مخاوف الطلب تخفض سعر النفط رغم اتفاق "أوبك"

05 مارس 2020
المشاركون والصحافيون خضعوا لفحص طبي قبل الدخول (الأناضول)
+ الخط -
لم يسعف قرار "أوبك" زيادة خفض الإنتاج، أسعار النفط المتهاوية، فما زادها إلا هبوطاً، اليوم الخميس، وسط مخاوف مرتبطة بتراجع الطلب نتيجة انحسار نمو الاقتصاد العالمي؛ بسبب الركود والتباطؤ من جهة، والتداعيات المباشرة وغير المباشرة لفيروس كورونا عليه من جهة أُخرى.

فقد انخفضت أسعار النفط، اليوم الخميس، في الوقت الذي لم يُظهر فيه وباء فيروس كورونا مؤشراً على التباطؤ، مع ارتفاع حالات الوفاة عالمياً، لكن الخسائر كانت محدودة إذ اتفق منتجون كبار على خفض أكبر للإنتاج لدعم الأسعار.

واتفقت "أوبك"، بعد اجتماع في فيينا، على خفض إنتاج النفط بواقع 1.5 مليون برميل يومياً إضافية في الربع الثاني من 2020، وهو أكبر خفض منذ الأزمة المالية في 2008، لكنها جعلت تحركها مشروطاً بانضمام روسيا ودول أخرى.

لكن محللين ومتعاملين يقولون إنّ أسواق النفط العالمية ستشهد على الأرجح فائضاً في الإمدادات في الربع الثاني.



وبحلول الساعة 16:52 بتوقيت غرينتش، كان خام برنت منخفضاً 0.7% ليصل إلى 50.79 دولاراً، وتراجع الخام الأميركي غرب تكساس الوسيط 0.4% مسجلاً 46.61 دولاراً، وفقاً لبيانات "رويترز".

وأشارت روسيا، حتى الآن، إلى أنّها ستدعم تمديداً لكن ليس خفضاً أكبر للإنتاج، فيما قالت "كابيتال إيكونوميكس"، في مذكرة، إنّ روسيا مترددة حتى الآن في الالتزام بمزيد من التخفيضات.
وأضافت أنّ "من المرجح أن تكون مفاوضات أوبك+ غداً أكثر إثارة للجدل مقارنة مع اجتماع اليوم. مع ذلك فإنّ خطر الوباء تصاعد، في الأسبوع الماضي، وقد يقنع هذا روسيا بالموافقة على التخفيضات الإضافية".

وفيما مضى، كانت روسيا التي تتعاون على صعيد سياسة الإنتاج منذ 2016 في إطار مجموعة غير رسمية تعرف باسم "أوبك+"، تتردد خلال المحادثات لكنها كانت تشارك في اللحظات الأخيرة. ومن المقرر أن تشارك موسكو في اجتماع "أوبك+" الوزاري، غداً الجمعة، في فيينا.

وقال وزير المالية الروسي أنطون سيليانوف، إنّ روسيا مستعدة مالياً للتأقلم مع تراجع في أسعار النفط، وذلك في الوقت الذي تحاول فيه "أوبك" إقناع موسكو بدعم السوق من خلال خفض أكبر للإنتاج في أعقاب تفشي فيروس كورونا. ولم يفصح سيليانوف عن القرار الذي قد تتخذه روسيا حيال تعميق تخفيضات إنتاج النفط.

واتفقت أوبك، اليوم الخميس، على خفض إنتاج النفط 1.5 مليون برميل يومياً إضافية في الربع الثاني من 2020 لدعم الأسعار المتضررة بفعل تفشي فيروس كورونا، لكنها جعلت تحركها مشروطاً بانضمام روسيا ودول أخرى.

وتراجعت توقعات الطلب على النفط بفعل إجراءات عالمية لاحتواء الفيروس، مما دفع منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" للنظر في إجراء أكبر خفض لها منذ الأزمة المالية في 2008. وتقلصت توقعات نمو الطلب في 2020 في ظل تعطيل المصانع والإحجام عن السفر وتباطؤ أنشطة أعمال أخرى.
وتستحث السعودية "أوبك" وحلفاءها، ومن بينهم روسيا، نحو خفض كبير يصل إلى 1.5 مليون برميل يومياً في الربع الثاني من 2020 مع مد تخفيضات حالية تبلغ 2.1 مليون برميل يومياً، ينتهي أجلها هذا الشهر، حتى نهاية 2020.

