لم يطاول التعديل الوزاري المصري، يوم الأربعاء، وزير الداخلية اللواء مجدي عبد الغفار، رغم الفشل الأمني وانتهاكات أفراد الشرطة في عهده، منذ توليه المنصب في مارس/آذار من العام الماضي. عبد الغفار، الذي كان رئيساً لجهاز الأمن الوطني، عقب ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، وأُحيل إلى التقاعد، جاء إلى الوزارة بدعم كبير من مستشار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اللواء أحمد جمال. وجاء اختيار وزير الداخلية الحالي، بعد سلسلة إخفاقات وفشل أمني كبير من سابقه اللواء محمد إبراهيم، الذي كان شريكاً أساسياً للسيسي في الانقلاب على الرئيس محمد مرسي.
وقد احتفظ بموقعه، رغم الفشل الأمني الكبير الذي تشهده مصر في مواجهة الإرهاب والعمليات المسلحة في قلب العاصمة المصرية، فضلاً عن انتهاكات كبيرة من قبل جهاز الشرطة ضد مواطنين، وتردي الأوضاع في السجون، وقتل المحتجزين على خلفية سياسية في أقسام الشرطة والسجون.
في هذا السياق، تؤكد مصادر سياسية مقرّبة من دوائر صنع القرار، أنه تمّ التطرّق لمسألة الإطاحة بوزير الداخلية الحالي خلال التعديل الوزاري الأخير، إلا أن هذا الاتجاه لم يكن قوياً لدى مؤسسة الرئاسة في تغييره.
وتفيد المصادر، لـ"العربي الجديد"، بأنه "لم يكن هناك أسماء قوية لتولّي وزارة الداخلية، فضلاً عن أن السيسي راضٍ عن أداء عبد الغفار رغم الفشل".
اقرأ أيضاً: تمرير أممي لمشروع قرار "آثار الإرهاب على حقوق الإنسان"
وتضيف المصادر أن "عبد الغفار نجح إلى حدّ بعيد في تحجيم دور جهاز الأمن الوطني، اعتماداً على علاقاته وصلاته بأفراده، لضمان السيطرة عليه وعدم العمل ضد النظام الحالي". وتشير إلى أن "تفضيل استمرار الوزير الحالي، لكونه شخصية قوية داخل الوزارة، وهناك حاجة ماسة لتولي ضابط من أمن الدولة قيادة المرحلة الحالية في فترة نشاط الإرهاب والعمل المسلح ضد الدولة". وتشدّد على أن "عبد الغفار نجح في التعامل العنيف مع معارضي السيسي، وبالتالي بقاؤه واستمراره في منصبه أمر ضروري، وفقاً لرؤية مؤسسة الرئاسة".
من جهته، يتفق الخبير الأمني العميد محمود قطري، حول مسألة رضى السيسي عن أداء عبد الغفار، في ضوء المرحلة التي تشهدها مصر. ويقول قطري لـ"العربي الجديد"، إنه "في حالة عدم رضى النظام الحالي عن وزير الداخلية، لكان التعديل الوزاري طاوله بالتأكيد، حتى إن الأخبار لم تتحدث عن وجود اتجاه للتفكير في التغيير". ويضيف أن "السيسي معجب بأداء الوزير الحالي، لناحية العنف المستخدم في مواجهة الخصوم السياسيين، وهذا خطأ بالتأكيد، فهناك فارق بين القوة في التعامل والعنف، والأخير لا يولّد إلا الغضب".
ويلفت إلى أن "عبد الغفار لديه شخصية قوية، وهو ما دفع السيسي للإبقاء عليه، فضلاً عن أنه من وجهة نظر النظام الحالي فإنه الشخصية المناسبة لتولي وزارة الداخلية في ظل الظروف التي تمر بها مصر". ويؤكد قطري، أن "وزير الداخلية الحالي كان ضابط أمن دولة، وتولى إدارة الجهاز عقب ثورة يناير، وفي رأي السيسي فإن الفترة تحتاج لشخصية من الجهاز في إطار مواجهة الإرهاب، وهذا خطأ كبير".
ويوضح الخبير الأمني، أن "السيسي يظنّ أن ضابطاً من الأمن الوطني يمكن أن يوقف الإرهاب، وهو ما لم يتحقق وبالعكس، فيما الأفضل لتولي منصب وزير الداخلية من الأمن العام، لحفظ الأمن الداخلي، بما يسهم أيضا في القضاء على الإرهاب والعنف".
ويشدّد على أن "بقاء عبد الغفار، هو ضمانة للسيطرة على جهاز الأمن الوطني، لعمله فيه خلال سنوات طويلة وتولية رئاسته في فترة من الفترات". وتوجّه انتقادات لأداء وزارة الداخلية، ليس فقط في التفرغ لملاحقة المعارضين سياسياً للنظام الحالي، ولكن أيضاً الفشل في التعامل مع ملف سيناء، فضلاً عن عدم القدرة على تفكيك الخلايا المسلحة التي تعمل في القاهرة الكبرى والمحافظات المختلفة.
اقرأ أيضاً: التعديل الحكومي المصري... نيوليبرالية ورموز مبارك وطمأنة رجال الأعمال