوبل للسلام، بهدف تجاوز الأزمة الحالية.

- **مسيرة محمد يونس وإنجازاته**: ولد في شيتاغونغ عام 1940، أسس بنك غرامين في 1983، الذي قدم قروضاً صغيرة للفقراء وساهم في التخفيف من حدة الفقر، وحصل على جائزة نوبل للسلام في 2006.

- **التحديات والانتقادات التي واجهها يونس**: واجه انتقادات واتهامات بمخالفات ضريبية ودعاوى تشهير، وأقاله البنك المركزي في 2011. يواجه تحديات كبيرة في إصلاح الحكومة البنغالية وإعادة الثقة بين الشعب والدولة.

سيرأس محمد يونس، الحائز جائزة نوبل للسلام، حكومة انتقالية في بنغلادش، بعد حل البرلمان وفرار رئيسة الوزراء الشيخة حسينة إلى الخارج. واتخذ قرار تشكيل حكومة انتقالية برئاسة يونس خلال لقاء بين رئيس الجمهورية محمد شهاب الدين وكبار ضباط الجيش وقادة مجموعة "طلبة ضد التمييز"، وهي الحركة التي نظمت التظاهرات في مطلع يوليو/تموز الماضي، بحسب بيان الرئاسة، الذي أشار إلى أن "الرئيس طلب من الشعب مساعدته في تجاوز الأزمة. إن التشكيل السريع لحكومة انتقالية ضروري للتغلب على الأزمة". وكان يونس قد أبدى استعداده لتولي رئاسة حكومة انتقالية، وقال: "لقد ظللت طيلة الوقت بعيداً عن السياسة، لكن اليوم، إذا كان من الضروري العمل في بنغلادش، من أجل بلدي، ومن أجل شجاعة شعبي، فسأفعل".

وكان محمد يونس، الخبير الاقتصادي البالغ من العمر 84 عاماً، والمعروف باسم "مصرفي الفقراء" بسبب إخراجه ملايين الأشخاص من الفقر بفضل مصرفه الرائد للتمويل المتناهي الصغر، على خلاف مع الشيخة حسينة التي اتهمته "بامتصاص دم الفقراء"، وباستخدام القوة وغيرها من الوسائل لاسترداد القروض من النساء الريفيات الفقيرات، وهو ما نفاه يونس.

ومحمد يونس رائد أعمال اجتماعي ومصرفي فاز بجائزة نوبل للسلام عام 2006 لعمله الرائد في مجال التمويل المتناهي الصغر، الذي ساعد في التخفيف من حدة الفقر في بنغلادش، وتم تبنيه لاحقاً على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم، وهو أيضاً من منتقدي الشيخة حسينة، التي فرت إلى الهند. كان يونس في فرنسا، حيث أجرى عملية طبية بسيطة، على أن يعود إلى بنغلادش قريباً لتولي منصب رئيس الحكومة المؤقتة.

تم رفع العديد من القضايا القانونية ضد يونس تشمل دعوى تشهير ومزاعم بمخالفات ضريبية

ولد محمد يونس في العام 1940 في شيتاغونغ، وهي مدينة ساحلية في جنوب شرق بنغلادش، وفقاً لملفه الشخصي على موقع جائزة نوبل. وهو درس في جامعة دكا، قبل حصوله على منحة فولبرايت للالتحاق بجامعة فاندربيلت في ولاية تينيسي في أميركا، حيث حصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد. وفي العام 1972، بعد عام من استقلال بنغلادش عن باكستان، عاد للتدريس في جامعة شيتاغونغ، لكن سرعان ما اجتاحت المجاعة البلاد في العام 1974، ما أدى إلى وفاة نحو 1.5 مليون شخص. وقال يونس، في مؤتمر صحافي بعد حصوله على جائزة نوبل في العام 2006: "لقد وجدت صعوبة في تدريس نظريات الاقتصاد في الفصول الدراسية الجامعية، على خلفية المجاعة الرهيبة في بنغلادش. فجأة، شعرت بفراغ تلك النظريات في مواجهة الجوع والفقر الساحقين". وأضاف: "أردت أن أفعل شيئاً فوراً لمساعدة الناس من حولي، حتى لو كان مجرد إنسان واحد، لقضاء يوم آخر بسهولة أكبر".

