محاذير إسرائيلية من التصعيد الأميركي الإيراني في العراق

01 يناير 2020
معلق: ترامب غير متحمس لمواجهة إيران بسنة انتخابية(أليكس يونغ/Getty)
+ الخط -
على الرغم من أن إسرائيل الرسمية لم تخف ارتياحها للهجمات الأميركية ضد أهداف لمليشيات من "الحشد الشعبي" في العراق، ولم تتردد في الرهان على أن يمثل هذا التطور نقطة تحوّل تسهم في جعل واشنطن في مواجهة عسكرية مباشرة مع إيران، إلا أن باحثين يقودون مراكز تفكير استراتيجي ومعلقين كباراً في تل أبيب حذروا من مغبة أن يمهد هذا الاحتفاء إلى دفع إسرائيل للتورط في المواجهة بشكل يتناقض مع مصالحها.

فقد سارع رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للاتصال بوزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، في أعقاب الهجمات التي استهدفت مواقع لـ"كتائب حزب الله" العراقية، والتي أسفرت عن مقتل وجرح العشرات، لـ"تهنئته" على هذه الخطوة. 

وأشارت "يديعوت أحرنوت" إلى أن قائد سلاح الجو الإسرائيلي عميرام نوركين، يراهن على أن تؤذن الضربات الأميركية بمرحلة جديدة في المواجهة بين طهران وواشنطن.

وترجح التقديرات الاستخبارية السائدة في تل أبيب ألا يسهم التصعيد الأميركي الإيراني في العراق في تورط إسرائيل في مواجهة مع إيران، إذ نقلت صحيفة "هآرتس" عن مصادر عسكرية إسرائيلية قولها إنه لا يوجد ما يدل على أن الظروف السائدة يمكن أن تقود إلى مواجهة بين تل أبيب وطهران. 

ولفتت "هآرتس" إلى أنه بخلاف الرواية الرسمية لكل من الولايات المتحدة وإسرائيل، فإن المصادر الاستخبارية الإسرائيلية التي تحدثت إليها الصحيفة تجزم بأنه لا يوجد ما يؤكد أن الهجمات الصاروخية التي شنتها "كتائب حزب الله" على القاعدة الأميركية في العراق كانت بتوجيه من مستويات عليا.

إلى جانب ذلك، فإن المصادر أكدت أنه لا علاقة تنظيمية بين "كتائب حزب الله" العراقية و"حزب الله" اللبناني.

من جهته، لفت طال ليفرام، المعلق العسكري لصحيفة "معاريف"، إلى أن إسرائيل كانت معنية برد عسكري كبير على إيران بهدف ردعها عن مواصلة خطها "الهجومي"، الذي وصل إلى ذروته في الهجمات التي شنت على المرافق النفطية السعودية وإسقاط طائرة التجسس الأميركية، مشيراً إلى أن رئيس هيئة أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي أفيف كوخافي حذر أخيرا من أن عدم رد أميركا على الهجمات التي استهدفت السعودية تسبب في مواجهة إسرائيل "مأزقا استراتيجيا". 

وأشار ليفرام إلى أن القيادة العسكرية الإسرائيلية ترى في الهجمات الأميركية "مؤشراً إيجابياً" على تحول في المواجهة ضد طهران. واستدرك قائلاً إن قيادة جيش الاحتلال تعي في المقابل أن مبادرة الولايات المتحدة إلى شن الهجمات الأخيرة في العراق جاءت بسبب المساس بمصالحها بشكل مباشر، مبرزا أن واشنطن لن تقدم على عمل عسكري ضد إيران لتحقيق المصالح الإسرائيلية المتمثلة في منع تمركز طهران عسكريا في العراق وسورية.

من جهته، حذر رئيس "مركز أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي الجنرال عاموس يادلين من "الوهم" الذي يسود الكثير من الدوائر في تل أبيب، والمتمثل في الرهان على أن تتوجه الولايات المتحدة من الآن فصاعداً لاستهداف إيران عسكرياً. 

وفي سلسلة تغريدات نشرها على حسابه على "تويتر"، توقع يادلين، الذي سبق أن قاد شعبة الاستخبارات العسكرية "أمان"، ألا تتردد الولايات المتحدة في الانسحاب من العراق في حال أدركت أن المواجهة ستتوسع، تماما كما فعلت في سورية. 

ونصح يادلين صنّاع القرار في تل أبيب بعدم التورط في الصراع القائم حاليا، وإعادة النظر في الهجمات التي تشنها تل أبيب داخل العراق، بحيث يتم تنفيذها فقط بالتنسيق مع الولايات المتحدة.

من جهته، قال المعلق العسكري لصحيفة "هآرتس" عاموس هارئيل إنه لا يجدر بإسرائيل أن تظهر بمظهر الذي يدفع الولايات المتحدة لتوسيع المواجهة ضد إيران، مشيراً إلى أن القيادات العسكرية والسياسية في تل أبيب حرصت أخيراً على التحذير من إمكانية اندلاع مواجهة في الجبهة الشمالية مع إيران والمليشيات الموالية لها.

وأعاد للأذهان حقيقة أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب لا يبدي حماسا للمواجهات العسكرية، لا سيما في مناطق لا توجد للولايات المتحدة مصالح كبيرة فيها. 

ولفت إلى أن ترامب يخشى التورط في مواجهة غير مضمونة في سنة انتخابية، مشيرا إلى أن الهجمات الأميركية الأخيرة في العراق جاءت لأن إدارة ترامب تعتقد أن الهجوم الذي شنته "كتائب حزب الله" وأسفر عن مقتل مواطن أميركي تجاوز الخطوط الأميركية الحمراء.

وأشار إلى أن قيام متظاهرين بمحاصرة السفارة الأميركية في بغداد أصاب الوتر الحساس لصنّاع القرار في واشنطن، لأنه أعاد للأذهان سيطرة الشباب الإيراني على السفارة الأميركية في طهران عام 1979.

ورأى هارئيل أن أحداث السفارة تدل على أنها جاءت في إطار تحرك إيراني شامل يهدف إلى تحقيق أكثر من هدف، إذ إنه يسهم في صرف الأنظار عن التظاهرات ضد النفوذ الإيراني في العراق، ومن جهة ثانية يمثل فرصة للضغط على واشنطن لإجبارها على وقف العقوبات عليها.