بعد رحلة لجوء استمرّت قرابة عامَين في الأردن، وصل الشاب السوري محمد الأحمد إلى مدينة إسطنبول التركية. وكان قد قدم للبلاد هرباً من أمن النظام السوري الذي لاحقه في حيّ باب السباع في مدينة حمص، على خلفية نشاطه السلمي ضده.
يتحدّث الأحمد عن معاناته في الأردن، مشيراً إلى أنّه "في بداية لجوئي حاول أصدقائي الأردنيون مساعدتي ووقفوا إلى جانبي. لكنّ طول المدّة وكثرة المعوّقات وعنصريّة بعض الناس وإحساسي كلاجئ، كلها أمور صعّبت عليّ البقاء في الأردن خصوصاً مع حرمان اللاجئ من كل الحقوق، من قبيل العمل وفتح حساب مصرفي". يُذكر أنّ الحكومة الأردنية غالباً ما كانت تتعامل مع اللاجئين بطريقة غضّ النظر، في حال لم تقدّم أيّ شكوى.
في العاصمة عمّان، عمل الأحمد مع قناة "أورينت" السورية وكذلك مع قناة "سورية الشعب" قبل إغلاقها، كمنسّق اتصالات، مستفيداً من خبرته السابقة ودراسته في مجال الاتصالات والحاسوب. لكنّه عند توقّف عمله، انتقل إلى إسطنبول حيث عمل لفترات قصيرة مع "راديو الكل" و"قناة الجسر الفضائية" قبل أن يعود للعمل مع قناة "أورينت".
والأحمد، ابن السادسة والعشرين، كان يظنّ أنّ "اللاجئ السوري في تركيا يعيش في سعادة أكبر من الذي قصد الأردن، إلا أنّني اصطدمت بواقع آخر". في البداية، تعرّض للنصب من قبل سمسار عربي عند وصوله إلى إسطنبول. يُذكر أنّه كان مجبراً على التعامل مع سماسرة لاستخراج إقامة بسبب اختلاف اللغة. ثمّ مع الوقت، بدأت متاعب الحياة وصعابها تتّضح أكثر لا سيّما مع تبدّل بعض القوانين في تركيا.
يروي محمد الكثير عن مشاكل واجهته، من اختلاف الثقافة وصعوبة التأقلم مع البيئة التركية. وعلى الرغم من أنّها بيئة شرقية قريبة من بيئة السوريين، فإنّ اللغة والطباع مختلفة، وثمّة عادات وتقاليد خاصة، وكلّ حيّ يتميّز عن الآخر بحسب طبيعة قاطنيه وعاداتهم.
ويقول الأحمد إنّ "كل دائرة حكومية في تركيا لها قوانينها الخاصة، حتى أنّ كل موظف في الدائرة ذاتها له قوانينه الخاصة، وكل مصرف له قوانينه الخاصة". ويشير إلى أنّ "أكبر المشاكل التي واجهتها هي عندما أردت استئجار منزل، إذ أتى الرفض مباشرة من قبل صاحب العقار بحجّة أنّني سوري الجنسية". يضيف: "أصبحت سوريّتي جريمة أتعامل على أساسها بعنصرية وفوقية من قبل عدد كبير من الناس في تركيا".
ويشير الأحمد إلى أنّ "إسطنبول مدينة جميلة. لكن هنا في تركيا، ثمّة نظرة غير مفهومة يوجّهها الأتراك إلى السوريين، وثمّة شائعات كثيرة تشير إلى أنّ الحكومة التركية تصرف المال على السوريين وتوزّع لهم الذهب. هذه مجرّد شائعات يطلقها معارضون للحكومة وقد تسبّبت في حالة من الاحتقان والحساسية تجاه السوريين، ناهيك عن تصرّفات بعض السوريين التي لا تمتّ إلى السوريين بصلة. وثمّة من يقوم بتعميم ذلك على كل السوريين".