07 أكتوبر 2024
ما كشفته ثورة 25 يناير
تمر اليوم الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير في مصر التي بدأت بدعوة أطلقها شباب الطبقة الوسطى على مواقع التواصل الاجتماعي للتظاهر، إلا أن الاستجابة الكبيرة غير المتوقعة من جموع المصريين أحالتها إلى ثورة شعبية حقيقية، بعد اتساع نطاق الاحتجاجات والمظاهرات، وشمولها الجغرافي، والعُمري، والطبقي، والتي كان اعتصام ميدان التحرير نقطة ارتكازها، وما شابهه من اعتصامات في مختلف ميادين مصر.
اندلعت الثورة على يد مجموعات شبابية تعاني من السيولة الفكرية والتنظيمية، فجاءت خالية من القيادة الشخصية، والتنظيمية، والأيدولوجية، وكان ذلك من نقاط قوتها في لحظة اندلاعها، في مواجهة دولةٍ أمنيةٍ عجزت عن الإمساك بالعقل المدبّر للثورة، إلا أنها انقلبت، بعد ذلك، إلى نقطة الضعف الكبرى في بنيتها ومسيرتها.
كانت ثورة 25 يناير سيئة الحظ بامتياز، فقد جاءت في لحظة بالغة السوء، بلغ فيها التفريغ مداه، والتعقيم أقصاه، حيث تعرّضت التربة المصرية، طوال العقود الماضية، لعملية تجريف بالغة القسوة اقتلعت الأشجار وأبقت الحشائش، فضلاً عن حدوث تصحير وتجفيف سياسي ممنهج، أحدث حالة من الفراغ المدوّي على المسرح السياسي، لم نكتشف حقيقته سوى بعد الثورة.
فبعد أن أنجز الشباب إنجازهم الكبير ألقوا به في قارعة الطريق، بسبب تشرذمهم وتنازعهم، وبسبب طفولتهم السياسية، وسذاجتهم الثورية، واعتقاد من اعتقد أن الثورة هي "الاحتجاج الدائم"، فكانت المُحصّلة تركهم إنجازهم "غنيمة باردة"، تتنازعها القوى والوجوه القديمة البالية التي تعاني من الإفلاس الفكري والسياسي والأخلاقي، والتي كانت طوال عهد حسني مبارك جزءاً من المشكلة، ولم تكن يوماً جزءاً من الحل.
كان الاستقطاب الإسلامي – العلماني أول مسمار في نعش ثورة يناير، وهو في حقيقته صراع مُختَلَق وتناقض مُصطَنَع بين فريقيْن "سلطوييْن" لا يؤمنان بالديمقراطية، من الوجوه القديمة البالية التي احترفت الشقاق، ولم تعرف الوفاق. ظنَّ الأول أن ثورة يناير قامت من أجل إعادة اكتشاف الهوية الحضارية لمصر، والثاني ظنّ أنها فرصة لسلخ المجتمع المصري عن هويته، ودخلت الثورة في جدلية عقيمة كان محورها: الانتخابات أولاً أم الدستور؟ في حين أن الانقسام الأساسي كان اجتماعياً وطبقياً بالدرجة الأولى، وأن التناقض الرئيسي كان بين الثورة وخصومها، من شبكات المصالح المكوّنة من المنتفعين من منظومة الفساد والاستبداد القديمة التي تحتكر السلطة والثروة، وتريد الاحتفاظ بمكاسبها الاجتماعية التي تحظى بها، من دون أي مسوّغ منطقي.
وهكذا تاهت الثورة بين "الفراغ القيادي" والاستقطاب الإسلامي – العلماني. وكانت النتيجة أن وقعت الثورة في براثن تلك الثنائية الصراعية المنكودة، التي رسف فيها المجال السياسي المصري أكثر من 60 عاماً، منذ قرار حلّ الأحزاب السياسية في يناير 1953، وهي (دولة يوليو 1952- جماعة الإخوان المسلمين)، والتي ما زالت فصولها تتوالى حتى اللحظة.
