لوبان في بيروت... علاقة تاريخية للحزب المتطرّف باليمين اللبناني

باريس

عبد الإله الصالحي

avata
عبد الإله الصالحي
20 فبراير 2017
E2A7F42A-5318-4555-9C26-1A3D23FA7454
+ الخط -




تُثير زيارة مرشحة حزب "الجبهة الوطنية" اليميني المتطرف للانتخابات الرئاسية الفرنسية مارين لوبان، إلى لبنان، اليوم الاثنين وغداً الثلاثاء، العديد من التساؤلات في فرنسا بخصوص العلاقة القوية بين هذا الحزب وقسم كبير مما كان يسمى تاريخياً "أحزاب اليمين المسيحي اللبناني".

وأجمع المعلّقون على أنّ اختيار لوبان زيارة لبنان، ليس وليد الصدفة، لأنّها الفرصة الأولى التي أتيحت لها للقاء الرئيس اللبناني ميشال عون، اليوم الاثنين، ورئيس الوزراء سعد الحريري، وهي التي لم تحظ أبداً بهذا "الشرف البروتوكولي" منذ وصولها إلى رئاسة الحزب اليميني المتطرّف.

ويتمتّع حزب لوبان بعلاقات قوية وتاريخية مع بعض الأحزاب اللبنانية الطائفية، على خلفية تقارب إيديولوجي وسياسي، أكّده مؤسس الحزب جان ماري لوبان في تصريح لصحيفة "لوموند"، قال فيه "لدينا عاطفة خاصة تجاه لبنان، وأعتقد أنّها متبادلة وتجمعنا توازيات إيديولوجية وسياسية مع المسيحيين هناك".

وكان عون قد التقى مرات عديدة مع جان ماري لوبان في التسعينيات، عندما كان منفياً في باريس ويدير شؤون "التيار الوطني الحر" من هناك. كما تمتّع لوبان بدوره بعلاقة جيدة مع الزعيم اللبناني الراحل ريمون إدة، خلال إقامته في فرنسا، وشارك شخصياً في مراسم تأبين الأخير عام 2000. ومساء أمس الأحد، أعرب رئيس "حزب السلام" روجيه إدة، خلال استقبال مارين لوبان في جبيل، شمالي لبنان، عن ترحيبه الشديد بها، قائلاً إنّه "باستقبالنا لمارين لوبان نحن نستقبل رئيسة الحزب الفرنسي الأول".

وتعود العلاقات القوية بين حزب "الجبهة الوطنية"، وقسم من ممثلي اليمين المسيحي في لبنان، إلى فترة الحرب الأهلية اللبنانية ما بين العام 1975 و1990، فخلال هذه الحرب، التحق العديد من كوادر حزب "الجبهة الوطنية" بمليشيات حزبي "الكتائب" و"القوات اللبنانية"، وقاتلوا إلى جانبها، ومنهم من لا يزال يتقلّد مناصب مهمة في الحزب الفرنسي، ويتواجد في دائرة المقربين لمارين لوبان؛ منهم مثلاً والران دو سانت جوست، وهو مسؤول عن مالية الحزب ورئيس فريق نواب "الجبهة الوطنية" في مجلس باريس الإقليمي، والمرشح السابق لبلدية باريس، وتربطه علاقة صداقة قديمة بزعيم "القوات اللبنانية" سمير جعجع، الذي سيلتقي لوبان بدوره، غداً الثلاثاء.

ومن هؤلاء أيضاً، النائب في منطقة برافانس ألب كوت دازور، تيبوت دولا توكني، وعضو مكتب إدارة الحملة الانتخابية لمرشحة "الجبهة الوطنية"، والذي حمل السلاح إلى جانب مقاتلي "الكتائب" وشارك في "حرب الجبل" الطائفية (بين الحزب التقدمي الاشتراكي ذي الغالبية الدرزية، وأحزاب اليمين المسيحي في حينها بين عامي 1983 و1984).

ولا يزال توكني يتباهى بذكريات هذه الحرب، وعبّر عن ذلك في تصريح لصحيفة "لوموند"، اليوم الاثنين، بقوله "لقد قاتلنا مع اللبنانيين ضد الإرهاب الثوري الإسلامي".

وربط توكني بين ذكريات هذه الحرب وبين الحرب الحالية ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، متجاهلاً أنّ خصوم اليمين المسيحي خلال الحرب الأهلية كانوا من اليسار التقدّمي اللبناني، والتنظيمات الفلسطينية خصوصاً.

وفضلاً عن هذه العلاقة التاريخية بين "الجبهة الوطنية"، والتيارات المسيحية اللبنانية، هناك حضور لافت لعدد من اللبنانيين من حملة الجنسية الفرنسية، في أجهزة الحزب الفرنسي؛ منهم المحامي إيلي حاتم، المستشار السياسي لمؤسس الحزب جان ماري لوبان، وهو الوجه المعروف في وسائل الإعلام العربية بدفاعه عن الحزب.

ويتمتع الحزب الفرنسي المتطرف الذي يرفع منذ عقود شعار "الدفاع عن مسيحيي الشرق في مواجهة المدّ الإسلامي"، بقاعدة انتخابية وازنة بين أوساط لبنانيين وفرنسيين متحدرين من أصول لبنانية، تجذبهم أفكار وشعارات الحزب اليميني المتطرف المعادي للمهاجرين والإسلام بشكل خاص، كما للحزب جمعية ناشطة في لبنان، هي جمعية "الجبهة الوطنية - لبنان"، وترأسها المحامية ماريا جلاد.


ذات صلة

الصورة
أنشطة ترفيهية للأطفال النازحين إلى طرابلس (العربي الجديد)

مجتمع

أطلقت منظمات وجمعيات أهلية في مدينة طرابلس اللبنانية مبادرات للتعاطي مع تبعات موجة النزوح الكبيرة التي شهدتها المدينة خلال الفترة الأخيرة.
الصورة
دمار جراء غارات إسرائيلية على بعلبك، 25 أكتوبر 2024 (Getty)

سياسة

شنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي سلسلة غارات دموية على مناطق عدّة في محافظة بعلبك الهرمل اللبنانية أدت إلى سقوط عدد كبيرٍ من الشهداء والجرحى وتسجيل دمار كبير
الصورة
غارة جوية على قرية الخيام جنوب لبنان، 3 أكتوبر 2024 (فرانس برس)

سياسة

يكثّف جيش الاحتلال الإسرائيلي من سياسة تدمير المربعات السكنية ونسفها في جنوب لبنان على غرار الاستراتيجية التي يعتمدها في غزة منذ بدء حربه على القطاع
الصورة
آلية عسكرية إسرائيلية قرب حدود قطاع غزة، 6 أكتوبر 2024 (ميناحيم كاهانا/فرانس برس)

سياسة

شهر أكتوبر الحالي هو الأصعب على إسرائيل منذ بداية العام 2024، إذ قُتل فيه 64 إسرائيلياً على الأقل، معظمهم جنود، خلال عمليات الاحتلال في غزة ولبنان والضفة.
المساهمون