قروض صغيرة من محمد يونس للفقراء

وكان محمد يونس قد بدأ، خلال المجاعة، في تقديم قروض صغيرة لأفقر السكان في مجتمعه، قبل أن يؤسس بنك غرامين في العام 1983، والذي سيصبح رائداً عالمياً في التخفيف من حدة الفقر من خلال القروض الصغيرة. ونما البنك بسرعة، حيث تم فتح فروع له في البلد، فيما فتحت بنوك مماثلة له حول العالم. وحصل يونس وبنك غرامين على جائزة نوبل للسلام في العام 2006، بعد إقراض ما مجموعه ستة مليارات دولار للإسكان والطلاب والمشاريع الصغيرة، وسط تركيز على دعم المرأة في بنغلادش. كما أسس مركز يونس، وهو مركز أبحاث مقره دكا يساعد في تطوير أعمال جديدة.

لكن، بحسب شبكة "سي أن أن"، توجّه انتقادات ليونس وبنك غرامين بحجة أن أسعار الفائدة المرتفعة لبعض المقرضين الصغار أفقرتهم، فيما حقق المقرضون أرباحاً كبيرة من القروض الصغيرة. وكانت رئيسة الوزراء السابقة الشيخة حسينة قد اتهمت يونس بـ"امتصاص دم الفقراء". ورفض يونس هذه الادعاءات، قائلاً للشبكة أخيراً إن بنك غرامين لا يهدف إلى كسب المال، ولكن لمساعدة الفقراء وتمكين الشركات الصغيرة. وأشارت وكالة رويترز إلى أن محمد يونس كان قد اقترح، قبل الانتخابات البرلمانية في العام 2007، تشكيل حزب سياسي جديد، وهو ما رفضته حسينة في ذلك الوقت، قائلة إن الوافدين السياسيين الجدد "عناصر خطيرة، وينظر إليهم بريبة". وقد أدى هذا الأمر بيونس إلى التخلي عن الفكرة.

رفع قضايا ضد يونس

في 2011، أقال البنك المركزي، الذي تسيطر عليه حكومة بنغلادش، يونس من منصب العضو المنتدب لبنك غرامين، بحجة أنه تجاوز سن التقاعد. وفي السنوات التالية، تم رفع العديد من القضايا القانونية ضد محمد يونس، تشمل دعوى تشهير، وأخرى تتعلق بسلامة الأغذية، ومزاعم بمخالفات ضريبية، وهو ما وضعه أنصاره في إطار استهداف السلطة له. وفي يناير/كانون الثاني الماضي، حكمت محكمة في بنغلادش على يونس بالسجن ستة أشهر بتهمة انتهاك قانون العمل، ونفى المصرفي مرة أخرى ارتكاب أي مخالفات.

خبراء: يونس يواجه طريقاً طويلاً ومعقداً لإصلاح الحكومة البنغالية

كما وجهت له في يونيو/حزيران الماضي اتهامات بالاختلاس. وأصرت حكومة حسينة على أن إجراءاتها ضد محمد يونس لم تكن ذات دوافع سياسية، لكن المصرفي لم يوافق على ذلك. وقال يونس، لشبكة "سي أن أن"، في فبراير/شباط الماضي، إن مزاعم الفساد ضده لا أساس لها من الصحة، واصفاً إياها بأنها مضايقات، وقال وقتها: "أنا لست في المجال السياسي، ولا يوجد دليل على أنني منخرط في السياسة"، محذراً من أن بنغلادش أصبحت "حضارة مدمرة ذاتياً". وفي مقابلة مع وكالة رويترز في يونيو/ حزيران الماضي، قال يونس إن بنغلادش تحولت إلى دولة "الحزب الواحد". وكان يونس قد قال، في مقابلة مع "سي أن أن" بعد استقالة الشيخة حسينة، إنه يريد أن يرى الجيش يُسلم البلاد إلى حكومة مدنية، وانتقد حسينة قائلاً: "عذبتنا، لقد جعلت هذا البلد غير صالح للعيش للناس".

وقال خبراء للشبكة إن يونس يواجه طريقاً طويلاً ومعقداً لإصلاح الحكومة. وقال الأستاذ في جامعة أوسلو مبشر حسن: "سيكون التحدي الأول الذي يواجهه هو إعادة إرساء القانون والنظام بعد الاحتجاجات الدامية في الأسابيع الماضية، ومعالجة نقص الثقة الموجود في المجتمع" بين الشعب والدولة، وهذا "يشمل انعدام الثقة العامة تجاه الشرطة والقضاء في بنغلادش وغيرها من المؤسسات التي تديرها الدولة". وهناك مهمة ملحة أخرى تتلخص في إجراء انتخابات حرة ونزيهة، بالإضافة إلى معالجة تداعيات سقوط مئات القتلى والجرحى برصاص عناصر الشرطة. وسيكون إصلاح الاقتصاد مهمة رئيسية، فيما يمكن أن تلعب خلفية يونس الاقتصادية دوراً مهماً.

المساهمون