وكانت المحصّلة أن الثورة ظلت في الشارع، ولم تنجح في الوصول إلى مؤسسات الدولة المتهالكة، كما أن التعامل الخاطئ الذي انتهجته جماعة الإخوان المسلمين في عهد الرئيس المعزول، محمد مرسي، زاد الأمر سوءاً، حيث حاولت الجماعة "تطويع" مؤسسات الدولة والسيطرة عليها من أعلى، أو إعادة طلاء البنية الفاسدة القديمة من دون إعادة هيكلتها، مما منح الفرصة لتلك المؤسسات من أجل إعادة الاصطفاف والتكتّل ثمّ الانقضاض عليها لاحقاً.
كتب نجيب محفوظ، في رائعته "حديث الصباح والمساء"، أن "أصحاب المصالح لا يحبّون الثورات"، فالثورة من شأنها إحداث تغيير جذري في البنى السياسية، والاجتماعية للمجتمع، مما يعني إطاحة متصدري المشهد القديم من أصحاب المصالح، وإفقادهم نفوذهم، ومواقعهم، والإضرار بمصالحهم. ومن الطبيعي أن تتحالف تلك القوى القديمة من أجل مقاومة التغيير الجديد.
وقد مثّلت ثورة 25 يناير مصدر تهديد كبير لأصحاب المصالح من متصدّري المشهد القديم، ولا يقتصر هذا فقط على مؤسسات الدولة، أو ما تعرف بـ "الدولة العميقة"، وإنما يمتد أيضاً إلى كل النُخَب القديمة المتهالكة، من أحزاب سياسية ورقية إلى "محتكري" المعارضة ومدعي النضال، إلى أصحاب "الدكاكين" الحقوقية، إلى شخصيات دينية ودعوية احتكرت الدعوة والتحدّث باسم الدين. تحالف كل هؤلاء من أجل تبريد الثورة وحصارها، ثمّ إجهاضها لاحقاً.
لكن عقارب الساعة لا تعود إلى الوراء، فعلى الرغم من الانتكاسة الكبيرة التي تعرّضت لها ثورة يناير، إلا أن آثارها الكاشفة باتت واضحة للغاية، ولا يمكن إغفالها، فقد كانت ثورة 25 يناير لحظة كاشفة، أظهرت مدى اتساع الفجوة بين التكوينات التنظيمية والأنساق الفكرية القديمة وبين متطلبات لحظة التغيير الجديدة. وكشفت عن مدى الجمود والتيبّس والعجز الذي أصاب الهياكل القديمة، وحال بينها وبين استيعاب الحركة الاجتماعية الجديدة، فضلاً عن قدرتها على تمثيلها، وهو ما يستلزم ظهور كياناتٍ جديدة وتكوينات بديلة، تكون قادرةً على تمثيل الحركة الجديدة والتعبير عنها.
كشفت الثورة عن مدى الانهيار السياسي والاجتماعي، الذي أصاب مصر طوال العقود الماضية، وعن زيف مناضلين "ورقيين" كثيرين، من تجّار الشعارات ممن كانوا يعارضون نظام مبارك نهاراً، ويبيتون في كنفه ليلاً، كشفت الثورة حقيقتهم، وأسقطتهم وأظهرت أنهم مجرّد أصحاب مصالح، وليسوا أصحاب مبادئ. كما كشفت الثورة عن حجم التشوهات النفسية والأخلاقية التي أصابت المجتمع، وأظهرت مدى الانقسامات الأفقية، والرأسية التي ضربته، بعدما تمكّنت "القوارض" الاجتماعية من جسده، وفقاً لتعبير مالك بن نبي، وحوّلته إلى "جزر منعزلة"، والتي تنوّعت بين الانقسام السياسي، إلى الطائفي، إلى الانقسام الطبقي، إلى المهني، إلى الجهوي.
