يتوالى رفع لافتات عرض المحلات التجارية للبيع أو الإيجار في منطقة الأسواق في العاصمة اللبنانية بيروت مع ضعف إقبال المستثمرين على المنطقة، التي تحولت قبل اغتيال رئيس الوزراء الأسبق، رفيق الحريري عام 2005، إلى مساحة تجمع المتسوقين بين الأبنية والساحات الأثرية، التي أعادت شركة "سوليدير" الخاصة بناءها بعد الحرب الأهلية (1975-1990)، فسلبتها تاريخها ومنحتها شكلاً جديداً نقل وظيفتها من أسواق شعبية إلى أسواق حديثة الطراز يرتادها الميسورون.
ومع كل حدث أمني يضرب المنطقة، أغلقت محلات تجارية ومطاعم أبوابها، كما عطّلت الاعتصامات المتكررة والطويلة عمل القلة الصامدة من هذه المحلات.
وقد تنوعت الأحداث الأمنية التي ضربت المنطقة من اغتيالات واحتجاجات سلمية وعنيفة، وذلك بسبب قرب منطقة الأسواق من مجلس النواب والسراي الحكومي.
ولم توفر القوى الأمنية والعسكرية المكلفة حماية المنطقة أي إجراء لمنع اقتراب المتظاهرين أو المحتجين من المباني الرسمية وضمان وصول المواطنين، بيسر وسهولة، إلى المحلات والمطاعم.
وتطور هذا الأمر إلى حظر دخول اللبنانيين إلى ساحة النجمة، التي يقع فيها البرلمان خلال فترة الحراك الشعبي العام الماضي. كما تم إلزام الموظفين، الذي يعملون في مكاتب داخل الساعة، على استصدار تصاريح أمنية للولوج إلى مكاتبهم.
وتكبح العوائق الحديدية والأسلاك الشائكة إقبال السياح على المنطقة. وتحولت مطاعم الأمس إلى مساحات خالية يعلو الغبار ما تبقى من أثاثها.
ولم تقتصر موجة الإغلاق على المطاعم الفخمة، فقد أدى ضعف الإقبال إلى إقفال فرع أحد أشهر مطاعم "السناك" الشهيرة في بيروت، والتي تتميز بتقديم أكلات وأطباق رخيصة نسبياً في منطقة الأسواق.
وقال نقيب أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري في لبنان، طوني الرامي، إن الوضع العام في منطقة الأسواق، وفي لبنان عامة، دفع المستثمرين إلى اتخاذ مجموعة من الإجراءات بهدف الحفاظ على أعمالهم.
ومن هذه الإجراءات، وفق الرامي: "إعادة دراسة الهندسة المالية للمؤسسات القائمة، وخفض النفقات، وتقليص الاستثمار في المطاعم الفاخرة لصالح مطاعم الوجبات السريعة و"الكاجوال داينيغ" ذات الكلفة الأقل".
وأفاد الرامي، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن "عشرة من أهم العلامات التجارية في سوق المطاعم لا تزال تعمل في منطقة الأسواق التجارية، ويقصدها اللبنانيون المقيمون والمغتربون"، في ظل تراجع إقبال السياح بشكل كبير.
وفي محاولة لإعادة الحياة إلى هذه المنطقة، عملت شركة "سوليدير" المسؤولة عن إدارة عقارات واسعة في منطقة الأسواق على تشجيع إقامة الأنشطة الاقتصادية كالأسواق الأسبوعية للمنتجات التقليدية، وسمحت بالأكل في الساحات الموجودة ضمن عقاراتها.
كما فتحت المجال أمام مستثمرين محليين لفتح مطاعم تقدم المأكولات التقليدية اللبنانية، وافتتاح فرع لأحد المقاهي العالمية المشهورة، إضافة إلى صالات للسينما ومدينة ملاهي صغيرة للأطفال، وذلك في محاولة لكسر الحاجز النفسي للبنانيين مع هذه المنطقة الفخمة معمارياً.