لكن الرياض، أكبر منتج في "أوبك"، وأعضاء آخرين في المنظمة يجدون صعوبة في إقناع روسيا بدعم الخطوة. ولاتزال موسكو حتى الآن تلمح إلى عزمها دعم تمديد للخفض لكن ليس خفضاً جديداً.



وقالت "أوبك"، في بيان بعد اجتماع وزرائها، إنّ تفشي فيروس كورونا أحدث "وضعاً غير مسبوق" ومخاطر، مضيفة أنّ هناك حاجة لتحرك. وأضافت أنّ الوزراء اتفقوا على خفض إضافي للإمداد قدره 1.5 مليون برميل يومياً، حتى يونيو/ حزيران، من المتوقع أن تساهم الدول من خارج المنظمة بخمسمئة ألف برميل يومياً منها.

وتابعت المنظمة أنّ هذا سيكون بالإضافة إلى تمديد القيود القائمة على الإمدادات لنهاية 2020. وأعلنت أنها ستعقد اجتماعاً وزارياً آخر في التاسع من يونيو/ حزيران.

التصوّر الأسوأ

في وقت سابق، أشارت مصادر من "أوبك" إلى أنّ المحادثات الأولية مع روسيا، هذا الأسبوع في فيينا أكثر صعوبة من ذي قبل.

ولدى سؤاله عما سيحدث إذا رفضت روسيا الانضمام للخفض الجديد غداً، قال مصدر من أوبك "التصور الأسوأ هو (مجرد) التمديد".
وقال وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي إنّ "أوبك" لن تتحمل عبء التخفيضات وحدها، وإنه يتعين على الدول من خارج المنظمة المشاركة. أضاف: "نحن جميعاً معاً في هذا. لذا لن يكون القرار لنا وحدنا".

ومن شأن تراجع أسعار النفط هذا العام بنحو 20% أن يكون من الصعب بالنسبة لدول "أوبك" ضبط موازناتها العامة، بينما تقول موسكو إن ميزانيتها ستكون متوازنة عند أسعار منخفضة تصل إلى أربعين دولاراً للبرميل. وصعدت أسعار خام برنت 0.6% على خلفية أنباء خطة خفض "أوبك"، لكنها تراجعت لاحقاً لما دون 51 دولاراً للبرميل بعد تصريحات سيليانوف.

ويلقي النزول الضوء على الضبابية التي تكتنف التأثير الحقيقي للفيروس على الطلب العالمي على النفط في ظل تواصل انتشاره. وفي حالة الموافقة على الخفض المقترح من "أوبك"، فسيكون هذا أكبر بكثير مما كانت تتوقعه السوق حتى الأسبوع الجاري.



وسيعني قرار "أوبك+" خفض 1.5 مليون برميل يومياً إضافية، أن يصبح إجمالي تخفيضات الإنتاج التي تطبقها المجموعة 3.6 ملايين برميل يومياً، بما يعادل حوالي 3.6% من الإمدادات العالمية.

وكانت آخر مرة خفضت فيها "أوبك" الإمدادات بمثل هذا القدر في 2008 عندما قلصت الإنتاج 4.2 ملايين برميل يومياً في مواجهة تباطؤ الطلب بفعل الأزمة المالية العالمية.

مؤسس "بلاك غولد إنفستورز" غاري روس، قال: "ليس لدى أوبك+ خيار سوى خفض كبير للإنتاج بالنظر إلى فاقد الطلب المرتبط بالفيروس" مضيفاً أنه يتوقع أن روسيا "ستشارك لأنه يصب في مصالحهم الاقتصادية بقوة".

وذكرت وكالة "تاس" للأنباء أن وزير الطاقة في كازاخستان نورلان نوجاييف، قال، اليوم الخميس، إنّ "أوبك ومصدري النفط غير الأعضاء في المنظمة لم يتوصلوا بعد إلى توافق بشأن معايير تمديد لاتفاقهم لإنتاج النفط". وأضاف أنّ "الأطراف تبحث حالياً تمديد الاتفاق القائم إلى الربع الثاني وإنه لم يتضح بعد كيف سيكون رد فعل السوق"، بحسب تقرير "تاس".
بدوره، استبعد "غولدمان ساكس" أن يمنع إعلان "أوبك" الصادر، اليوم الخميس، وجود فائض في سوق النفط العالمية في الربع الثاني. وأضاف أنّ توقعاته للسعر الفوري لخام برنت في إبريل/ نيسان تظل 45 دولاراً للبرميل.

وقال: "في نهاية المطاف فإنّ انتعاش الطلب، وليس تخفيضات الإمدادات، سيكون المحفز الضروري لتحقيق انتعاش مستدام في الأسعار".
المساهمون