يُخبرنا تاريخ الثورات الكبرى أنها لا تسير في خطوط مستقيمة، وإنما في خطوط متعرّجة، وأن مسارها مزيج من الانتصارات والانكسارات، ومن موجات المدّ والجزر، وأن آثارها وثمارها قد تستغرق عقوداً قبل نضوجها، ولا يمكن تقييمها بعد بضع سنوات.
يقع بعضهم في خطأ كبير، عندما يتوّقف به الزمن عند لحظة تاريخية، مثل لحظة 25 يناير/كانون الثاني 2011، معتقداً إمكانية استنساخ اللحظة بحذافيرها، أو عندما يعتقد أن ثورة يناير ماتت وانتهت، وأكبر دليل على هذا حالة الاستنفار الأمني والإعلامي، كلّما حلّت ذكرى الثورة، على الرغم من الانتكاسة الكبرى التي مُنيت بها الثورة. ويمكننا هنا تشبيه حالة ثورة يناير بحالة ملك الدانمرك في رائعة شكسبير "هاملت"، فلا يزال شبح الثورة المغدورة يخيّم على مصر، ويحلّق في سمائها، وفي وسع الجميع أن يسمع صوته، من دون أن يرى له أثراً.
وعلى الرغم من كل محاولات التشويه وحملات"الشيطنة"، ستظلّ ثورة 25 يناير 2011 أفضل وأنبل ثورة شعبية في تاريخ مصر الحديث، فهي لم تقم فقط ضد نظام سلطوي، جثم على مصر أكثر من ثلاثين عاماً، وإنما ضد نظام استقرّت بنيته السياسية والثقافية، منذ 23 يوليو/تموز 1952، فمنذ ذلك التاريخ كان النظام السياسي متماثلاً في جوهره، على الرغم من اختلاف مظهره.
ستظلّ 25 يناير 2011 لحظة تاريخية مضيئة في ذاكرة الحركة الوطنية، أثبتت أن مصر لم تزل حيّة، على الرغم من كل ما حدث من تفريغ، وتعقيم، وتجريف، إلا أنها لم تجد من يحمل رايتها ويدافع عنها، حتى وقعت في أيدي تلك الوجوه القديمة البالية، فتذاكى من تذاكى، وتغابى من تغابى، وتاجر بها من تاجر، وطعنها من طعنها، إلا أنها لم تمت، وستؤتي أُكُلها... ولو بعد حين.
اندلعت الثورة على يد مجموعات شبابية تعاني من السيولة الفكرية والتنظيمية، فجاءت خالية من القيادة الشخصية، والتنظيمية، والأيدولوجية، وكان ذلك من نقاط قوتها في لحظة اندلاعها، في مواجهة دولةٍ أمنيةٍ عجزت عن الإمساك بالعقل المدبّر للثورة، إلا أنها انقلبت، بعد ذلك، إلى نقطة الضعف الكبرى في بنيتها ومسيرتها.
كانت ثورة 25 يناير سيئة الحظ بامتياز، فقد جاءت في لحظة بالغة السوء، بلغ فيها التفريغ مداه، والتعقيم أقصاه، حيث تعرّضت التربة المصرية، طوال العقود الماضية، لعملية تجريف بالغة القسوة اقتلعت الأشجار وأبقت الحشائش، فضلاً عن حدوث تصحير وتجفيف سياسي ممنهج، أحدث حالة من الفراغ المدوّي على المسرح السياسي، لم نكتشف حقيقته سوى بعد الثورة.
فبعد أن أنجز الشباب إنجازهم الكبير ألقوا به في قارعة الطريق، بسبب تشرذمهم وتنازعهم، وبسبب طفولتهم السياسية، وسذاجتهم الثورية، واعتقاد من اعتقد أن الثورة هي "الاحتجاج الدائم"، فكانت المُحصّلة تركهم إنجازهم "غنيمة باردة"، تتنازعها القوى والوجوه القديمة البالية التي تعاني من الإفلاس الفكري والسياسي والأخلاقي، والتي كانت طوال عهد حسني مبارك جزءاً من المشكلة، ولم تكن يوماً جزءاً من الحل.
