محمد بن راشد: 3 محاور تمكّن من هزيمة "داعش"

28 سبتمبر 2014
لا يمكن التغلب على التنظيم بسهولة (وارن ليتل/Getty)
+ الخط -

أكد نائب الرئيس الإماراتي، رئيس الوزراء، حاكم إمارة دبي، محمد بن راشد آل مكتوم أن "تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) منظمة إرهابية بربرية وحشية، لا تُمثل الإسلام، ولا تُمثّل أيضاً الحد الأدنى من الإنسانية الحقيقية، لكن التغلب على هذا التنظيم ليس بالسهولة التي يمكن أن يتوقعها كثيرون".

وأشار مكتوم في مقال نشرته صحيفة "البيان" الإماراتية، اليوم الأحد، إلى أن "البنية العسكرية للتنظيم يمكن هزيمتها خلال الفترة القريبة المقبلة بالإمكانات المتوافرة لدى التحالف الدولي الجديد، والإمارات ستكون جزءاً فاعلاً في هذا التحالف، بالتعاون مع الدول التي يمكنها تحمل مسؤوليات هذا الخطر الجديد. ولكن، ماذا عن البنية الفكرية لهذا التنظيم؟".

وأضاف أنه "لا يُمكن فصل البنية العسكرية عن البنية الفكرية التي قام عليها هذا التنظيم، وأيضاً عن الظروف والبيئة التي تساعده دوماً على الظهور في مناطق مختلفة من العالم".

وأوضح أن "داعش ليس منظمة إرهابية، بل تجسيد لفكرة خبيثة، ولا يمكن هزيمة فكرة خبيثة باستخدام التحالفات العسكرية فقط، لعل هذا الفكر الخبيث وما سينتج عنه، هو أسوأ ما سيواجهه العالم خلال السنوات العشر المقبلة".

ولفت إلى أن "أزمة التنظيم أظهرت مدى الترابط الأمني بين مختلف دول العالم، إذ لا يُمكن لأي سياسي يعيش في أوروبا أو أميركا أو شرق آسيا أو حتى روسيا وأستراليا، أن يتجاهل ما يحدث في منطقة الشرق الأوسط، حتى لو كان بعيداً عن النيران، فستصله حرارتها، لأن الحدود الحقيقية بين دول العالم سقطت، والحواجز أُلغيت، وإلا كيف يمكن أن نفسر قدرة التنظيم الذي لم يتعدّ عمره العشر سنوات، على استقطاب مقاتلين من 80 دولة حول العالم، وحشد أكثر من 30 ألف مقاتل، مستعدين للموت ولارتكاب أبشع أنواع الفظائع والقتل الذي شهدها العالم في العقود الأخيرة؟".

وأكد أن "أكثر ما يقلقني، أن هذا الفكر الخبيث الذي قام عليه تنظيم القاعدة بأدواته البدائية من كهوف أفغانستان، واستطاع أن يزعزع به أمن العالم ويقلق راحته، هو الفكر نفسه الذي يقوم عليه داعش اليوم، ويستند في تنفيذه على أدوات تكنولوجية متقدمة، وموارد مالية ضخمة، ومساحة جغرافية هائلة، تعادل حجم المملكة الأردنية، ما يؤشر أن العالم فشل في مواجهة الفكر الخبيث".

وقال حاكم دبي إنه "بالنسبة لمواجهة هذا الخطر، وبالإضافة للعمل العسكري، والحصار المالي والإعلامي، وقطع الموارد، وإغلاق المنافذ، وضرب مراكزه وقياداته، يُمكن التغلّب على داعش وغيرها من المنظمات الإرهابية عبر مواجهة الفكر الخبيث بفكر مستنير، منفتح، يقبل الآخر ويتعايش معه، فكر مستنير من ديننا الإسلامي الحنيف الصحيح الذي يدعو للسلام، ويحرم الدماء، ويحفظ الأعراض، ويعمر الأرض، ويوجه طاقات الإنسان لعمل الخير ولمساعدة أخيه الإنسان".

وأكد أن "الشباب الانتحاري الساعي إلى الموت بسبب إيمانه بفكرة خبيثة، لن توقفه إلا فكرة أقوى منها ترشده إلى طريق الصواب، وتمنعه من الانتحار، وتقنعه بأن الله خلقنا لعمار الأرض، وليس لدمارها". وأشار إلى أن "السعودية بمفكريها وعلمائها، وما تمثله من مكانة روحية وفكرية لدى المسلمين، هي الأقدر والأجدر والأفضل لقيادة هذا التغيير الفكري".

واعتبر أن "الحكومات القوية المستقرة الجامعة التي تركز على تقديم خدمات حقيقية لشعوبها دون تفرقة، هي أيضاً أحد الحلول المهمة للقضاء على البيئة التي تنشط فيها مثل هذه التنظيمات". ولفت إلى أنه "ليس سراً أن الصعود السريع لداعش، جاء بسبب حكومتين في المنطقة، واحدة تقتل شعبها، وأخرى تفرق بينهم على أساس طائفي، ما مثل البيئة المثالية لصعود مثل هذا التنظيم، واجتذاب آلاف المقاتلين، وتوفير التبرير لقتل المزيد من المدنيين من أبناء الطوائف الأخرى".

وأكد أنه "لا يُمكن للعالم تجاهل الإخفاقات التنموية في العديد من مناطق الشرق الأوسط، وهي مسؤولية عالمية وعربية، ولا بد من مشاريع ومبادرات فعالة لعلاج مثل هذا الخلل".

وأشار إلى أن "التنمية الشاملة، وتحسين التعليم والصحة، وتوفير البنية التحتية، وتطوير الفرص الاقتصادية، هي حلول طويلة الأمد ومضمونة لمثل هذه التحديات"، مشدداً على أن التنمية المستدامة هي أكثر الحلول استدامة لمواجهة الإرهاب.

وقال محمد بن راشد إن "هناك 200 مليون شاب في منطقتنا، إما أن نغرس فيهم الأمل، ونوجه طاقاتهم لتغيير حياتهم وحياة من حولهم للأفضل، أو أن نتركهم للفراغ والبطالة والأفكار الخبيثة والمنظمات الإرهابية"، مشيراً إلى أن "التطور الاقتصادي والتنموي وتوفير فرص العمل ورفع مستوى المعيشة، لا تترك أي مبرر أو معنى لقيام تنظيمات إرهابية قوية، حتى وإن تم تجنيد بعض الشباب هنا وهناك".

وأكد حاكم دبي أنه "ليس متشائماً بل متفائل لأن العالم بدأ يتوحد ويعمل بطريقة متناسقة لمواجهة هذا التحدي، ومتفائل لأن قوة الأمل والرغبة بالاستقرار والازدهار عند الشعوب أكبر بكثير، وأقوى بكثير من هذا الفكر الخبيث، ومتفائل أيضاً لأن العالم مر عليه في تاريخه الحديث والقديم من هو أسوأ من داعش وأخواتها، وانتهى بهم الأمر في صفحات التاريخ السوداء".

المساهمون