ليبيا: ماذا وراء جلسة مجلس النواب "الطارئة"؟

13 سبتمبر 2018
يشعر البرلمان الليبي ورئيسه بالتهميش (Getty)
+ الخط -

بعد غياب لأسابيع عن المشهد، لا سيما بعد أحداث طرابلس التي عاشت حرباً، دعا مجلس النواب الليبي، الذي يتخذ من مدينة طبرق شرق البلاد مقراً له، وبشكل مفاجئ، أعضاءه، أمس الأربعاء، إلى عقد جلسة وصفها بـ"الطارئة" اليوم لمناقشة مستجدات الأوضاع في البلاد، وخصوصاً تلك المتعلقة بتطورات العاصمة.

وبحسب المتحدث الرسمي باسم المجلس، عبد الله بليحق، فإن النواب قرروا قبل قليل تفويض رئاسة المجلس "تشكيل لجنة لمتابعة أحداث طرابلس"، مشيراً الى أن اللجنة أنيطت بها مهمة التواصل مع الأطراف المحلية والدولية.

وقال بليحق في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "المجلس لا يزال منعقداً حتى الساعة لمناقشة بندين، أولهما توحيد مؤسسات الدولة المنقسمة، والثاني إعادة تشكيل المجلس الرئاسي"، مرجحاً أن ترفع الجلسة إلى يوم الاثنين المقبل، لمواصلة مناقشة البنود المتبقية.

وأكد بليحق أن المجلس لم ينقطع عن مواكبة أحداث البلاد، مذكراً ببيانات رئيسه عقيلة صالح، المطالبة بوقف العنف والتصعيد في طرابلس.

وفيما أكد مصدر برلماني من طبرق لـ"العربي الجديد" أن جلسة اليوم "الطارئة" لم يشارك فيها أكثر من 20 نائباً من أصل مئتي نائب، أعلنت إدارة التواصل والإعلام التابعة للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، عن عقد نائب رئيس المجلس، أحمد امعيتيق، اجتماعاً موسعاً في طرابلس، اليوم، مع عدد من نواب مجلس النواب لمناقشة مستجدات أوضاع العاصمة.

ونقل المكتب عن المشاركين في الاجتماع ثناءهم على جهود لجنة الطوارئ والأزمة التي شكلتها "حكومة الوفاق" إثر اندلاع المواجهات في العاصمة  وجهودها لـ"تذليل المشاكل والصعوبات التي أعاقت الحياة اليومية للمواطنين في مختلف المجالات".

وتعليقاً على عقد النواب لجلسة اليوم، رأى المحلل السياسي الليبي الجيلاني ازهيمة أن مجلس النواب "استشعر خطورة الوضع الذي يعيشه حالياً، وهو يعدّ أنفاسه الأخيرة"، لافتاً إلى أن "مسار الأحداث وتطورها في طرابلس مؤخراً، يشير بكل وضوح الى رغبة دولية واضحة في كسر الجمود السياسي، وتجاوز المعرقلين لجهود التسوية والتقارب، وبالتالي فمجلس النواب على رأس المعرقلين"، مؤكداً بحسب رأيه أن طرابلس أقصت كل المنافسين.

واعتبر في حديث لـ"العربي الجديد" أن "حكومة الوفاق التي أشارت بنود جلسة مجلس النواب اليوم إلى تهديدها، من خلال إبداء رغبتها في إعادة تشكيل مجلسها الرئاسي، نجحت في لجم المليشيات، وهي قائمة على فرض الترتيبات الأمنية حالياً، أما أهم نجاحاتها، فبرنامج الإصلاحات الاقتصادية الذي أقرته يوم أمس، ما يعني أن المال والنفط وإدارتهما أصبحت في يد الحكومة، أما إزاحتها بعد كل هذا الحشد الدولي والدعم الأممي الذي واكب كل خطواتها الأخيرة، فهو أمر مستحيل".


وتساءل ازهيمة "ما الذي أيقظ النواب من سباتهم الآن، حتى انتبهوا الى أهمية توحيد المؤسسات؟ وهل توفر لديهم حل سحري؟ وهل يمكنهم التنازل عن قرارات إقالة محافظ المصرف المركزي ومؤسسة النفط وغيرها من المؤسسات السيادية؟"، لافتاً إلى أن النواب أيقنوا أنهم "في ورطة حقيقة"، وبالتالي فإعلان تشكيل لجنة لمتابعة أحداث طرابلس، هي للقول "أننا هنا ويمكننا التواصل معكم مجدداً"، أما إرجاء مناقشة بند إعادة تشكيل المجلس الرئاسي "يعني ضمنياً أنهم عاجزون عن هذا الأمر، بل هو يستحيل عليهم".

وبينما أقرّ الناشط السياسي من طبرق، الوافي المريمي، بضعف مجلس النواب جرّاء انقسام كتله النيابية، وتأثير اختلاف المواقف بين النواب بشأن الاتفاق السياسي الموقف من اللواء المتقاعد خليفة حفتر، إلا أنه أكد أن المجلس "لا يزال يمثل الجهة التشريعية في البلاد، ولا يمكن تجاوزه".

كذلك رأى الناشط في حديث لـ"العربي الجديد" أن "المجلس مغيب بالفعل عن الواقع، لكن لا يمكن تجاوزه، لأن شرعيته مستمدة من الاتفاق السياسي الذي أوجد كل الفرقاء الحاليين، وهو يمثل طرفاً أساسياً في البلاد، ولا يمكن أن تنتج أحداث طرابلس انتصار طرف على آخر".

وأشار المريمي الى أن "المجتمع الدولي لا ينظر إلى الفرقاء في البلاد كخصوم، بل كأطراف يجب جمعها لتتحاور وتتفق، فكيف يمكن أن توافق الأسرة الدولية على إلغاء طرف مهم كالنواب؟".

وبشأن جلسة اليوم، قال المريمي إن "الجلسة طارئة استلزمتها الأحداث الحالية، والمجلس بهذا الشكل يمارس دوره في متابعة الأوضاع وإصدار القرارات بشأنها". وحول بند إعادة تشكيل المجلس الرئاسي، أوضح أن "هذا البند استجابة لمطالب 80 نائباً من المجلس كانوا يؤيدون المجلس الرئاسي، ولكنهم تراجعوا في بيان مشترك قبل أسبوعين، وطالبوا بإعادة تشكيله"، مشيراً إلى أن تفجر الوضع في طرابلس أظهر عجز المجلس الرئاسي بالفعل، وأوجب إعادة تشكيله.

لكن المريمي أقر بعجز المجلس عن فرض قراراته "حتى ولو صدرت بإعادة تشكيل المجلس الرئاسي"، معتبراً أن "مجلس النواب طرف ليبي، ومن حقه المناورة، إن كان الهدف من جلسة اليوم لفت أنظار الفاعلين في طرابلس إلى وجوده على رأس السلطة التشريعية".​