كان الاستقطاب الإسلامي – العلماني أول مسمار في نعش ثورة يناير، وهو في حقيقته صراع مُختَلَق وتناقض مُصطَنَع بين فريقيْن "سلطوييْن" لا يؤمنان بالديمقراطية، من الوجوه القديمة البالية التي احترفت الشقاق، ولم تعرف الوفاق. ظنَّ الأول أن ثورة يناير قامت من أجل إعادة اكتشاف الهوية الحضارية لمصر، والثاني ظنّ أنها فرصة لسلخ المجتمع المصري عن هويته، ودخلت الثورة في جدلية عقيمة كان محورها: الانتخابات أولاً أم الدستور؟ في حين أن الانقسام الأساسي كان اجتماعياً وطبقياً بالدرجة الأولى، وأن التناقض الرئيسي كان بين الثورة وخصومها، من شبكات المصالح المكوّنة من المنتفعين من منظومة الفساد والاستبداد القديمة التي تحتكر السلطة والثروة، وتريد الاحتفاظ بمكاسبها الاجتماعية التي تحظى بها، من دون أي مسوّغ منطقي.
وهكذا تاهت الثورة بين "الفراغ القيادي" والاستقطاب الإسلامي – العلماني. وكانت النتيجة أن وقعت الثورة في براثن تلك الثنائية الصراعية المنكودة، التي رسف فيها المجال السياسي المصري أكثر من 60 عاماً، منذ قرار حلّ الأحزاب السياسية في يناير 1953، وهي (دولة يوليو 1952- جماعة الإخوان المسلمين)، والتي ما زالت فصولها تتوالى حتى اللحظة.
وكانت المحصّلة أن الثورة ظلت في الشارع، ولم تنجح في الوصول إلى مؤسسات الدولة المتهالكة، كما أن التعامل الخاطئ الذي انتهجته جماعة الإخوان المسلمين في عهد الرئيس المعزول، محمد مرسي، زاد الأمر سوءاً، حيث حاولت الجماعة "تطويع" مؤسسات الدولة والسيطرة عليها من أعلى، أو إعادة طلاء البنية الفاسدة القديمة من دون إعادة هيكلتها، مما منح الفرصة لتلك المؤسسات من أجل إعادة الاصطفاف والتكتّل ثمّ الانقضاض عليها لاحقاً.
كتب نجيب محفوظ، في رائعته "حديث الصباح والمساء"، أن "أصحاب المصالح لا يحبّون الثورات"، فالثورة من شأنها إحداث تغيير جذري في البنى السياسية، والاجتماعية للمجتمع، مما يعني إطاحة متصدري المشهد القديم من أصحاب المصالح، وإفقادهم نفوذهم، ومواقعهم، والإضرار بمصالحهم. ومن الطبيعي أن تتحالف تلك القوى القديمة من أجل مقاومة التغيير الجديد.
وقد مثّلت ثورة 25 يناير مصدر تهديد كبير لأصحاب المصالح من متصدّري المشهد القديم، ولا يقتصر هذا فقط على مؤسسات الدولة، أو ما تعرف بـ "الدولة العميقة"، وإنما يمتد أيضاً إلى كل النُخَب القديمة المتهالكة، من أحزاب سياسية ورقية إلى "محتكري" المعارضة ومدعي النضال، إلى أصحاب "الدكاكين" الحقوقية، إلى شخصيات دينية ودعوية احتكرت الدعوة والتحدّث باسم الدين. تحالف كل هؤلاء من أجل تبريد الثورة وحصارها، ثمّ إجهاضها لاحقاً.
