وتضيف المصادر أن مساعد وزير الدفاع للشؤون القانونية والبرلمانية، اللواء ممدوح شاهين، هو من أوصى بعقد هذه اللقاءات، بالتنسيق مع مدير مكتب رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسي، اللواء عباس كامل، نظراً لما لاحظه خلال الجلسات العامة والمغلقة بمجلس النواب ولجانه الداخلية من وقوف بعض النواب ضد الأفكار الأساسية لمشاريع القوانين التي يتقدم بها الجيش، وفي مقدمتها مشاريع زيادة المعاشات العسكرية وإنشاء صندوق تأمين لأعضاء القضاء العسكري.
ويبرّر شاهين توصيته بوجود ما وصفه بـ"تيار برلماني له علاقات بجهات محلية وأجنبية معروفة بمعارضتها لسياسات الدولة وانتقاداتها للقوات المسلحة، ومحاولتها تأليب الشعب على قيادة جيشه"، بحسب أحد المصادر الذي حضر اجتماعاً خاصاً جمع شاهين بعدد من نواب ائتلاف "دعم مصر" المؤيد لسياسات السيسي، بعد إقرار مشروع قانون إنشاء صندوق مالي للقضاء العسكري.
وتلفت هذه المصادر أن الاعتراضات التي أبداها بعض النواب خلال الفترة الأخيرة على المشاريع الخاصة بالجيش أثارت قلق الرئاسة ووزارة الدفاع، على الرغم من خفوت أصوات المعارضين، وتعامل رئيس مجلس النواب علي عبدالعال معها بقسوة بلغت حد التهديد، كما فعل، أخيراً، مع النائب محمد أنور السادات. وتساءل الأخير عن مدى قانونية جمع العسكريين المتقاعدين بين المعاش المقرر لهم والقابل للزيادة وبين الرواتب التي يتقاضونها من وظائفهم المدنية التي يتولونها بعد التقاعد، بما في ذلك المحافظون والوزراء.
ويعود القلق إلى أن السيسي قد وعد القيادة العامة للجيش بتمرير قرارات وقوانين خلال العام المالي الحالي 2016-2017، تسمح بتوسيع أنشطة الجيش الاقتصادية بصورة أكبر من الوضع الحالي، بما يجعله الفاعل الرئيسي في الاقتصاد القومي، وذلك من خلال تقنين عمليات استيراده السلع والخدمات الضرورية والترفيهية، والمساهمة في تمويل السوق التموينية مع وزارتي التجارة والصناعة والتموين، مع منحه الإعفاءات الضريبية والجمركية اللازمة لذلك.
ووفقاً للمصادر ذاتها، فإن السيسي الذي منح الجيش قبل انعقاد البرلمان بأشهر عدة حق إنشاء شركات مع المستثمرين لتجارة الأراضي وإنشاء وإدارة المجتمعات العمرانية، بصدد إصدار قرارات جديدة تقنن الدور الذي قام به الجيش على نطاق محدود خلال العام الحالي لتزويد السوق المحلية بالسلع الاستهلاكية. وكان السوق يقتصر في البداية على بيع السلع التي تنتجها شركات الجيش للإنتاج الحيواني والزراعي والسمكي، وهناك محاولات حالياً لتحويل الجيش إلى مستورد وحيد لسلع استهلاكية أخرى ليس لها بدائل محلية أو يجب استيرادها لسد احتياجات السوق المحلية.
وتوضح المصادر أن الوضع الجديد الذي يريد السيسي ترسيخه بتدخل الجيش كمستورد رئيسي لمختلف أنواع السلع يتطلب تغييراً جذرياً في بعض القوانين الخاصة بالمؤسسة العسكرية، بالإضافة إلى ضمان عدم اعتراض النواب على موازنة العام المالي المقبل التي ستنعكس عليها هذه الأدوار الجديدة للجيش، خصوصاً في ما يتعلق بمخصصاته التي يتم اعتمادها رقماً واحداً من دون تفصيل.
وتؤكد بعض المعلومات أن هذا الوضع يرضي تماماً قيادة المؤسسة العسكرية، نظراً لما يدره على الجيش عموماً، والقيادة خصوصاً من أرباح مالية عالية، سواء بطريقة مباشرة عن طريق تعظيم موارد ومداخيل الجيش من خلال أنشطته التجارية المباشرة، أو غير مباشرة من خلال ضمان سرية واستقلال اقتصاد شركات الجيش باعتبارها تقدم دعماً للاقتصاد القومي.
وانتشرت شائعات في الأوساط السياسية والإعلامية خلال الساعات الماضية عن احتمال تكليف السيسي للجيش بالتدخل في عملية إنقاذ قيمة الجنيه المصري من التدهور المستمر مقابل الدولار الأميركي، وهو ما دعمته تقارير صحافية محلية عن جمع مكثف للدولار من السوق السوداء بواسطة جهة سيادية، إلّا أن اجتماع وزير الدفاع بالنواب لم يتطرق إلى هذه القضية بصورة مباشرة.
بينما تشير المصادر إلى أن وزير الدفاع ومعه مدير المخابرات الحربية ومسؤولون بالهيئة الهندسية وفي هيئة الخدمة الوطنية المالكة للشركات المنتجة للسلع الاستهلاكية بالجيش تحدثوا عن "تدخل واسع للجيش في عمليات استيراد السلع والخامات لصالح الدولة"، في إطار "دعم اقتصاد الدولة" من دون توضيح طبيعة هذه السلع. كما تحدث مسؤولون عسكريون خلال اللقاء عما وصفوه بنجاحهم في تنفيذ 1000 مشروع من إجمالي 1700 كلفهم السيسي بتنفيذها منذ توليه منصبه ومنها مشاريع الطرق والاستزراع السمكي، بالإضافة إلى دعم تسليح الجيش المصري بأسلحة روسية وفرنسية وأميركية لمواجهة ما وصفوه بـ"أخطار الإرهاب" على الحدود الشرقية والغربية، وفقاً للمصادر.