محمد الدرة.. القضية التي لم تصل إلى لاهاي

04 أكتوبر 2017
+ الخط -

لاقت صورته تعاطفًا عالميًا. طفلٌ استشهد في حضن والده وهو يطلب النجاة من رصاص الاحتلال، فباتت صورته أبرز الصور التي تعبر عن انتفاضة الأقصى لعام 2000، حتى أن العالم الخارجي التفت للانتفاضة وانتهاكات الاعتداءات الإسرائيلية في فلسطين بعد أن شاهدوا كيف قتل جيش الاحتلال محمد الدرة، لكن تلك الصور لم تسلم من النظام الإسرائيلي وحاربتها على مدار 17 عامًا منذ لحظة استشهاده.

تسوّق دولة الاحتلال للعالم الخارجي أن محمد الدرة قضية غير صحيحة، إلى جانب أنها عرضت بعض الصور التي تقول إن محمد الدرة هو طفل إسرائيلي يرتدي قبعة الكيباه الصهيونية، إلى جانب أن أحد الصحافيين المقربين للاحتلال كتب باسم مستعار أن والد محمد الدرة كاذب، ما دفع محكمة فرنسية للوصول له ومحاكمته على كذبه واعترافه أنه حصل على المعلومة من مصادر غير موثوقة وثبت كذبه أمام المجتمع الأوروبي.

جمال الدرة، والد محمد، البالغ اليوم 52 عامًا، لا يزال منذ 17 عامًا ولغاية اليوم يعاني من إصابته من جيش الاحتلال، والصادم في الأمر أن السلطة الفلسطينية لم تمنحه أي تحويل لإتمام باقي علاجه، وهو يعاني من توقف عمل يده نتيجة مشاكل في الأعصاب والأوتار والعظام داخلها، ولغاية اللحظة فيها بقايا طلقات الرصاص.

تلقى الدرة علاجه في الأردن من ثم إيران، وزار اغلب الدول العربية ليعرفهم بقضية محمد ووحشية الاحتلال الذي لم يرحمهم، لكنه لم يحصل على تأييد كبير في رفع قضية على دولة الاحتلال منذ أن قررها وهو يتعالج في مستشفيات العاصمة الأردنية عمان سوى من محامٍ من الداخل المحتل الذي تكفل برفع قضية على دولة الاحتلال داخل محاكمها، لكن لم يحظَ ملف القضية باهتمام القضاء الإسرائيلي لممارسة الضغط على تجاهل الملف.

مارست الحكومة الإسرائيلية منذ كانت بقيادة إيهود باراك عام 2000 ولغاية اليوم بقيادة بنيامين ناتنياهو تشويه قضية الدرة، وتعرض الدرة لثلاثة تهديدات من الطرف الإسرائيلي مُطالَبًا بأن يتوقف عن ملاحقة إسرائيل قانونيًا، فوق ذلك تعرض منزله للقصف الإسرائيلي خلال العدوان الأول على غزة عامي 2008 – 2009، وتعود الطائرات لتقصفه خلال العدوان الأخير عام 2014 لأنه لم يصمت عن رفع القضية على إسرائيل التي وصلت للمحاكم الفرنسية.

يعيش الدرة وسط أسرته المكونة من 10 أشخاص في مخيم البريج، وأنجب بعد استشهاد محمد بسنتين محمد آخر يحمل اسم أخيه الشهيد، وهو يبلغ 15 عامًا. يقول الدرة في حديثه لـ"جيل": "بداية اعترف الاحتلال بجريمته ضدي أنا ومحمد، ثم بدؤوا بتزييف الحقيقة".

يعتبر الدرة أن قضية ابنه محمد قضية كل فلسطيني؛ فهو يطمح إلى أن يواصل مسيرته لمقاضاة دولة الاحتلال رغم أنه لم يلق دعمًا عربيًا أو فلسطينيًا للمواصلة، ويرى أنه في حال وصول قضية محمد للمحكمة الجنائية في لاهاي ستقوم الكثير من العائلات الفلسطينية التي لقطت كاميرات إعلام المجازر في حقها لمساندته وتقديم شكوى إلى جانب شكوته وتسليط الضوء بشكل أكبر على الجرائم بحق الفلسطينيين.

ويضيف: "صبرا وشاتيلا مجزرة لا يمكن إنكارها، لكن المشكلة بأن من يشهد عليها منهم أعداد كبيرة ماتت، وأنا لا أريد أن أموت قبل أن أشاهد قضيتي وصلت للعالم أجمع. لا أريد ان يستمر التعاطف معي كوالد محمد الدرة، أريد أن تساندني القيادات للوصول إلى لاهاي".

نقل مراسل فرانس 2 شارل أندرلان الجريمة للعالم، لكن الاحتلال شن حملة ضد قناته وحاول التقليل من قيمة نزاهة الصحافي في نقل الحادثة، كوسيلة للتخفيف عن الفضيحة.

لم يكتف الاحتلال بتهديد والد الدرة فقط، بل قبل شهر تلقى الصحافي المصور طلال أبو رحمة الذي التقطت كاميرته قتل الاحتلال لمحمد الدرة تهديدات أيضًا.

على إثر ذلك، حذرت نقابة الصحافيين من التعرض للزميل أبو رحمة، معتبرة أن ما جرى معه يأتي في إطار التهديد المتواصل للصحافيين ومحاولة التضييق عليهم، وطالبت الاتحاد الدولي واتحاد الصحافيين باستنكار تهديدات الاحتلال على اعتبارات تقديم التسهيلات القائمة التي يضمنها الاتحاد الدولي للصحافيين في الولايات المتحدة لضمان حرياتهم.

المساهمون