لكن عقارب الساعة لا تعود إلى الوراء، فعلى الرغم من الانتكاسة الكبيرة التي تعرّضت لها ثورة يناير، إلا أن آثارها الكاشفة باتت واضحة للغاية، ولا يمكن إغفالها، فقد كانت ثورة 25 يناير لحظة كاشفة، أظهرت مدى اتساع الفجوة بين التكوينات التنظيمية والأنساق الفكرية القديمة وبين متطلبات لحظة التغيير الجديدة. وكشفت عن مدى الجمود والتيبّس والعجز الذي أصاب الهياكل القديمة، وحال بينها وبين استيعاب الحركة الاجتماعية الجديدة، فضلاً عن قدرتها على تمثيلها، وهو ما يستلزم ظهور كياناتٍ جديدة وتكوينات بديلة، تكون قادرةً على تمثيل الحركة الجديدة والتعبير عنها.
كشفت الثورة عن مدى الانهيار السياسي والاجتماعي، الذي أصاب مصر طوال العقود الماضية، وعن زيف مناضلين "ورقيين" كثيرين، من تجّار الشعارات ممن كانوا يعارضون نظام مبارك نهاراً، ويبيتون في كنفه ليلاً، كشفت الثورة حقيقتهم، وأسقطتهم وأظهرت أنهم مجرّد أصحاب مصالح، وليسوا أصحاب مبادئ. كما كشفت الثورة عن حجم التشوهات النفسية والأخلاقية التي أصابت المجتمع، وأظهرت مدى الانقسامات الأفقية، والرأسية التي ضربته، بعدما تمكّنت "القوارض" الاجتماعية من جسده، وفقاً لتعبير مالك بن نبي، وحوّلته إلى "جزر منعزلة"، والتي تنوّعت بين الانقسام السياسي، إلى الطائفي، إلى الانقسام الطبقي، إلى المهني، إلى الجهوي.
يُخبرنا تاريخ الثورات الكبرى أنها لا تسير في خطوط مستقيمة، وإنما في خطوط متعرّجة، وأن مسارها مزيج من الانتصارات والانكسارات، ومن موجات المدّ والجزر، وأن آثارها وثمارها قد تستغرق عقوداً قبل نضوجها، ولا يمكن تقييمها بعد بضع سنوات.
يقع بعضهم في خطأ كبير، عندما يتوّقف به الزمن عند لحظة تاريخية، مثل لحظة 25 يناير/كانون الثاني 2011، معتقداً إمكانية استنساخ اللحظة بحذافيرها، أو عندما يعتقد أن ثورة يناير ماتت وانتهت، وأكبر دليل على هذا حالة الاستنفار الأمني والإعلامي، كلّما حلّت ذكرى الثورة، على الرغم من الانتكاسة الكبرى التي مُنيت بها الثورة. ويمكننا هنا تشبيه حالة ثورة يناير بحالة ملك الدانمرك في رائعة شكسبير "هاملت"، فلا يزال شبح الثورة المغدورة يخيّم على مصر، ويحلّق في سمائها، وفي وسع الجميع أن يسمع صوته، من دون أن يرى له أثراً.
وعلى الرغم من كل محاولات التشويه وحملات"الشيطنة"، ستظلّ ثورة 25 يناير 2011 أفضل وأنبل ثورة شعبية في تاريخ مصر الحديث، فهي لم تقم فقط ضد نظام سلطوي، جثم على مصر أكثر من ثلاثين عاماً، وإنما ضد نظام استقرّت بنيته السياسية والثقافية، منذ 23 يوليو/تموز 1952، فمنذ ذلك التاريخ كان النظام السياسي متماثلاً في جوهره، على الرغم من اختلاف مظهره.
ستظلّ 25 يناير 2011 لحظة تاريخية مضيئة في ذاكرة الحركة الوطنية، أثبتت أن مصر لم تزل حيّة، على الرغم من كل ما حدث من تفريغ، وتعقيم، وتجريف، إلا أنها لم تجد من يحمل رايتها ويدافع عنها، حتى وقعت في أيدي تلك الوجوه القديمة البالية، فتذاكى من تذاكى، وتغابى من تغابى، وتاجر بها من تاجر، وطعنها من طعنها، إلا أنها لم تمت، وستؤتي أُكُلها... ولو بعد حين.