أعلن أول أمس في مراكش عن ولادة "مؤسسة فريد بلكاهية"، أحد أقطاب الفن التشكيلي في المغرب الذي غادرنا خلال أيلول/ سبتمبر الماضي. وستعمل هذه المؤسسة، بحسب بيان لها، على استمرار الإشعاع الفني للراحل عبر الاهتمام بتراثه الفني، وتقديم منح للطلبة والباحثين الراغبين في إنجاز دراسات وأبحاث عنه.
كما ستخصص المؤسسة جائزة للفنانين الشباب الذين يولون الأهمية في أعمالهم للصناعات التقليدية، فبلكاهية كان أحد المنشغلين بالتراث الفني المغربي، ومنحازاً بشكل لافت لما يبدعه الحرفيون والصنّاع التقليديون في المدن العتيقة في بلاده. ويحسب له أنه أدخل الصناعات التقليدية إلى "مدرسة الفنون الجميلة" حين كان مديراً لها مطلع الستينيات، بعد خروج المستعمر الفرنسي الذي أبعد كل ما يدلّ على الهوية المغربية في الدروس الأكاديمية الفنية.
وخلال اللقاء المخصص للإعلان عن ولادة المؤسسة، صرّحت زوجة بلكاهية، الكاتبة رجاء بنشمسي، المشرفة على المشروع، أن الأمر يتعلق بحلم ظلّت تحمله منذ 15 سنة، لكن الفنان الراحل لم يكن يجرؤ على إنجازه.
وقد تعاقب على كلمات الإشادة، أثناء لقاء مراكش، كل من المؤرخ المغربي حميد تريكي، وجان أوبير مارتين، المدير السابق لمركز "جورج بومبيدو"، وألكسندر كازيروني، أحد المتخصصين في الفن العربي المعاصر. وقد أجمعوا كلهم على أن بلكاهية كان علامة فريدة في تاريخ الفن التشكيلي في أفريقيا والعالم العربي. وتتجلى فرادته في تلك القدرة على الجمع بين الثقافة الأكاديمية الحديثة في أدق تفاصيلها، والثقافة الشعبية الأصيلة بكل امتداداتها التاريخية والجغرافية في مغرب زاخر بتراث فني متنوّع وعريق.
وسيتم الافتتاح الرسمي لـ"مؤسسة بلكاهية" يوم 13 تشرين الثاني/ نوفمبر القادم، بحضور ممثلي متحف "محمد السادس للفن المعاصر والحديث"، و"مطافي الدوحة" (متاحف قطر)، و"تيت موديرن غاليري" في لندن، و"معهد العالم العربي" في باريس، إضافة إلى عدد من الشخصيات الفنية والثقافية.
تخليد فريد بلكاهية بهذه المبادرة فكرةٌ محمودة بلا شك، لكن هل سيكتب لنشاطات المؤسسة الاستمرار وهل ستحظى بالدعم والمتابعة، أم أنها ستكون فكرة كبيرة وحالمة لكن بمردود ضعيف، على غرار "مؤسسة محمد عابد الجابري" و"مؤسسة محمد شكري" اللتين يبقى إشعاعهما أقل بكثير من مقام الرجلين؟