وبحسب مصدر أمني رفيع في سبها، فإن لقاءً موسعاً شهدته "قاعدة براك الشاطئ" القريبة من المدينة، والخاضعة لسلطة اللواء المتفاعد خليفة حفتر، ليل أمس الأحد، جمع قيادات من قوات الأخير، وعسكريين من "اللواء السادس مشاة" التابع لحكومة الوفاق، فيما أكد المصدر، لـ"العربي الجديد"، أن لقاءً آخراً سيعقد، اليوم الاثنين، بين الطرفين في أحد المقار الأمنية بسبها لبحث مستجدات الأوضاع الأمنية في المدينة، وذلك في إشارة إلى بروز بوادر تقارب بين القوتين، ربما قد تؤدي إلى توحيد الجبهة ضد مليشيات قبائل التبو، التي يشاع استعانتها بمرتزقة حركات معارضة تشادية في المنطقة.
وأصدر حفتر، ليل أمس، بحسب منشور على صفحة قيادة قواته، تعليماته بإطلاق عملية تهدف إلى "فرض القانون في الجنوب الليبي"، مشيراً إلى أن أوامره وصلت إلى "جميع الوحدات العسكرية والأمنية في الجنوب الليبي للقيام بالعملية"، بما فيها "غرفة عمليات القوات الجوية إلى قاعدة براك الشاطئ الجوية".
وجاء الإعلان بعد ساعات من قرار رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، فائز السراج، عن "تشكيل قوة عسكرية لتأمين وحماية المنطقة الجنوبية من كافة الأخطار"، بحسب المكتب الإعلامي للسراج.
اللافت في قرار السراج أنه جاء إثر انتهاء لقائه، يوم أمس، بضباط يشغلون مهمة عضوية لجنة توحيد الجيش الليبي، التي تشارك في لقاءات ترعاها القاهرة منذ أشهر بين ضباط المنطقة الغربية والشرقية، لتوحيد الجيش.
وحمل قرار السراج، الذي نشره مكتبه الإعلامي، عزمه على تقديم الدعم للقوة التابعة لحكومة الوفاق الوطني بالمنطقة الجنوبية، وسط تساؤلات عن شكل الوضع القادم بالجنوب، وما إذا كان سيحمل أولى بوادر توحيد مؤسسة الجيش، أم سيتجه إلى مواجهة جديدة ومعلنة بين قوتي حفتر و"الوفاق".
ويرى الخبير الأمني الليبي محيي الدين زكري، أن الفترة المقبلة ستتسم بالمراوحة بالنسبة للقوتين، قوة الوفاق وقوة حفتر، وسيترك المجال للوساطات الاجتماعية التي تجري حالياً، لإقناع التبو بوقف إطلاق النار والدخول في مفاوضات مباشرة مع خصومها المسلحين من قبيلة أولاد سليمان.
ويعتبر زكري، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "حفتر يناور كعادته، فقراره يشير إلى فرض حالة أمنية في كامل الجنوب، ولم يشر إلى سبها، مع أن إمداداته العسكرية تصل إلى قاعدة براك القريبة منها، ولن يطمئن إلى التحالف مع قوات حكومة الوفاق ما لم يصدر شيء رسمي من لجنة القاهرة، التي يسعى من خلالها للحصول على منصب قائد الجيش"، مشيرا إلى أن تعزيزاته الأخيرة رسالة مفادها أنه قادر على فرض سيطرته على الجنوب.
ويرى الخبير الأمني أن "حفتر لن يدخل في مواجهة عسكرية حالياً، كما أن اللواء السادس المؤلف من أولاد سليمان، والتابع لحكومة الوفاق، ليس في مصلحته الدخول في حرب مع حفتر، وبالتالي فإن الوضع لن يتخطى التهدئة والدخول في الوساطات"، لافتاً إلى أن "لا جديد سوى خلع حفتر حليفَه السابق، وهي قبيلة التبو، التي كانت رفيقته السابقة في معارك الجنوب، والتي اتهمها أخيراً بأنها تجلب مرتزقة من تشاد".
من جهته، يعتبر المحلل السياسي الليبي جمعة بوسعدة، أن وضع سبها دخل مجال المبارزة السياسية، قائلاً في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "دولاً، كتشاد وفرنسا، هي التي فرضت على حفتر التخلي عن التبو الموالين والداعمين لحركات التمرد التشادية، كما أن التبو لا يخدمون مصالح حفتر كونهم غير منضبطين، وهم مسلحون عابرون للحدود أكثر منهم نظاميين"، لافتاً إلى أن سياسات حفتر تشبه بعضها، فقد تخلى عن قبائل في شرق ليبيا بعدما كانت حليفة له.
ويشير بوسعدة إلى أن "ما يحدث في سبها هو موافقة على التقارب من قبل حفتر أمام الرأي العام فقط، بعدما أبدت حكومة الوفاق مرونة خلال جلسات القاهرة الساعية لتوحيد الجيش، وقبولها بحفتر في مناصب عسكرية رفيعة"، لافتاً إلى أن حفتر مضطر من جهة أخرى للتقارب مع حكومة الوفاق التي بدت أكثر قوة في الشرق، لا سيما أن قبائل كالبراغثة المؤثرين أمنياً وعسكرياً في بنغازي هم أكثر ولاء لحكومة الوفاق.
ويتفق كل من بوسعدة وزكري على أن الوضع في سبها لن يشهد تقارباً كبيراً بين قوتي حفتر وحكومة الوفاق في الوقت الحالي، لكنه ربما يكون رهين وضع متفجر إذا لم تأت نتائج لقاءات القاهرة التي ينتظر أن تتجدد جلساتها خلال شهر مارس/ آذار الحالي، بما يرضي حفتر وطموحه العسكري.