تبدو السلطات اللبنانية كالجزر المُنعزلة عند الحديث عن أزمة النفايات والسبل المطروحة لحلها، بعد مرور نحو أسبوع على عودة النفايات للتكدس في بعض مناطق محافظتي بيروت وجبل لبنان.
وخرج مقرر لجنة المال النيابية، النائب إبراهيم كنعان، من اجتماع عقده الأربعاء، مع رؤساء البلديات المعنية ومع الأطراف السياسية المعنية بالتفاوض على المواقع المُقترحة لطمر النفايات فيها لإعلان "خطة من أربع خطوات لرفع النفايات من الشارع". وخرج قبله وزير الزراعة أكرم شهيب، المُكلف من الحكومة متابعة تنفيذ خطة النفايات، ليؤكد في مؤتمر صحافي مُنفصل أن "كل ما يخرج عن اجتماع لجنة المال المُنعقدة في البرلمان مهمته الوحيدة تعزيز الخطة الحكومية".
ولم يفهم الرأي العام إن كانت الخطة النيابية ستعزز الخطة الحكومية، أم أنها تُشكل مخرجاً للخلل في تطبيق خطة الحكومة مع اعتراض "حزب الكتائب" على فتح مطمر بحري في منطقة برج حمود. بعكس نجاح الخطة في منطقة الكوستابرافا جنوبي العاصمة، حيث تجرى أعمال الطمر على قدم وساق.
وحدد النائب كنعان أربع خطوات لرفع النفايات من الشوارع وهي: "تحسين شروط الرقابة بشأن أعمال المعالجة (فرز، تسبيخ)، رفع مستوى إمكانات المعامل (العمروسية، الكرنتينا، الكورال) لفرز أكبر كمية ممكنة من النفايات قبل طمرها، وضع دراسة أثر بيئي للمشروع، ثم المباشرة برفع النفايات من الشوارع نحو المطمر الواقعي القائم وهو مطمر برج حمود". وقدم النائب المنتمي لـ"تكتل التغيير والإصلاح" سقفاً زمنياً قصيراً لتنفيذ الخطوات الثلاث الأولى، وهو 24 ساعة فقط.
وسبق كنعان في التصريح، الأمين العام لـ"حزب الطاشناق" الأرمني، أغوب بقرادونيان، والذي أكد "التزام أهالي برج حمود بتطبيق الخطة الحكومية كما تم الاتفاق عليها، وحتى ذلك الحين لن نقبل بدخول كيس نفايات واحد إلى موقع تخزينها القائم في المنطقة".
وتؤكد مصادر سياسية رفيعة المستوى لـ"العربي الجديد" أن "موقف الطاشناق يأتي للحفاظ على نحو 40 مليون دولار أميركي وعدت الحكومة بتقديمها للبلديات المحيطة بالمطمر طوال مدة تنفيذ الخطة (أربع سنوات)".
وفي مؤشر على ضعف التنسيق بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، أتى كلام وزير الزراعة مخالفاً لكلام النائب كنعان بشأن دراسة الأثر البيئي، إذ أكد النائب أنها "ستُنجز خلال 24 ساعة"، بينما قال شهيب في مؤتمره الصحافي إنها "وُضعت بالفعل ومشروع المطمرين الصحيين سيمضي العمل به لأنه الوحيد".
وانتقد شهيب "سؤال البعض عن دراسة الأثر البيئي، رغم طمرنا لحوالي مليون طن نفايات في مطمر الناعمة من دون دراسة أثر بيئي". وعلل شهيب كلامه بـ"أنه ليس لدينا مواطنون بسمنة وآخرون بزيت"، وهو كلام يحمل معنى طائفياً مع اعتراض أهالي منطقة برج حمود ذات الأغلبية المسيحية على تحويلها لمطمر، على الرغم من قبول أهالي الناعمة ذات الأغلبية المُسلمة طمر نفايات محافظتي بيروت وجبل لبنان فيها لمدة 25 عاماً تقريباً من دون فرز.